الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العبقرى النابغة يوسف وهبى!

العبقرى النابغة يوسف وهبى!

كان يوسف وهبى أحد طلائع المسرح العربى بغير شك ولا أحد ينكر دوره، حتى الذين هاجموا بقسوة وعنف لم يستطيعوا إنكار دوره المهم، وفى كلمات بالغة الدقة يقول الأديب الكبير محمود تيمور فى كتابه «طلائع المسرح العربى»: يوسف وهبى نابغة المسرح المصرى لا ريب، وهبه الله حنجرة مسرحية قوية يستطيع التعويل عليها فى تطويع الأداء لمطالب كل موقف، وإنه لذو قوام فارع ممتلئ يملأ العين وله من الوسامة حظ، وكثيرا ما أسعفته بديهته حين تخونه ذاكرته، بل إن اعتزازه بحضور البديهة مما جعله يتهاون أحيانا فى استذكار ما أعد للإلقاء على لسانه، ومما يتناقل الظرفاء من أمره فى هذا الصدد، إنك لوشاهدت موقفه فى ليال متعاقبة لسمعت منه فى كل ليلة جديدًا من القول غير ما سمعت البارحة، لأنه يمثل ويؤلف فى وقت معًا!



وفى مسرح رمسيس سطعت مواهب «روزاليوسف» حتى ظفرت بلقب الممثلة الأولى فى تلك الحقبة، وهذه الفنانة نشأت تلميذة لعزيز عيد وأفادت من توجيهه وتخريجه إلا أنها استقلت عنه فيما بعد، ودعمت شخصيتها بنفسها وجاوزت مواقف الملهاة «الفودفيل» فى مثل رواية «خلى بالك من أميلى» إلى مواقف المسلاه - التسلية - العصرية الكوميدى فى مثل رواية غادة الكاميليا وفيها وفقت توفيقًا عزيز المنال.

وفى المراحل المختلفة من حياة مسرح رمسيس لمعت نجوم فنية مثل فاطمة رشدى وزينب صدقى وأمينة رزق، وكانت فاطمة رشدى وزينب صدقى قد اشتركتا من قبل فى فرق هزلية غنائية مع عزيز عيد والريحانى فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، ولما اعتزلت روزاليوسف التمثيل مؤثرة عليه العمل فى الصحافة احتلت مكانها فاطمة رشدى، وهى كذلك تلميذة نجيبة لعزيز عيد إليه يرجع الفضل فى تكوينها الفنى، وكان قبولها للتعليم والتدريب قبولًا حسًنا فسرعان ما برزت وتألقت وأنها لذات صوت جهورى نفاذ، وأداؤها صادق عامر الحرارة والحمية، وكان لها سمت غلام وسيم حتى إنها لما أسند إليها القيام بدور «النسر الصغير» أقام حولها هالة من التقدير والإعجاب.

وأبرع ما كانت تتجلى فيه فاطمة رشدى أدوار المأساة التى تتطلب إلقاءً تمثيليًا فخمًا وقد استطاعت أن تنشئ لها فرقة خاصة فيما بعد، وعمل معها استاذها عزيز عيد ولكن التوفيق لم يحالفهما، وما ذلك لعيب فى التمثيل أو نقص فى الإخراج وإنما السر هو سوء الاختيار للروايات المترجمة، فلم تكن ملائمة لذوق الجمهور.

على أن فاطمة رشدى وفقت أيما توفيق فى بعض الروايات مثل «مجنون ليلى» لامير الشعراء شوقى فقد تجلى نبوغها فى القيام بدور ليلى على نحو لا ينسى وكان يمثل دور قيس فى هذه المسرحية الشاب أحمد علام فى كفاية واقتدار، ومما تناقله أهل الفن يومئذ أن عزيز عيد لم يرق له أن ينجح أحمد علام فى تمثيل هذا الدور دونه وهو شيخ الجيل فى فن التمثيل فبدرت منه ذات ليلة بادرة الرغبة فى أن يقوم هو بدور الفتى الهيمان، قيس إزاء زوجة السيدة فاطمة رشدى التى تمثل دور المحبوبة ليلى، فلم يكن منه إلا أن ارتدى ثوب البطل وباغت الممثلين بتلك الرغبة العامة فرأوا أن ذلك محال لاسباب فنية شتى، فإن عزيز عيد وأن كان قادرًا كل القدرة على أداء الدور من ناحية الحرفية ليس بالشخص الذى تتوافر له سمات فتى عاشق فى الشكل والموضوع، وأصر عزيز عيد على انفاذ رغبته وعبثا حاول أعضاء الفرقة أن يثنوه عن عزمه، فلم يأبه ولم تفلح الحسنى فى حسم النزاع وكاد الأمر يفضى إلى استدعاء الشرطة لوقف هذا الهجوم انقاذًا للرواية مما لا تحمد عقباه، وانتهى الأمر بإقصاء عزيز عن تمثيل الفتى العاشق قوة واقتدارا، وتمكن الشاب الفارع الوسيم أحمد علام من أداء هذا الدور الملائم له.