الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الانتصار العظيم

الانتصار العظيم

أيام قليلة تفصلنا على الاحتفال بنصر أكتوبر العظيم الذى يعد من أكبر وأهم الانتصارات التى حققها جيش مصر فى تاريخه الحديث، سوف يظل هذا الانتصار الذى تحقق بإرادة أمة بأكملها ملهما للأجيال على مر العصور يتوارثه جيل بعد جيل.



انتصار أكتوبر المجيد به من الدروس والعبر التى لا بد من ذكرها ودراستها والتذكير بها على مر العصور وفى كل وقت وحين، وفى هذه السطور سوف نتذكر ما قامت به المؤسسة الدينية فى مصر وقت حرب أكتوبر المجيد متمثلة فى الأزهر الشريف والكنيسة المصرية. لقد تعددت الروايات التى أكدت أن الإمام الراحل فضيلة الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر فى هذا الوقت قد استعان بأساتذة جامعة الأزهر والعلماء والمشايخ من رجال الدعوة لتهيئة الروح المعنوية لأبطال القوات المسلحة حيث نزل الجميع مع الجنود ساحة القتال لتثبيتهم معنويا.

وفور اندلاع الحرب ذهب فضيلة الإمام الدكتور عبدالحليم محمود إلى منبر الأزهر الشريف وألقى خطبة توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع العدو الصهيونى هى حرب فى سبيل الله وأن من يموت فهو شهيد وله الجنة، أما من يتخلف عنها ثم يموت فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق، ودعا فضيلة الإمام خلال الخطبة المصريين إلى الوقوف صفا واحدًا خلف القوات المسلحة فى معركة السادس من أكتوبر والالتفاف حول قائدها الأعلى، والضرب بيد من حديد كل من يريد تفريق شمل الأمة وبث الفتن بين أبنائها تأسيا بالمسلمين الذين التفوا فى غزوة بدر حول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان يمثل القائد الأعلى.. قائلا وفى بدر التف المسلون حول القائد الأعلى، ونحن بحمد الله على طريق أهل بدر نلتف حول القائد الأعلى ونتمسك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معناه أنها ستكون فتنا فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان.

وأعلن من فوق منبر الأزهر أن معركة السادس من أكتوبر حرب مقدسة وهى فرض على جميع الدول الإسلامية، كما أن شيخ الأزهر أفتى للرئيس السادات بإمكانية إفطار الجيش المصرى فى رمضان حال حدوث معركة ومع بداية معركة السادس من أكتوبر تمت إذاعة فتوى شيخ الأزهر لعموم الجيش المصرى ولكن المفاجأة أن معظم الجيش المصرى أصر على مواصلة الصيام رغم المعركة.

أما البابا شنودة فقد قال على الجبهة متحدثا للجنود إن مصر عظيمة ومحبوبة والدفاع عنها شرف واجب وإننا نصلى باستمرار من أجلكم أن يحفظكم الله ونرجو أن تنتهى الحرب بسلام دون أن نفقد أى واحد منكم ولا حتى شعرة من رأسه وإذا كانت أرواحكم رخيصة من أجل وطنكم فهى غالية عندنا.. وقد كان هذا الوقت موافقا لصيام الأقباط فأفتى البابا بإباحة الإفطار وأكل اللحم وكل ما من شأنه تقوية الجنود على القتال فى سابقة عظيمة، ولم يكن دور الكنيسة فى حرب السادس من أكتوبر يقتصر على تشجيع المواطنين على الاندماج فى المعركة فقط بل حث البابا شنودة كل المواطنين المصريين فى الخارج بإرسال الأدوية والمعونات التى يمكن أن تساعد فى المعركة فكانت الاستجابة سريعة لكلمة البابا بعد أن تم إرسال الأدوية والمستلزمات الطبية بالطائرات من أمريكا من أقباط المهجر، وتم توزيعها على المستشفيات لوجود نقص كبير فى الأدوية فى هذا الوقت.

من يعد شريط ذكريات حرب أكتوبر سوف يقرأ ويسمع ويشاهد مصر الحقيقية التى التف فيها كل أفراد الشعب المصرى حول جيشهم العظيم.. مصر كانت على قلب رجل واحد وصوت واحد وجيش واحد حتى إن هناك مقولة شهيرة لم استطع التأكد منها أن يوم قيام الحرب وتحديدا يوم السادس من أكتوبر لم يحرر محضر شرطة واحد داخل أقسام الجمهورية، والحقيقة تقول إنه طوال وقت حرب أكتوبر خلت أقسام الشرطة من محاضر السرقة والنشل وأن الجميع كان لا يفكر إلا فى النصر على العدو الصهيونى حتى تحقق ذلك بإرادة المصريين. نحن نريد أن نسترجع هذه الذكريات فى هذه الأيام العظيمة ليستفيد منها الجيل الحالى والأجيال القادمة من أجل رفعة مصر وتقدمها وازدهارها وأنتصاراتها فى كل وقت وحين.