الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

تطوع ينقصه الصبر الجميل

تحية طيبة لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل رجل فى العقد الثالث من العمر، حاصل على مؤهل عالِ، أعمل موظفًا بإحدى الجامعات، ربطتنى قصة حب بإحدى الطالبات، أثناء ترددها على مكاتبنا، لإنهاء بعض الإجراءات الإدارية، فتاة خجولة يبدو عليها التعرض لضغوط رهيبة، وسحجات من الحياة الشاقة، غطت على تلك المسحة الفاتنة من الجمال والرقة، هذا الخليط من قسمات تلك الشخصية الجذابة، أثار فضولى، ودفعنى لمحاولة العبث بدولاب أسرارها، الأمر كان صعبًا فى بدايته، لكننى وجدتها تنتظر الفرصة المناسبة للفضفضة، مع أقرب إنسان يلامس أنينها الصاخب، ذكرت بأنها كانت تحب زميلها بالكلية، يتمتع بالسمعة الطيبة والأخلاق الحميدة، ويدرس بالفرقة الرابعة وهى بالأولى، أخبرها بأنه ابن تاجر كبير ومعجب بها، وبأنه سيتقدم لخطبتها قريبًا،، فى أحد الأيام وبعد بلوغه منها قمة الثقة، أقنعها بمرافقتها له فى سيارته، فور انتهاء اليوم الدراسي، لحضور حفل خطوبة شقيقته، ثم تفاجأت بعد وصولهما محل سكنه بمنطقة نائية، إنها المدعوة الوحيدة لهذه المناسبة الوهمية، وقام باغتصابها تحت تهديد السلاح الأبيض، لم تفلح مقاومتها وتوسلاتها بأن يرحم والدتها المريضة، والتسبب فى صدمتها، إلا أنه فض غشاء بكارتها، وتركها تعانى وحدها من عار فقدانها أعز ما تملك، ظل يحاول استغلالها جنسيًّا بشتى الطرق - لكنه فشل فى إقناعها، وماطل فى الزواج منها، معللًا بضرورة انتهائه من دراسته، حتى يستطيع إقناع والده، وبعد تخرجه فوجئت من أحد أصدقائه المقربين، بأنه سافر خارج حدود الوطن، واعترفت لى وهى تبكى، بأنها تدرك فداحة خطئها فى حق نفسها - وأنا لا أعرف لماذا شعرت بمسئوليتى تجاهها، وقررت الوقوف إلى جانبها، بعد تحققى الكامل من صدق روايتها،، حددت هوية هذا الذئب وعنوانه، ثم ذهبت إلى مقر إقامته - لكننى صُدمت بأنه سافر للعمل بإحدى الدول العربية بالفعل، وإنه وحيد ليس له أشقاء، والده منفصل عن والدته، إنسان سيئ السمعة، ولا توجد أية وسيلة لإدانته، فاتخذت أصعب قرار فى حياتى، وتزوجت من تلك الفتاة المسكينة،، والدتها سيدة بسيطة، تعانى من أمراض القلب، ووالدها خرج لسن المعاش، لها شقيق وحيد لا يعمل وأخت أصغر منها لم تتزوج بعد، وافقوا على زواجى منها واستكمال دراستها عندي، لأن ابنتهم كانت ترفض كل من يتقدم لها، لدرجة أنهم اعتقدوا بأن هناك قصة حب تجمعنا،، تزوجنا ولم أندم على تلك الخطوة فى البداية، حيث وجدتها إنسانة متدينة ومطيعة، تحب أهلى وتخلص لى ولهم، لم أقصر معها يومًا، لكن ما يحبطنى الآن أستاذ أحمد، هو لومى المُلح على نفسى، بسبب زواجى من فتاة لها تجربة مريرة مع الخطيئة، وفاتورة دفعتها بمحض إرادتى، تطوعًا عن صاحبها،، تلك التفاصيل تنغص حياتي، وتراودنى من حين لآخر - لكن المشكلة الأكبر هى اكتشافى معاناتها من مشكلات إنجابية، تحتاج على أثرها لعلاج قد يطول أمده، مما أصابنى بالحيرة، وجعلنى أعاملها بقسوة لا إرادية تصل أحيانًا للضرب، وهى تتحملنى وتكتفى بالبكاء، عرضت عليها فكرة زواجى من أخرى للإنجاب، لكنها رفضت بشدة، وتوسلت أن أتحملها قليلًا حتى نصل لمبتغانا بإرادة الله - أراها أنانية منها لا أستحقها، لذا أفكر فى إنهاء علاقتى بها، ويكفينى سترها وإعطاءها فرصة لتبدأ من جديد، مع رجل آخر غيرى يقدر ظروفها، فبماذا تنصحنى!؟ 

إمضاء و. ى

 

عزيزى و. ى تحية طيبة وبعد…

من الواضح أنك إنسان مرهف الحس، لا تطيق رؤية جروح الآخرين دون محاولة تضميدها، أو إخفاء أثرها إن استطعت، كما لا يستطيع أحد إنكار أن تلك الفتاة أخطأت فى حق نفسها وأسرتها، عندما بالغت فى عاطفتها وثقتها فيمن لا يستحق، فحدث ما حدث من خداع وقهر، ثم أرسلك الله بالفرصة الثانية، التى يهبها لعباده الضعفاء رحمة منه، وهو الرءوف الرحيم، كى تعيش مستورة ومجبورة الخاطر بين أهلها ومن حولها - وإلا كانت هناك تفاصيل أخرى أكثر إيلامًا ووجعًا، لكنها ظلت فى علم الغيب بحكمة إلهية،، ومن أروع الأحاديث الشريفة الدالة على عظمة وقيمة رُسل الستر، ممن اصطفاهم رب العزة سبحانه وتعالى، وبشرهم بمكافأة ثمينة من جنس عملهم، هو ما رواه مسلم عن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبى صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فى الدُّنْيا، إلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ) صدق رسول الله ﷺ،، لذا لا تندم على قرار زواجك، ولا تشق على زوجتك بالجفاء والأسر المعنوى، مقابل تطوعك بهذا الارتباط، بل أدعوك لتثمين هذا التطوع ودعمه بالصبر الجميل، حتى يرزقكم الله بالذرية الصالحة،، واعلم بأنك كنت ستفعل هذا معها، أو مع غيرها، إذا لم تخطئ خطأها المذكور، كما أنها تحاول استرضاءك بالطاعة كما أشرت، ولا تقصر معك فى شىء، فلما تقهرها باستكثار غيرة الأنثى عليها، ودخول «ضُرة» تشاركها حبها لك - بل زد فى الإحسان إليها،، وثق بأنها ستطالبك فى النهاية بالزواج الثانى من تلقاء نفسها، وتشجعك عليه، إذا تأكدت صعوبة أو تأخر تحقيق أمنيتك فى الإنجاب بشكل مبالغ فيه... أما نصيحتى الموجهة لأولياء الأمور، هى ضرورة تقييم طبيعة أبنائهم، عند كل مرحلة سنية، وتحديد مدى تطورهم اجتماعيا ونفسيا، وقدرتهم على التحليل والاستنباط، وتحديد المخاطر المحيطة، وكيفية التعامل معها - لا سيما ونحن نعيش تطورات تكنولوجية وقيمية، تنعكس بالسلب أحيانًا على الأجيال المعاصرة، وتجعلهم يخلطون بين الصواب والخطأ والحق والباطل، وعطفًا على أثر ما سبق، فإن شبابنا مطالبون أيضًا بمسئولية إشراك الوالدين فى كل كبيرة وصغيرة، حتى يفوزوا بتلقى الحكمة، ومن ثم ترسيخها وبثها فى صغارهم مستقبلًا، تلك اللحمة الوجدانية يصفها بدقة المثل الإيطالى الشهير، «الأم تحب برقة، والأب يحب بحكمة» وهو المطلوب فى ثقل الشخصية الإنسانية، وصبغها بالتوازن بين مرونة الأحاسيس والعواطف من جهة، وإعمال حكمة العقل والمبادئ والأصول التى تربينا عليها من جهة أخرى، وهى الضامن لإحداث هذا التوافق الانضباطى. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا و. ي