الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تونس إلى عهد جديد

تشهد تونس انتخابات تشريعية تميزت بغياب المشاركة الإخوانية لأول مرة منذ عام 2011، وعدم تمتّع المرشحين بالحصانة، تنهى عقدا من الفساد السياسى والمالى والفوضى الأمنية، حيث تأتى كآخر مرحلة من خارطة الطريق «التصحيحية» التى أعلنها الرئيس قيس سعيد فى يوليو 2021.



وجرى التصويت فى انتخابات الداخل أمس السبت 17 ديسمبر، بينما كان اقتراع الخارج بين يومى 15- 17 ديسمبر، واستقبلت مراكز الاقتراع فى الداخل الناخبين بداية من الساعة الثامنة صباحا حتى السادسة مساء، باستثناء مراكز فى المناطق الغربية الحدودية، التى اغلقت عند الرابعة لدواع أمنية، وامتد التصويت استثنائيا إلى الثامنة مساء بطلب من يهود جربة، لتزامن الاقتراع مع العيد الدينى الأسبوعى لليهود.

وستعلن النتائج الأولية بين 18 و20 ديسمبر، أما النهائية فستصدر 19 يناير بعد البت فى الطعون، وفى حال اضطرت الهيئة لمرحلة ثانية، إذا لم يحصل مرشحون على غالبية الأصوات، ستعقد المرحلة الثانية وتعلن نتائجها فى 3 مارس.

• تجرى الانتخابات للمرة الأولى بنظام المقاعد الفردية بدلا من القوائم الحزبية.

• لن يتمتع النواب الجدد بالحصانة بعد أن ألغى قانون الانتخابات الجديد الحصانة القانونية، ومنح المواطن حق سحب الثقة من النائب حال تقاعسه عن مهامه.

• يتنافس 1055 مرشحا، بينهم 122 امرأة، على 151 دائرة انتخابية، ويصوت فيها نحو 9 ملايين ناخب.

• سجيت الهيئة 25 % من الناخبين بطريقة آلية، 50.8 % من الناخبين نساء، وتبلغ نسبة الرجال 49.2 %.

وأكد المتحدث باسم هيئة الانتخابات محمد التيلى المنصري، تجهيز 4551 مركز اقتراع، تضم 11130 مكتب اقتراع، وتشكيل 60 ألف عضو مكتب اقتراع، وطباعة أكثر من 10 ملايين ورقة اقتراع.

ومن ضمن بعثات المراقبة الإقليمية والدولية، بدأت بعثة جامعة الدول العربية لملاحظة الانتخابات برئاسة السفير خليل إبراهيم الذوادي، مهمتها الخميس الماضي، بعقد لقاء مع فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات.

وفق تصريح لبوعسكر فإن الهيئة حريصة على إجراء انتخابات حرة وتعددية وديمقراطية، وأنه تم اعتماد أكثر من 5000 مراقب محلى ودولى.

ومن المتوقع أن تكون هذه الانتخابات هى كلمة النهاية للفوضى السياسية التى عانتها تونس نتيجة 10 سنوات من حكم حركة النهضة الإخوانية، حيث إن انتخابات 17 ديسمبر تحمل جملة تداعيات، أهمها إتمام المسار السياسى الذى أعلنه قيس سعيّد، وإنهاء وجود الإخوان فى الحكم.

وإقبال التونسيين على الانتخابات عكس مدى انسجامهم مع هذا المسار السياسى، ورغم إعلان حركة النهضة مقاطعة الانتخابات إلا إنها ستحاول التقرب من الفائزين، وربما تحاول شراء ذمم البعض للنفاذ إلى البرلمان وضمان تمثيل سياسى لها.

ووفق «خارطة الطريق» التى أعلنها الرئيس التونسى، فإن الانتخابات تجرى بعد وضع قانون جديد للانتخابات، وسبقها مراحل تخص حل البرلمان الذى سيطرت عليه حركة النهضة، وإعادة تشكيل الحكومة، ووضع دستور جديد، إضافة إلى إصلاحات قضائية واقتصادية.

وجاءت هذه الإجراءات التى وصفت بـ«التصحيحية»، بعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على حكم حركة النهضة الإخوانية للبلاد منذ عام 2011، واتهامات لها بإعلاء مصلحة التنظيم الإخوانى على مصلحة تونس، وبالفساد السياسى والمالى ونشر الإرهاب.

وتشهد انتخابات تونس متابعة دولية حثيثة، مثال لها «مركز كارتر» الأمريكى المتخصص فى مراقبة الانتخابات، والذى صرح رئيس الوفد الممثل له بأنه أوفد بعثة تضم أكثر من 50 ملاحظًا.

جدير بالذكر أنه فى 17 ديسمبر 2010. اندلعت شرارة الاحتجاجات الاجتماعية بمحافظة سيدى بوزيد غربى تونس، بعدما أضرم الشاب والبائع المتجول محمد البوعزيزى النار فى جسمه احتجاجا على تعامل شرطية معه.

ومع أن الإخوان حاولوا على مدى سنوات حكمهم طمس هذا التاريخ، وأعلنوا 14 يناير من كل عام «عيدا وطنيا للثورة»، إلا أن الرئيس الحالى قيس سعيد، أصر على إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة المصداقية للتاريح، فأعلن قبل عام تغيير التاريخ إلى 17 ديسمبر.

وعلى النهج ذاته، جرى تحديد الانتخابات البرلمانية التى تعتبر آخر حلقات المسار التصحيحى للرئيس نحو بناء جمهورية جديدة، بالتاريخ نفسه، احتفاء برمزيته بقلوب التونسيين، رغم أن اليوم صادف السبت، فيما دأب التونسيون على إجراء جميع استحقاقاتهم الانتخابية يوم عطلتهم الأسبوعية الرسمية، أى الأحد.

ولم تكتف حركة النهضة الإخوانية فى تونس بإعلان مقاطعتها للانتخابات لإدراكها بإفلاس خزانها الانتخابي، بل سعت لمحاولة عرقلة إجراء الاقتراع، عبر بث الشائعات والأكاذيب وافتعال حوادث تمويهية، ورسم مخططات لإجهاض المسار الانتخابى.

ومع ذلك، لم تتمكن الحركة من كبح هوسها بالسلطة، وسعت للتسلل إلى البرلمان عبر تقديم شخصيات من قيادات الصف الثالث والرابع، لكن فى ظل العزلة التى تعيشها منذ حل البرلمان السابق الذى كانت تهيمن عليه، يعتقد خبراء أنها لن تفلح فى العودة إلى المشهد مجددا.

من جهته، أدلى الرئيس التونسى قيس سعيد بصوته فى الانتخابات التشريعية، وقال سعيد من داخل مركز الاقتراع بحى النصر بالعاصمة التونسية: «سنصنع تاريخا جديدا لبلادنا»، مشددا على ضرورة «منع من نهبوا البلاد ونصّبوا أنفسهم أوصياء على الشعب» من العودة إلى المجلس التشريعى.

قبل أن تفتح لجان التصويت أبوابها فى الانتخابات البرلمانية بتونس، يسجل العنصر النسائى «مفارقة» ترتبط بالمرشحات والناخبات. أول مرة فى تاريخ الانتخابات التونسية التى تصبح نسبة النساء أعلى من الرجال فيمن يحق لهم التصويت.

وفى عام 2014، سجلت تونس أعلى نسبة تمثيل نسائى للبرلمانيات فى مجلس نواب الشعب، بعد اختيار 68 نائبة بنسبة 31% من المجلس.

وكانت نسبة التمثيل النسائى فى البرلمان التونسى هى الأعلى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.