الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

بين شقائى وتهديد شقيقى

أنا فتاة أبلغ من العمر ١٩ سنة، حاصلة على مؤهل فوق المتوسط، وأعيش بإحدى المحافظات الساحلية، حياتى تنقسم لمرحلتين، الأولى قبل وفاة والدى تاجر الفاكهة، المعروف بأمانته مع الجميع وحسن خلقه، والمرحلة الثانية بدأت بعد وفاة رب أسرتنا وحاميها، ثم مرض أحن أم فى الدنيا، وتجبر شقيقى الوحيد الذى يصغرنى بعام واحد، حيث قام بغصبى على مشاركته العمل، بمحل الفاكهة الذى ورثناه عن والدنا، ومحاولة دفع شقيقاتى الثلاث التناوب معنا بورديات - إلا أننى رفضت بحكم تفوقهن الدراسى، وأملى فى أن تلتحق إحداهن بكلية الطب، كما تتمنى، لذا قررت مكاتفته بالعمل وحدى، بحكم أن والدتنا لا تستطيع فعل شىء أمام أسلوبه البغيض،، هذا التحول فى شخصيته كان متوقعًا، بسبب مبالغة أبى رحمه الله فى تربيته على تحمل المسئولية، بالتعنيف القاسى والمستمر فى الصغر، حتى يصبح رجلًا وقائدًا من بعده - لكنه انقلب علينا وعلى نفسه، بدءًا من تعاطيه المخدرات ودخوله السجن، مرورًا بإدمانه التعاطى وإهمال عمله بمحلنا، الذى ينفق على البيت بأكمله، حتى أننى تناسيت التفكير فى نفسى، ولم أصبح مثل كل البنات أفكر فى الزواج وأتهيأ من أجله - بل أرفض كل من يتقدم لخطبتى، لا لشيء سوى إحساسى بأهمية دورى تجاه أسرتى المعذبة، فى غياب أخ حاضر معنا فقط بأنفاسه الكريهة وجبروته، لدرجة أننى أصبحت أتمنى موته، وعودة أبى من الموت، ليحكم بيننا بالعدل، وبالنخوة التى نعرفها عن الرجال،، مشكلتى التى دفعتنى إلى مراسلتكم ببريد روزا، هى فرض أخى عريس بعينه، كان زميلًا له بالسجن، وبالطبع لا يُنتظر منه أى خير،، بسؤالنا عن أخلاقه وشخصيته فى منطقته، اكتشفنا أنه لا يفرق عن أخى فى شيء، بل يزيد سوءًا بعدد مرات سجنه، وبتهم مختلفة، منها فرض السيطرة والإتجار فى المخدرات، عندما رفضت الزواج منه ضربنى أخى، وشكك فى أخلاقى، واتهمنى بالزنا والخوف من الفضيحة - هل تتخيل سيدى الفاضل، أن ينتقم أخ من شقيقته بهذه الطريقة البشعة،،، من كثرة تلك الضغوط أصبحت أفكر فى الانتحار، لأننى يئست من الحياة بمن فيها،، لكن ما يجعلنى أتراجع عن فكرة الموت كفرًا، هن شقيقاتى ومستقبلهن، كذلك تنصل كل أقاربنا من المسئولية، خوفًا من بطش أخى، ومنذ عدة أيام تقدم ابن أحد التجار المجاورين لنا، يطلب خطبتى، لكن شقيقى اشتبك معه وطرده هو ووالده، أخبرتهم دون تردد فى نفس وقت زيارتهم لنا بموافقتى، وأصبحت الأجواء عندنا ملتهبة لدرجة لا تتخيلها، مما دفعنى للتواصل مع هذا الشاب الذى يريد الزواج منى، وأكدت له بأننى أوافق على الزواج منه، ولو سرًّا، شريطة أن يضمن لى ولشقيقاتى الحماية، وهو رجل صعيدى فى الأساس، من عائلة لها سطوتها، لكننى مترددة بسبب تهديدات أخى المستمرة لى ولوالدتى، بالانتقام فى حالة تصميمى على الارتباط بأى رجل غير صديقه، فبماذا تنصحنى!؟ 



إمضاء أ. س

 

عزيزتى أ. س تحية طيبة وبعد…

اسمحى لى أن أحييكِ على ما قدمتيه من تضحيات، لأجل والدتك وشقيقاتك، وتفضيل الكفاح جنبًا إلى جنب مع شقيقك فى تجارتكم، بدلًا من معاداته، وخلق أجواء مضطربة وغير مضمونة العواقب، فى ظل هذا التشوش السلوكى الذى يعيشه - لكن كما تعلمين أن حياتنا عبارة عن  مراحل مختلفة نمر بها، تضغطنا أحيانًا،، لدرجة أننا ننسى أنفسنا بعض الوقت، ثم نعود لنواجه حقائق أو تفاصيل جديدة، تجبرنا على التغيير من طريقتنا وقناعاتنا صوب بعض الأمور، مع الحفاظ على الصبر كوسيلة، نحاكى بها أحكام القدر كغاية، مبتغاها رضا الله سبحانه وتعالى... ومما لا شك فيه أنكِ كنت تظنين، بأن حال شقيقك سوف ينصلح، عطفًا على وقوفك إلى جانبه، ومساعدته على النجاة بسفينتكم، كرب أسرة، بعد وفاة أبيكم رحمه الله، لكنك تفاجأتِ بأن دفة القيادة تمسك بها يدٍ واحدة، فخاب ظنك فيه، لإدمانه المخدرات والتواكل عليكم، وما زاد الأمر تعقيدًا، هو محاولته إجبارك على الزواج من أحد رفقاء السوء، الذى يمتلك تاريخًا حافلًا من سابقات الشقاء، فى بحر الممنوع، ولا يصلح زوجًا لكِ، وخير ما فعلتِ هو رفض الارتباط به، فلا تجعلى الخوف والإحباط يسيطران عليكِ، حولى دفة التضحية بنفسك إلى القناعة بضرورة النجاة بها، لأجلك ولأجل أسرتك، كما أنصحك بالموافقة على هذا الرجل، الذى تقدم لخطبتك، لأنه حان الوقت لدخول رجل صالح وقوى إلى حياتك المعذبة، كى يصارع معكِ تلك الأمواج العاتية، وربما يكون هو منحة تتغلبين بها على تلك المحنة الكبيرة، التى تعيشينها بسبب ظلم هذا الشقيق الشقى،،  فقط أطالبكِ بالتريث فى التعامل معه ومحاولة تحييد رد فعله، وعدم تعمد معاداته - لا تنسى بأنه كان ضحية والدك نفسه، وطريقته فى التربية، عندما اعتقد بأن القسوة ستشد عوده، وتصنع منه رجلًا قائدًا، وهذا خطأ كبير، حيث يرى المفكر والفيلسوف الأمريكى الشهير «جون كوتر»، بهذا الشأن - أن حرمان الطفل من بعض السلوكيات الإيجابية مثل العناق، والمودة بصفة عامة، يساهم فى تحطيمه معنويًا، مما يسمح للسلوك السلبى بالإبحار فى هويته، والإخلال بثقته، وتقليص مهاراته الاجتماعية المطلوبة، لأداء دوره المجتمعى بشكل متزن... وهذا بالضبط ما حدث، عندما وجد نفسه رجلًا وحيدًا، لا يرى لرجولته أثرًا، بين أنياب الإهانة والتقزيم اليومى من قبل والده، أمام أربعة إناث شقيقات، وهو مازال فى مرحلة التكوين وبناء الشخصية، لذا أوجه نصيحتى هنا، بضرورة احتواء  الآباء لأبنائهم، ودعمهم بشكل إضافى عند التسيد عددًا لنوع على الآخر، وذلك بخلق بيئة حميمية بينهم، وتعميق أثر مسئوليتهم تجاه بعضهم البعض، بمرونة وانسيابية وجدانية. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا أ. س