السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الثعابين

الثعابين

فيه دراسة نشرتها «ديلى ميل الريطانية» بتقول: «توصل باحثون يابانيون إلى نتيجة تبدو من الخيال، مفادها بأن البشر قد يتطورون، فى مرحلة ما، يكونون فيها ذا سمّية عالية مثل الثعابين.



ودرس باحثون فى جامعة أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا فى اليابان، الجينات التى تتفاعل فى سموم أفاعى تعرف بدرجة السمّية العالية فى لعابها، ويقول العلماء إن البشر قد يصيرون مثل هذه الأفاعي، لناحية وجود السمّ، وتحديدا فى اللعاب، لكنهم يؤكدون أن هذا سيحصل فى المستقبل البعيد.

واستند هؤلاء فى دراستهم، التى نشرت فى دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، إلى أن الأساس الجينى المطلوب لتطور السمَ اللعابى موجود فى كل من الزواحف والثدييات، مما يشير إلى أن البشر فى مرحلة ما سيبصقون سمّا على الأرجح».

انتهى الخبر المثير الذى يشير إلى إمكانية تطور لعاب الإنسان فى المستقبل ليصبح سما.. لكن الأكيد أن هناك بعض البشر لم ينتظروا التطور المتوقع «لو ابتلعوا لعابهم لماتوا من شدة السمية» .. فهم ينفثون سما من الآن... يعيشون كما الأفعى يتلونون ويداهنون ويلدغون بنفس سرعة الثعابين والتى قال عنها العلم أنها سرعة فائقة..فالثعبان حين ينقض على فريسته، فإنه يتحرك بسرعة هائلة، حتى أنه قد يضربها برأسه أربع مرات، فى طرفة عين.

بعض البشر تفوق على الأفعى فى التخفى والتلون وعلى عكس الأفاعى لا يتوارون عن الأنظار فلديهم قدرة مرعبة على تبنى الفكرة وعسكها، الدفاع عن الحق والباطل، الانتظار طويلا للانقضاض على الفريسة فى الوقت المناسب، لا تحركهم سوى مصالحهم الشخصية ومنافعهم المرجوة والمتوقعة، لا يترددون فى أذية أقرب الناس لهم للوصول إلى ما يريدون... هذا النوع من البشر يتصنع الود، يتقرب منك يقدم خدماته المجانية، يصعر خده للناس، كل ذلك للوصول لما يريد تماما كالثعبان الذى ربته سيدة فى منزلها منذ صغره اعتنت به وأحضرت له الطعام يوميا ولم تكن تنام إلا وهو بجوارها.. كبر الثعبان وتضخم وامتنع عن الأكل، حارت السيدة فى أمره فهو لا يفارقها ليلا ولا نهارا يلتف حول جسدها تعبير عن حبه وامتنانه لكنه لا يقرب الطعام، ذهبت به إلى الأطباء فسألوها عن المدة التى توقف فيها عن تناول الطعام وعن تصرفاته طوال هذه المدة وأخبروها أنه يقوم بتجويع نفسه لالتهامها هى، وتقربه منها والتصاقه بها ليس حبا ولا امتنانا هو فقط يقيس جسدها ليتمكن من هضمها بعد الابتلاع، هذ الثعبان مثل بعض البشر يهيئ نفسه جيدا للحظة الانقضاض، فمهما ساعدته لن يتردد فى الانقلاب عليك والتخطيط لالتهامك فى أول فرصة تحين له... يظل بلا رأى ولا قيمة خادما مطيعا سنوات وسنوات، ولكن إذا سنحت له الفرصة، يغدو من بين آكلى لحوم البشر الأكثر فتكًا وضراوة على وجه الأرض.

المثير أن البعض يعتقد أنه “حاوى” قادر على ترويض الثعابين فيقربها منه ليستفيد منها ويطلقها على منافسيه، تظل الثعابين تخدم سيدها بإخلاص طالما يضمن لها ما يسد رمقها، المكان الدافى للنوم، لكن مع أول فرصة تنقلب عليه، تعطيه سمها كاملا لا لشىء سوى أن “حاوى” آخر لوح لها بالمن والسلوى ووعدها المزيد من الطعام.

أبدا لا يتعلم الحواة الدرس، يصدقون أنفسهم، بعد أن خدعوا الناس بوهم القوة الخارقة المسيطرة على الثعابين، يصدقون الكذبة التى صنعوها بأنفسهم، وأوهموا بها الناس كما يفعل “حواة الهند” يقدمون العصا للأفعى تعض فيها مرات ومرات، تخرج كل سمها، تتعب فيخرج الحاوى مزمارا يعزف به، يظن الناس أن الأفعى تسمع العزف فتهدأ مع أن الحقيقة العلمية تقول إن الثعابين لا أذنين لها، لا يفكر أحد أن الأفعى أفرغت سمها وتعبت والآن تستريح استعدادا لجولة أخرى، تكون سما جديدا تنفثه فى وجه الحاوى لو غفل عنها دقائق.

“البشر / الأفعى” متقلبون الود لا يؤتمنون على شىء تعرفهم وقت الشدائد فكما تقول الحكمة الخالدة “متصنع الود تفضحه الشدائد“ ينقلبون عليك سريعا تتحول أحاديثهم عن الشرف والمبادئ والطيبة والأخلاق إلى نفاق وتلون وتثعلب نسبة إلى أخلاق الثعالب ... يظهر زيفهم وتكلفهم وريائهم سريعا ... فحياتهم بأكملها مصطنعة، كلها تكلف وتكبر، يظهرون للناس بوجوه متلونة غير حقيقية، تمل منهم ومن أرواحهم الباردة الباهتة.

احذر الثعابين والأفاعى المتلونة القادرة على تبنى الرأى وعكسه، الدفاع عن الحق والباطل بنفس القوة والإصرار، الجلود السميكة التى لا تشعر، وليس فى عروقها دماء، ولا تعرف وجوههم حمرة الخجل.

اعلم أنه لولا رياح الشدائد العاتية لما تكشفت الثعابين والافاعى من حولنا، لما سقطت الوجوه والأقنعة المزيفة، الكذب المتخفى بعبارات منمقة ... لولا الشدائد لبقى المنافق والمتلون والمخادع صادقا بأعيننا.

احذر متقلّب الود فهو لا يؤتمن، كما فاضح السر لا يؤتمن، وناكر الجميل لا يؤتمن، وكاسر الخواطر لا يؤتمن “.. كن حقيقياً بمقامك، بموهبتك، رضاك بما لديك وبما وهبك الله من عطايا ... كن على طبيعتك وعفويتك وشخصيتك المستقلة، صادقاً واضحاً إنساناً فى فعلك وقولك، بسيطا غير متكلف، وكن عزيز النفس شامخا أبياً كالشجر والجبال، لا تعرف الانحناء.