الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رئيسة أيام قرطاج المسرحية نصاف بن حفصية فى حوارها لـ«روزاليوسف»: ثبـات الميزانية مع ارتفـاع الأسعـار كـان تحديًا كبيرًا فى المحافظـة على قوام وحجم أيام قرطاج

رسالة تونس- هند سلامة



عاشت الفنانة نصاف بن حفصية حالة من التحدى والجهد الكبير منذ توليها رئاسة أيام قرطاج المسرحية عام 2020 وواجهت صعوبات محلية ودولية للخروج بدورة المهرجان للنور، التحدى الأول كان فى تفشى فيروس كورونا بنفس العام الذى الغيت فيه دورة المهرجان، ثم هذا العام بعد ارتفاع وتضاعف الأسعار بالعالم مع بقاء وثبات ميزانية المهرجان على حالها دون زيادة أو نقصان عن رئاستها لدورتين متتاليتين قالت نصاف فى هذا الحوار: 

■ واجهتِ الكثير من التحديات بأيام قرطاج المسرحية منذ توليك مهمته عام 2020 ما نوع التحديات التى واجهتك؟

ـ دائما يكون حظى فى الظروف الصعبة، فى كل عام يصبح لدى حالة من الكفاح والصعوبات، عادة أى مشروع لابد أن تكون له صعوباته فى عام 2020 الصعوبات كانت داخلى فى خوض التجربة من الأساس، كان لدى خوف لأننى لم تكن لدى خبرة فى إدارة مهرجانات كبرى من قبل، كنت خائفة للغاية كيف أدير مهرجانا بحجم أيام قرطاج، ثم ألغيت هذه الدورة بسبب جائحة كورونا وأجلت لعام 2021 الحقيقة منحتنى مساحة أكبر للاستعداد للدورة التالية رغم أن كورونا كانت مستمرة حتى ذلك الوقت أصبحت فى ظرف صعب مع إجراءات صحية كبيرة، حتى بعد انتهاء تلك الدورة كنت قد اكتفيت بها، قلت يكفى لأن فيها ضغظ نفسى وإرهاق كبير، لأن إدارة مهرجان بحجم أيام قرطاج يحتاج إلى إنسان قوى للغاية حتى يستطيع قيادة مهرجان وتظاهرات كبرى لأن فيها صعوبات مادية وإدارية وأحيانا نتعرض للنقد السلبى أو الاستباق بالنقد الذى لم يمنحك مساحة للإنجاز حدث نقد لاذع قبل بدء الدورة، كان يزعجنى لكننى اكتشفت فيما بعد أنه شىء عادى، الخبرة منحتنى ثقة فى المواجهة ووزن الأمور، وكان هناك أشخاص داعمون ومساندون.

■ وماذا عن صعوبات هذا العام؟

ـ الصعوبات هذه السنة كانت مادية بالأساس، ليس لعدم وجود ميزانية، بينما ظلت الميزانية على حالها رغم ارتفاع الأسعار فى كل شيء، على سبيل المثال كنا نستدعى 30 ضيفا، تذكرة الطيران أصبحت اليوم ضعف العام الماضى، وبالتالى كيف أحافظ على نفس حجم الميزانية مع الأسعار التى تضاعفت مع المحافظة على أعداد الضيوف المدعوين للمهرجان بلا تغيير، وبالتالى أنت أمام تحد لأن مهرجان بحجم أيام قرطاج لا يمكن تحجيمه أو تخفيضه، كما أن الناس رسمت له صورة فى ذهنها لا يمكن أن تخيبين ظن المنتظرين له أو ضيوفه، كنت فى هذا الصراع للمحافظة على شكل وحجم المهرجان للمحافظة على سمعته والمؤسسين الذين تعبوا وناضلوا فيه، كانت عملية حسابية مرهقة جدا وفى شكل التنظيم الذى يجب أن يخرج كما يليق بحجم المهرجان، لأن هناك الكثير من العيون، التى تسقط فى المقارنات، حتى داخل تونس نفسها المهرجانات الموازية مثل ايام قرطاج السينمائية والموسيقية، هو يعتبر محطة ومساحة لا يسمح فيها بالخطأ الكبير، مساحة الخطأ تكون موجودة لكن لا يسمح أن تكون كبيرة، الغيرة على المهرجان تجعلنى اتحمل المسئولية للمحافظة على صورة بلدى، كان لابد من متابعة كل التفاصيل، الجميع كان يقوم بعمله لكن كان يبقى المراقبة الفوقية والمتابعة بخلاف المسئولية، لذلك المهرجان أخذنى من نفسى ومن حياتى ومن كل شيء ينتمى ل»نصاف»، أخذ كل شيء كنت قاسية مع نفسى فى التعامل مع المهرجان، لدرجة أننى أهملت أغلب تفاصيل حياتى الخاصة وحياتى الاجتماعية منحته كل وقتى لم استطع خلق التوازن بين عائلة وعمل ومهرجان لأننى موظفة أيضا فى وزارة الثقافة.

■ هل كان النقد السلبى عاملا فى التردد لاستكمال إدارة هذه الدورة؟

ـ إطلاقا النقد مشروع اتعبنى رأيته وطرحت سؤال لماذا وقت ارهاقنا نتعرض للنقد رغم كل الجهد والمحاولة والخطأ وراد، لكن لم يكن هذا هو سبب رغبتى فى التراجع عن إدارة هذه الدورة، الحقيقة أننى كما ذكرت المهرجان أرهقنى على المستوى الشخصى اضعت كل محيط حياتى ومنحته كل شىء من وقتى وصحتى وبيتى، كل العاملين بالمهرجان يسمعون للانتقاد، لكن كانت مهمتى أن تنعقد الدروة بشكل محترم، لست طالبة للإبهار هذا الإبهار يتطلب إمكانيات أخرى وشكلا آخر ووقتا أطول، حتى نعد شيئا يضاهى العالمية مهرجان محترم يليق بأيام قرطاج المسرحية وبتونس وبضيوفنا العرب والمشاركين والأفارقة.

■ هل كان لديك طموح جديد هذا العام؟

ـ كنت أحب أن تصير أيام قرطاج بشكل آخر، ألا يصبح مجرد مهرجان تشارك فيه عروض تسابق وعروض موازية، وندوات وتكريمات، وكل شخص يذهب إلى منزله، أحببت أن يصبح أيام قرطاج محطة تروج للخارج، بمعنى عندما تشاركين بالمهرجان أن يكون هناك منظمو مهرجانات أخرى، يشترون عروضا مسرحية، يخرج من تونس وقد حصل على التواصل مع أصحاب تلك العروض للترويج لها بألمانيا، وفرنسا وسويسرا، أن يصبح المهرجان بوابة للشراء، وكأنه سوق يشترى من هنا وهناك، ويتنقل من خلالنا لمهرجانات أخرى، يقصد التجريبى وبغداد الدولى، الأردن الحر والدولى، يفتح المزيد من الأبواب، هذا المبرمج جاء خصيصا لشراء العروض.

■ هل بالفعل كنت أول امرأة تديرين أيام قرطاج المسرحية؟

ـ اختلفنا فى هذا الشأن بتونس لأن مدام اسماوى فى مرحلة ما كانت مسئولة إدارة الفنون المسرحية فى سنوات 1993 او1995 كلفت وقتها بالإشراف على أيام قرطاج فى ظل استقالة مدير المهرجان فى نفس الوقت لكن ليس لدى معلومة أنها نفذت مهمة إدارة المهرجان أو لم تنفذها.

■ هل كان هناك حديث حول كونك امرأة تدير هذا المهرجان الكبير؟

ـ الحقيقة لم تكن مسألة رجل وامرأة مطروحة للنقاش ولم تكن هناك تعليقات معلنة بالصحافة أو على مواقع التواصل الاجتماعى لكن فى الكواليس وصلتنى بعض التعليقات، هل معقول أن يمنحوا نصاف هل نصاف قادرة على انجاز دورة، هل قادرة على الحفاظ على أيام قرطاج؟! اشخاص قالوا مش معقول هذه السيدة ليست لديها الخبرة الكافية لإدارة المهرجان، لا أخجل من ذكر عدم خبرتى لأننى بالفعل كنت لا أمتلك الخبرة الكافية، اجتهدت واشتغلت وضحيت بحالى ومنحت نفسى للمهرجان، ليس هناك شخص لديه كل الآليات، كل من امتلك خبرة لابد أن يكون مر بمرحلة أولى فى حياته، وليس بمرحلة الصفر بالتأكيد كانت لدى ثقة فى نفسى كنت متأكدة أننى إذا تعبت سوف أصل، خوفت من البداية نفس التخوف لكن بعد الجهد كنت مؤمنة أننى سأصل إلى نتيجة حتى ولو لم تكن مبهرة.

■ هل شعرتِ بحالة من الاستضعاف فى توجيه النقد نحوك كونك امرأة؟

ـ لا أعتقد النقد كان بشكل عام ليس له علاقة بكونى أنثى لكن الرجل قد يكون قادرا على الدخول بين خلايا العمل ويستطيع فرض كلماته ورأيه، مسموح أن يرتفع صوته بقوة، بينما طريقتى كانت مختلفة تماما، عندما أريد إصلاح شيء بالعمل كنت ألجأ إلى أكثر أسلوب هادئ، لأنه فى اشتداد العمل ويجرى القطار بنا لا بد أن أكون أكثر شخص قادر على التهدئة وامتصاص غضب المحيطين بى، لا أحب اللجوء إلى استخدام أسلوب حاد أو عنيف.

■ لماذا انتقلت عروض مؤسسات مسرح السجون هذا العام إلى مدار قرطاج بعيدا عن الضيوف وأجواء المهرجان بشارع الحبيب بورقيبة؟

ـ المؤسسة السجنية تساهم معنا بصدق فى تنظيم مسرح الحرية خارج إطار السجن، وفكرنا فى نقل العروض إلى مسرح آخر قد يكون بعيدا نسبيا لسبين الأول تقنى لأن قاعة مسرح ابن خلدون أصبحت غير مناسبة لهم، وهم أصبحوا يطورون فى الديكورات والإضاءة، أصبحوا محترفين، المسرح مساحته صغيرة، لا يستوعب حجم عروضهم، ليس هناك مقومات تقنية متاحة ، كما أن أيام قرطاج يحصل فى عروضه على كل القاعات القريبة المشاركة فى الهامش والمسابقة، والطلب وصل متأخرا بعد أن وضعنا البرمجة وتواصلنا مع الفرق وبالتالى كان لا يمكن أن نمنحهم قاعة قريبة، القاعة الوحيدة الأقرب لتونس كانت مدار قرطاج، المسرح أكبر مناسب حتى يأخذوا راحتهم فى الكواليس تطورت الأعمال وتطورات الديكورات.

■ هل تمنيتِ تحقيق معادلة صعبة هذا العام؟

ـ كان لدى طموح صغير لم ينفذ، اكتشفت بعد التنقل للمهرجانات بمن يشاهد بعين خارج المهرجان، أن يتم تخصيص يوم إجازة من العروض والندوات والفعاليات كان طموحى صدقا أن يتوسط الأيام للضيوف والفرق والمشاركون يجلسون معا فى فسحة وسياحة بتونس يوم سياحى، عشاء سهرة رقص ينسون المسرح، يتنفسون لأننى لاحظت حتى المشاهد أثناء تحقيق متعته كأنه يعمل للتخطيط لوضع برنامجه للعروض، لكن كان صعبا تحقيق هذا الطموح لأن البرنامج مكتظا بالعروض. 

■ كيف رأيتِ مشاركة السعودية بمحور الندوات لأول مرة ضمن فعاليات أيام قرطاج؟

ـ السعودية شاركت معنا بندوة هذا العام لأنهم يؤسسون للمرة الأولى مهرجانا دوليا وأكاديمية فنون، كنا نسمع عن المسرح السعودى عن بعد، لكننا فكرنا فى الاستضافة والاستماع للمؤسسين الذين وضعوا استراتيجية للمسرح الوطنى بالسعودية، كان مهما مشاركتهم معنا، لأنه فى رأى السعودية لا تخطو هى تقفز، تحدث قفزات لا تقوم بخطوات بطيئة، السعودية إذا تحدثت تتقدم جدا فى أشياء عديدة، المسرح هذا الفن الذى يسمح باللمس والاحتكاك واللبس المختلف وتبنى الأدوار المختلفة ليس لديه حدود..نرى كيف استعدت له السعودية هل سيكون هناك مسرح خاص بهم أو كما يقدم بالعالم العربى، طرحنا عليهم الأسئلة هل اذا فرض وكان هناك دور عاهرة كيف سيتم تقديمه بالسعودية، طرح هذا السؤال لكن بشكل مختلف استفز الحضور، وأجابوا بأنهم تجاوزوا اشكالية المرأة واحتكاكها مع الرجل على المسرح، لذلك أعتقد أن السعودية ستفاجئنا خلال السنوات القليلة القادمة.