الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«أى كلام» لأحمد رجب وجمال الغيطانى!

«أى كلام» لأحمد رجب وجمال الغيطانى!

«أى كلام» واحد من أجمل وأعمق كتب الساخر العظيم الأستاذ «أحمد رجب»، درس فى الكتابة الراقية الساخرة والساحرة أيضًا. ورغم مرور 32 سنة على صدوره (أغسطس 1990) فلا یزال مبهجًا وممتعًا.



لن أحدثك عن مواضيع الكتاب سأعرض لك المقدمة الرائعة التى كتبها الأديب الأستاذ «جمال الغيطانى» المشرف على تحرير سلسلة «كتاب اليوم» التى أصدرت الكتاب.

المقدمة بعنوان «أى كلام وصورة من قريب» وتقول:

«يمكن أن تضبط ساعتك عند ظهور سيارته أمام المبنى القديم لدار أخبار اليوم، بالضبط تمام العاشرة ينزل من مقعده الأمامى المجاور للسائق ثم يمضى مباشرة إلى المدخل إلى المصعد إلى الحجرة رقم 53 التى يقول إنه قضى نصف عمره بها، لا يلتفت يمنى ولا يسرى وإذا التقى به شخص ما، فإنه يتحاور معه بسرعة، يجيب إجابات مقتضبة وكأنه يعلن عن رغبته فى الانفراد.

يدخل الحجرة التى تقع فى الطابق الثالث، بمجرد دخوله يتقدم ليغلق الباب الخارجى بالمفتاح، هكذا تبدأ عزلة أحمد رجب اليومية، لا يرد على الهاتف ولا يستقبل أحدًا إلا فيما ندر وبموعد سابق!

لا أعرف كيف يمضى أحمد رجب وقته الذى يقع بين دخوله المكتب فى العاشرة صباحًا وحتى انصرافه فى الثانية والنصف، لا أدرى كيف يفكر ويكتب فى هذه الغرفة المغلقة عليه من الخارج، لا أدرى من أين منابع خفية تستعصى على المتابع تتفجر هذه الطاقة الساخرة النادرة وتعبر عن نفسها يوميًا وباستمرار ورغم أية ظروف معوقة أو طارئة تبرز على صفحات جريدة الأخبار لتبعث وتفجر الابتسامة من أغوار القلب واستثارة الإحساس الساخر من الشعب المصرى أمر فى حاجة إلى طاقة خارقة، لأن المصريين بطبعهم يتمتعون بحس نادر من السخرية والقدرة على توليد الفكاهة واللماحية.

ويتحدث الغيطانى عن باب نصف كلمة.. فيقول: إن السطور الأربعة أو الخمسة التى يكتبها يوميًا يعانى فى صياغتها وكتابتها معاناة شديدة، إذ يمزق ما يكتبه عدة مرات، وخلال اتصالى به من أجل إخراج هذا الكتاب اكتشفت مدى الحذر الذى يصل إلى حد الخوف الشديد من القارئ، أو لنقل بمعنى آخر الحرص على احترام القارئ! يقدم «أحمد رجب» أعماله بتواضع شديد ويعيد صياغتها أكثر من مرة!

يوميًا يجتمع بالفنان «مصطفى حسين» حيث يمده أحمد رجب» بأفكار الرسوم اليومية الثلاثة، وتلك علاقة نادرة فى تاريخ العمل الفنى والصحفى وأظن أن الذى مهد لها هو المرحوم «على أمين».. هكذا جمع بين عبقرية أحمد رجب الساخرة وموهبة مصطفى حسين النادرة 

ويكمل الاستاذ الغيطاني مقدمته قائلا:

أحمد رجب  كما عرفته مثقفا كبير، قارئا جادا للأعمال الأدبية، متابعا دقيقا لأحدث ما يظهر من نتاج فكرى وأدبى، يكن احترامًا عميقًا للموهبة الحقيقية ويعمل على دعمها، ينحاز إلى الأجمل، إلى الأصدق، مؤمنا تمامًا بحرية التعبير والتفكير، وفيا إلى حد نادر لأساتذته وأصدقائه، رأيت ذلك فى علاقته بمصطفى أمين.

سخريته فيها تأمل وعمق وحزن تستمد مقوماتها من روح ساخرة وموهبة نادرة وثقافة عريضة واستنادًا إلى تراث طويل للشعب المصرى.

لقد اختار «أحمد رجب» لكتابه هذا عنوانًا غريبًا «أى كلام» وهذا العنوان بقدر ما فيه من سخرية بقدر ما فيه من «أسى خفيف»، فالحقيقة أن الكتاب ليس أى كلام، ولكنه كلام فى المليان جدًا، فى حياتنا اليومية: فى الصحافة، فى الثقافة، فى علاقة الرجل والمرأة، هذا ما تحويه الصفحات التالية، شذرات تبدو ولكنها فى الحقيقة تتضمن رؤية متكاملة، رؤية ساخرة نفاذة، ومعذرة لهذه السطور ذات الدم الثقيل التى نقدم بها أحدث ما كتب الساخر العظيم أحمد رجب. ما كل هذا الجمال والصدق فى سطور الغيطانى وكتاب أحمد رجب!