السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

سجينة بحر الشك

أنا سيدة فى بداية العقد الثالث من العمر، حاصلة على دبلوم تمريض وزوجة لطبيب شهير بالصعيد، جمعتنا ظروف العمل معًا بأحد المستشفيات، قبل اتفاقه معى على التقاعد، وحصولى على إجازة سنوية من عملى للتفرغ الأسري،، أجواء التعارف بيننا كانت فى إطار من الاحترام المتبادل، والحمدلله يشهد لى الجميع بالأخلاق والطيبة وحسن المظهر، تلك الصفات هى التى جذبته إليَّ، بالإضافة للجمال الذى متعنى الله به،، رُزقنا بعد ٥ سنوات بطفل وحيد، يملأ علينا الدنيا وما فيها.. مشكلتى أستاذ أحمد هى الشعور بفروق شاسعة تفصلنى عنه، مع العلم بأننى أجتهد فى القراءة والاطلاع بصفة مستمرة، لأكتسب كل يوم ثقافة جديدة ومعلومات فى كل مناحى الحياة، حتى أقضى بشكل كبير على تلك الفجوة العلمية مع شريك حياتي، ورغم كل هذا السعى لإرضائه - إلا أننى لا أشعر بالتقدير المناسب لما أقوم به، بل أعانى من تربص والديه الطَّبِيبَين، ومحاربتهما لزواجنا بقسوة منذ بداية علاقتنا،، والدى كان موظفًا بسيطًا خرج للمعاش، وكما ذكرت بأن تركيز زوجى فى اختياره لي، انصب على شخصي، لا شيء آخر، لكننى لا أعرف حقًا، لماذا بدأت أشعر بالنقص الشديد،، تلك الأحاسيس المحبطة توهجت بداخلى بعد زيارة زملائه المقربين من الأطباء، لحضور حفل عيد ميلاد طفلنا، قدمنى لزوجاتهم ومعظمهن طبيبات، دون الإشارة لكونى لست طبيبة، ثم تحدث أحدهم مع زوجى عن حالة مريض يعالجه، والمطبات التى واجهته أثناء إجراء جراحة دقيقة له، الحديث كان معظمه بالإنجليزية لم أفهمه، فأدرك هذا الطبيب ارتباكى كلما نظر إليَّ، وأراد التأكد من شكوكه على طريقته الخاصة، قائلًا: «واضح يا دكتورة ان حضرتك مش تخصصنا» حينها أجابه زوجى بأننى لست طبيبة، اضطررت للانصراف قبل اكتشاف حقيقة مؤهلى الدراسي، وظروف لقائى الأول به كممرضة،، بعد انتهاء الحفل ظهرت علامات الضيق الشديد وعدم الرضا على زوجي، لكنه تظاهر بالإرهاق وتفضيل النوم سريعًا، فى اليوم التالى استيقظ قبل ميعاد خروجه، وكنت نائمة، لم يوقظنى لإعداد الإفطار كعادته، وأعده لنفسه ثم خرج، وظل طوال اليوم ما بين عيادته والسهر مع أصدقائه خارج البيت،، حديثه الهاتفى مع زميلاته يتسم بالمرح، ولا يخلو من الفكاهة والضحكات الرنانة، وفى البيت إنسان كئيب وممل - ليس هذا هو زوجى الذى أحببته بجنون، ولازلت أحبه وأخلص له،، أصبحت تلك السلوكيات والتصرفات الجديدة دليل آخر على ندمه الارتباط بي، نعيش حياة فاترة غير ممتعة منذ ذلك اليوم،، متعتى الوحيدة فيها هى قراءة القرآن والدعاء بالستر، لكننى كإنسانة لها مشاعر وأحاسيس، ينتابنى شعورٌ  بالضيق لا أستطيع تحمله فأبكي، لا أريد التحدث معه بشأن همومى وابتعاده عني، لأننى أقدر تقديره لى من البداية، ومحاربة الجميع لأجلي، ما يعتصرنى ألمًا سيدى الفاضل هو تماديه فى جفائه، واكتفائه  بترك كارت بنكى به أموال يضاعفها بصفة مستمرة،، من جهة أخرى فإن فقر والدى يدفعنى إلى العيش كخادمة لزوجي، فبماذا تنصحني!؟ 



إمضاء خ. ص

عزيزتى خ. ص تحية طيبة وبعد...

لا أرى على الإطلاق أى داعٍ لكل هذا الكم من الإحباط، وعدم الثقة بالنفس - بل ما يجب فعله هو العكس تمامًا، أن تفرحى وتسعدى بالعيش مع زوجك وطفلك، بارك الله لكِ فيهما، واعلمى بأنكِ غير مطالبة بإثبات براءتك، من وهم الاتهام بعدم الندية الاجتماعية، داخل عش الزوجية، والذى بناه وأسسه زوجك عن قناعة فى محلها، حين لفت نظره إليكِ كفاءتك فى عملك، واستقامتك وجمالك وطيبتك، تلك الصفات والسمات الشخصية ليست بالقليلة، أو من السهل توفرها مجتمعة، عند تقييم أى رجل لمن ستكون شريكة حياته، وملكته المتوجة، لها كل حقوق الزوجة من احترام وتقدير وعطاء وتراحم، وعليها واجب الطاعة والإخلاص ورعاية الأبناء، وأنتِ لم تقصرى - إلا فى حق نفسك، بدوام الشك المفرط، على أساس تنمر كل من حولك، بفارق المؤهل الدراسى أو المستوى الاجتماعى بين العائلتين، وهذا غير صحيح كما تتخيلين، لأنه وببساطة شديدة، كل من يبدأ التفكير بهذا المنطق، سيخلص سريعًا إلى أن زوجك هو المكلف باختيارك، وبأنه أهل لهذا التكليف، واختياره لكِ كان مدروسًا بعناية فائقة، عطفًا على ما وصل إليه من علم ورجاحة عقل،، المطلوب فقط هو المزيد من ثقتك  بدورك، والسعى لإسعاده - وعدم إظهار الشعور بالذنب، أو التقليل من شأنك أمامه، كل هذا الإحساس بالقصور من جانبك، ينعكس عليه بالسلب لاإراديًا، فيبدو شاردًا مهمومًا ومحبطًا، يُظهر رد فعل يسير بنفس اتجاه أمواجك المتلاطمة، ببحر من سراب الشك، يقع داخل سجن خانق ومدمر للاستقرار والسكينة.. لذا لا تركزى أو تتأثرى برد فعل من حولك، واستمرى فى تطوير نفسك وتثقيف ذاتك، وأنا أحييكِ على ذلك، لأن هذا هو أكبر دليل على الإخلاص، والسعى المشروع لبلوغ أرفع درجات التقدير عند رفيق الدرب، بفعل ما يسعده، ويفتخر به، كما أنصحكِ بألَّا تدفعك تلك الأزمة الطارئة إلى التشكيك فى إخلاصه، أو أنه يتحدث مع زميلاته فى العمل بطريقة ألطف من التى يتعامل بها معك، قومى ببذل قصارى جهدك فى الاستمتاع بالحياة دون منغصات، ناقشيه بود فى كل ما يشغل بالك، بالطريقة التى تروق لكِ وله، هذا حقك عليه – لا تصنعى فجوة من التهميش لذاتك، وتعميقها شيئًا فشيء، لتدفنى فيها روح الألفة والمودة بينكما،،، على الجانب الآخر فإن النصيحة تظل واجبة فى العموم، لكل زوج يرى فى نفسه التميز، بأى شيء عن زوجته، سواء علميًا أو وظيفيًا أو اجتماعيًا، وكان هذا الأمر واضحًا له قبل الزواج، وقَبِل تخطيه بمحض إرادته، أن يتأكد أولًا من قدرته على الصبر عليها واحتوائها وتطويرها قدر استطاعته، وأن يكون على يقين، بأن تلك الصفات التى ميزتها عن غيرها، واختارها على أساسها، تظل داعمة له، وجزء لا يتجزأ من سنة الحياة وفلسفتها الخاصة فى التكامل بين الرجل والمرأة.

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا خ. ص