الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المغرب تحصد جوائز مهرجان «أيام قرطاج المسرحية» وعروض «السجون» تسمو بالإبداع على الجريمة

اختتمت السبت الماضى فعاليات الدورة الـ23 لأيام قرطاج المسرحية، شهد حفل الختام بعض التكريمات للفنانة سلوى محمد، والفنانة فاطمة بن سعيدان، الشاعر والناقد والمؤلف محمد العوني، ثم توزيع الجوائز على الفائزين بأقسامه المختلفة حيث فاز بجائزة أفضل عمل متكامل وأفضل إخراج وتمثيل نسائى وسينوغرافيا العرض المغربى «حدائق الأسرار» إخراج محمد الحر، وفاز بجائزة أفضل تمثيل رجالى غسان أشقر عن عرض «لغم أرضي» للمخرج جورج إبراهيم، وأفضل نص للكاتب عبد الحليم المسعودى عن عرض «تائهون» إخراج نزار سعيدي، أما بقسم مسرح الحرية الخاص بمسابقة مسرح السجون فازت بالمركز الثالث مناصفة عروض «هذا بختي» سجن المهدية نص وعمل جماعى و»إكس واي» من سجن النساء بمنوبة إخراج أمل البيجاوي، بالمركز الثانى فاز عرض «بالسلامة» سجن سوسة النسوى بالمسعدين إخراج نجيب زقام، وتأليف عبد القادر منصور، وفاز بالجائزة الأولى عرض «تخلبيزة» سجن برج العامرى إخراج حسان العياشى ومحمد على الجوادي.



وعن التطور الكبير الذى شهدته تجربة مسرح السجون هذه الدورة قال طارق الفني..مستشار عام ومدير البرامج الإصلاحية والتأهيلية بالهيئة العامة للسجون والإصلاح.. ومنسق لفقرة مسرح الحرية بالمهرجان: انطلقت هذه التجربة عام 2017 ، بشكل مبدئى كتجربة أولى، ثم تواصلت لمدة ست مشاركات على مدار المهرجان، كانت التجربة الأولى بعرض واحد، ثم وصلنا فيما بعد إلى 18 عرضا و23 عرضا وهذه المرة نشارك بـ12 عرضا، كانت هناك أعمال أخرى لكننا اختارنا المشاركة ب12ـ فقط، لأن العروض تم توزيعها على خمسة أيام فقط خلال فترة المهرجان، العدد لم يحتمل الزخم الكبير فى اليوم الواحد، حيث كنا نقدم ثلاثة عروض يوميا لمدة خمسة ايام من 4 حتى 8 ديسمبر الجاري.

ويضيف: تطورت التجربة هذا العام بشكل ملحوظ، وجدنا تطورا على المستوى التقني، بعض العروض استخدمت تقنيات حديثة مثل الفيديو واللعب بالإضاءة وحركة الممثلين، وبالتالى جاء الاختيار لمسرح مدار قرطاج بدلا من دار ابن خلدون كعهد الدورات السابقة، حتى يستوعب المسرح حجم التغيير والتطور الذى شهدته عروض المؤسسات السجنية هذا العام، كما كنا نريد مسرح اوسع لأن عروض السجون أصبح لها جماهير تحتاج إلى مكان لاستيعابها، ودار ثقافة ابن خلدون أضيق حجما من مدار قرطاج، سعدنا هذا العام بتطور الكبير للتجربة وفرحين بأن هذا المسرح أصبح له جمهوره.

ويشير: أحب أن أذكر بأننا كانت دائما لدينا بوادر لأعمال مسرحية منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنها كانت تجارب داخلية، داخل السجن نفسه ليس هناك إعلام أو مجال مفتوح لعرض تلك التجارب، دائما لدينا حركة ثقافية فى السجون من قبل مختصين بالمجال، الإدارة العامة للسجون والإصلاح ووزارة العدل تنتدب مختصين فى العديد من المجالات الثقافية، فى مجال المسرح والموسيقى لدينا تنشيط ثقافى لإضفاء حركة ثقافية على المنظومة الإصلاحية من طرف متخصصين فى هذه المجالات، كانت هناك مبادرات لأعمال مسرحية ومسابقات بين السجون دون أن يسمع بها الإعلام لم تتجاوز أسوار السجن، دائما نؤكد على أننا أول دولة فى العالم تبادر بتقديم عروض مسرحية وموسيقية خارج أسوار السجن، لأننا نضع فلسفة فى هذا العمل الإصلاحى فى إطار الأمن الديناميكي، بمعنى أن  تمنحين الثقة للسجين بالخروج وتقديم عمل مسرحى خارج أسواره، دون التفكير فى الهروب أوالفرار، منذ التسيعينات أعمل على رأس هذا الاختصاص، لم تحدث واقعة هروب ولو مرة واحدة، كنا نخرج بالأطفال فى كل عام للمصيف لمدة 15 يوما للتنزه مثل اى مواطن تونسي، كانت  تمر فترة السياحة دون فرار أو مشاكل، هذه المنظومة والتجربة الغاية منها تهيئتهم للإفراج لإعادة الإندماج مع المجتمع بشكل طبيعي، أهم شيء بهذا الفعل الثقافى والممارسات الثقافية تغيير سلوك هؤلاء المودعين بالمستقبل، كيف يعلم السجين أنه يستطيع أن يكون أفضل، كيف يكتشف أن لديه مؤهلات ومواهب من الممكن اكتشافها فى ظروف مختلفة، إكتشف بعضهم مع الوقت أن لديه مواهب فى أشياء متعددة يستطيع من خلالها تقديم شيء جيد للمجتمع ولنفسه، فإذا كان يظن كفرد أنه تحطم وضاع مستقبله يكتشف أن لديه موهبة ما فى الرسم أو المسرح أو الموسيقى ونوادى أدبية يجد نفسه فوق خشبة مسرح، يقدم للجمهور عملا فنيا ثم يصفق له الجمهور، كل هذه الأشياء لها أثر إيجابى كبير عليهم.

ويواصل الفني: لدينا أنشطة ونواد للمسرح والسينما والموسيقى فى كافة السجون، لدينا مسابقة فى الرسم فى كافة الوحدات السجنية ومسابقة على مستوى الوطنى فى الكتابة الأدبية، هم يكتبون أدب فى مجلة داخلية خاصة بكل وحدة من انتاج النزلاء، يتم توثيقها كل ثلاثة أشهر نكرم الوحدة السجنية التى  تميزت فى شغلها، لدينا مسابقة وطنية فى الرسم ونقيم لهم معرضا لإبداع ما قدموا من اعمال.

ويقول: خلال هذه الدورة بأيام قرطاج حدث تطور كبير على مستوى صناعة العروض المسرحية التى صنعت بأيديهم أغلب العروض من كتابة نص وإخراج وسينوغرافيا كانت من ابداع النزلاء، حدثت طفرة وتطور نتاج السنوات الماضية، اكتسبوا الخبرة والتجربة ثم استطاعوا انتاج اعمال بأيديهم من نص وإخراج واضاءة وديكور والملابس، بعض الفريق يقوم بالتمثيل وآخرون يعملون بوحدة الصوت والإضاءة، وبعيدا عن أيام قرطاج أقمنا العام الماضى أول دورة من مهرجان «الأمل» الخاص بالوحدات السجنية، وستكون هناك دورة أخرى خلال شهر يناير خارج اسوار السجن فى مدينة الثقافة او المسرح البلدى الأغلب فى مدينة الثقافة لأن هناك اتفاقية بين إدراة الشئون الثقافية ووزارة العدل والهيئة العامة للسجون والإصلاح تعمل طوال السنة فى تعاون وتبادل التجارب والقيام ببرامج مشتركة.

ويضيف: ما حدث نعتبره فعلا ايجابيا أحدث أثرا نفسيا واجتماعيا كبيرا خاصة بعد الإفراج، هناك نزلاء شاركوا فى دورات سابقة خرجوا من السجن، ثم استمروا مع زملائهم فى تقديم تجارب أخرى جديدة، هناك مواصلين فى التجربة المسرحية بالسجن للمشاركة فى التظاهرات الكبرى، وخلال المحطات الكبرى بالمناسبات العالمية والوطنية نعد لهم برنامجا خاصا فى إطار تحسين الموديعين والنزلاء خارج أسوار السجن، ومع المسرح لدينا فى السينما نواد انتجت ثلاثة افلام قصيرة للصور المتحركة ستشارك خلال مهرجان بالأردن، من انتاج سجن المهدية، كما تم عرض فيلم قصير بعنوان «ضوضاء المدينة» فى ختام أيام قرطاج السينمائية بسجن المهدية أعدوه ثلاثة نزلاء من خلال ناد سمعى وبصرى داخل السجن، عادة القصص التى يتم تناولها تمسهم انسانيا، وتحمل الكثير من واقعهم وتجاربهم، اغلبية المواضيع تحمل وجعهم، وأصبحوا يفاجئون الجميع بأداء تمثيل محترفين يقدمون أعمالهم بصدق شديد، يتحركون ويبكون على المسرح فى حالة من التفريغ لأحاسيس صادقة، اكتشفوا أن لديهم طاقة وموهبة كبيرة استطاعوا استغلالها بشكل ايجابي.

وعن وجود عبء امنى على الدولة فى تأمين السجناء قال الفنى ..إطلاقا الجانب الأمنى نتحمله دون أزمة، ليس لدينا مشاكل فى النقل والتأمين، لكن العبء قد يكون فى توفير الإمكانيات المادية فقط، لتدعيم هذه التجربة نحتاج ميزانيات أكبر حتى تتطور الأنشطة بشكل أكبر، كى نتطور فى صناعة الملابس والديكور، حتى الآن نعتمد على اشياء بسيطة من تفكير وانتاج المودعين هم يصنعون ملابسهم بأيديهم، لدينا توصيات لإقامة ورش على مدار السنة فى مجال كتابة النص وابجديات تعليم الإخراج وصناعة السينوغرافيا بالتنسيق مع وزارة الثقافة.