الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 أنبـل خيـانة

أنبـل خيـانة

لا شك أن الخيانة أمر مذموم ولا يمكن اعتباره فعلا مبررا بأى حال من الأحوال بل هو فعل يستوجب العقاب الذى قد يصل إلى حد الموت فى حالة خيانة الأوطان على سبيل المثال إلا أننا أمام علاقة صداقة جمعت بين الكاتب التشيكى الأصل الشهير فرانز كافكا رائد ما يطلق عليه «الكتابة الكابوسية» وبين صديقه الأقرب ماكس برود والذى عينه كافكا مسئولا عن تنفيذ وصيته بعد الموت والتى كان من ضمنها أن يقوم بحرق كل أعمال كافكا التى لم تكن خرجت إلى النور بعد، إلا أن برود خالف هذه الوصية وقام بنشر عدد من تلك الأعمال منها ثلاثة أعمال نشرها فى الأعوام الثلاثة التالية للوفاة-1924- وهى «المحاكمة» و«القلعة» و«أمريكا» ثم عندما هرب برود الى براغ مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939 حمل معه عددا كبيرا من الأعمال غير المنشورة والتى تمكن من نشرها لاحقا فى ستة مجلدات كبيرة تحتوى على مذكرات ويوميات منها الكتاب الشهير «رسائل إلى ميلينا» الذى تم نشره عام 1952، واستمر فى خيانة الوصية إلى أن مات حيث أوصى قبل وفاته-1968- بحماية باقى الأعمال الأدبية والأوراق المكتوبة بخط يد كافكا منها إحدى المخطوطات الأصلية لرواية «القلعة» والتى بيعت عام 1988 بمبلغ مليونى دولار كاملين.



عوددة إلى كتاب «رسائل الى ميلينا» والتى تعتبر إحدى أهم رسائل الحب فى العصر الحديث كتبها كافكا إلى ميلينا المترجمة التى تعرف عليها أثناء قيامها بترجمة رواية «الوقاد عام 1920 وعلى الرغم من أنهما لم يلتقيا إلا مرات معدودة الا أن المآسى كانت تحول حوليهما فميلينا متزوجة وتعانى من مشكلات كثيرة وكافكا كان مريضا بالسل حتى وفاته، أما ميلينا فقد انفصلت عن زوجها فى العام التالى لوفاة كافكا ثم تزوجت مرة أخرى بعد ثلاث سنوات -1928-ولكن خلال حملها أصيبت بشلل جزئى لم تتعاف منه فأدمنت المورفين والمسكنات ثم سرعان ما انفصلت عن زوجها الثانى وتوفيت بعد ذلك بالفشل الكلوى عام 1944.

أما عن أمر الخيانة المعروف بين أوساط المثقفين بأنها «أنبل خيانة» فإن ماكس برود يعود إليه الفضل أصلا فى تشجيع كافكا على الكتابة والنشر كما أنه قد برر خيانته تلك لاحقا بأنها لم تكن كما يشاع فالأمر الذى طلبه منه كافكا رفضه تماما أثناء النقاش معه بل أنه قد طالبه بتعيين شخص آخر لتنفيذ الوصية فى حالة إصراره عليها وهو ما لم يقم به كافكا حتى وفاته.