الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

أفعالنا هويتنا لا أسماؤنا

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



 أنا سيدى الفاضل أرملة أعيش بالقاهرة،  أبلغ من العمر ٣٦ عامًا وحاصلة على مؤهل عالِ، تزوجت من زميل بالعمل منذ ١١ عاما، ورُزقنا بأربعة أبناء، قبل أن يتوفاه الله بسبب صراع شرس مع المرض، اختطفه من دنيانا تاركًا معاشًا زهيدًا، وذكريات رائعة من الحب،، ونظرًا لقصر مدة خدمته وضعف راتبى، ورثت عنه تركة كبيرة من المسئوليات والضغوط، مما اضطرنى للتفكير فى الزواج، فتحت الباب أمام تقدم العرسان رغم عدم قناعتى، بأن هناك من سيملأ مكان زوجى الراحل، وبالفعل وجدت كل من تقدموا لى غير مناسبين لأسباب مختلفة - منها كبر السن وسوء الطباع وما إلى ذلك - إلا رجل يكبرنى بعام واحد فقط، ويعمل بمنصب كبير، ارتاح له قلبي، هو الابن الوحيد لوالديه ميسورى الحال، غير ثلاث شقيقات،، طلب سرعة الزواج خصوصًا أنه جاهز، ويريد أن يفرح ويُفرح أسرته، بحدوث تلك المناسبة السعيدة، التى انتظروها كثيرًا، لكننى تشككت فى تلك التفاصيل، حيث جذب انتباهى أن وجاهته ووسامته، تصاحبها إرادة غير مبررة للارتباط بأرملة تعول، وبأنه أمر يدعو للدهشة - فسألته عن سبب تأخره فى الزواج، وهو يمتلك كل المقومات، ليصدمنى بالحقيقة المؤلمة، وهى أنه ابن بالتبني، لا ينتمى لعائلة معروفة، بل كان متفوقًا فى دراسته بأحد الملاجئ، تتردد عليه أسرة بعينها، وتهتم بشئونه من بعيد، حتى تخرج فى إحدى الكليات، ثم التحق بالعمل فى مؤسسة كبيرة، سرعان ما أثبت وجوده فيها، ووصل لمنصب قيادى رفيع، ولايزال ينتظره مستقبل أفضل، اشترى شقة فى أحد الأحياء الراقية من أجل الاستقرار مع شريكة حياته، وعندما هم بالاختيار، وهو فى سن السابعة والعشرين من عمره، لم يحالفه التوفيق مع أكثر من فتاة حتى الآن - لأنه بلا أهل معروفين - عائلته الوحيدة التى ينتمى إليها منذ أبصرت عيناه الدنيا، كانوا أطفالًا  يعيشون بملجأ للأيتام مثله، ثم دمعت عيناه قائلًا، «انتى كدا عرفتى الحقيقة اللى حاولت أخبيها عنك، لكن مش من طبعى التزييف»، ثم أخبرنى بأنه نفذ فقط رغبة أسرته بالتبني، بألا يفصح عن ظروفه الاجتماعية، حتى توافق عليه صاحبة النصيب،،، وأنا أستاذ أحمد، مشكلتى ليست فى ترددى بالزواج من هذا الرجل، الذى مال إليه قلبي، بل رفض جميع أفراد أسرتى لأبعاد مستقبلية، تخص تقبل الناس لقصتنا، كذلك نسب أبنائنا المنتظر إنجابهم منه بمشيئة الله، ونظرة المجتمع الذى لا يرحم،، وهو منحنى فرصة لأفكر فى الأمر، وأكد بأنه لن يحزن إذا قررت الانسحاب، لأن هذا قدره، ووالدتى تطالبنى بسرعة إعلان رفضى له.. لا أعرف ماذا أفعل، تعلقت بطيبة قلبه، كما أن تقبله لظروف إعالتى لصغارى تعد ضمن أهم أسباب تمهلى وتفكيري، بالإضافة لطبيعته الجذابة كإنسان قنوع، سيشاركنى فى حياة أطفالي، وهم أمانة فى رقبتي، فبماذا تنصحنى!؟ 

إمضاء ل. خ

 

عزيزتى ل. خ تحية طيبة وبعد…

ترتبط صورتنا الذهنية المكونة لرأينا النهائى فى الناس، بمعاملتهم وأفعالهم - لا أصول عائلاتهم أو أماكن نشأتهم، فنحن نقول إن قلوبنا ارتاحت لفلان منذ الوهلة الأولى، ونتأكد من صدق مشاعرنا تجاهه بالمعاشرة مع الوقت،، لأن هوية الإنسان ترتبط فى الأساس بجوهره، وإرادة شخصيته فى الإندماج والتأثير، لا باسمه أو مظهره، والرجل لا ذنب له فى حرمانه قدريًّا من وجود أو معرفة أهله الحقيقيين، بعد ولادته يتيمًا بين جدران إحدى مؤسسات الرعاية، بل يحاسب فقط على هويته الجديدة، التى نسجها من قوة إيمانه بالله، وسعيه فى رحابه، حتى أصبح ناجحًا بعلمه وعمله ووجوده الإنسانى المشرف، وصبره على ظروفه الاجتماعية التى وجد نفسه عليها،، ومما لا شك فيه أن هذا التكوين النابض بالحياة، يفتقد لأثره الراقى عند كثيرين، ممن تظلهم عزوتهم بدفء الاحتواء، لكن تغيب عنهم بعض الصفات الجوهرية مثل الشهامة والنخوة والصدق،،، لذا فإننى أدعوكى لمحاولة إقناع أسرتك بهذا المنطق - وأن الرجل يستحق أن يكون زوجًا صالحًا لكِ، بحاضره ومستقبله، ولا ضرورة مطلقة فى تمكن هاجس كلام الناس منكم، وإجبارك على خسارة فرصة الاستقرار مع من يستحق.. وعلى ذكر ما سبق، يحضرنى قول أمير الشعراء أحمد شوقى «ما أَوْلَعُ النّاس بالنّاس، يشتَغلُ أحدُهُم بشُئونِ أخِيه، وفى أيسَرِ شأنِهِ ما يُلْهِيه»، وهذا يؤكد أن الولع بالخوض فى أدق التفاصيل، التى لا تخص الفرد، هى طبيعة بشرية لن يسلم منها أحد،، كما لا تنسى أن نيتك فى الزواج بعد وفاة زوجك رحمه الله، ترتكز فى الأساس على الارتباط بإنسان يستحق حبك، وتأمنيه على صغارك، وهذا ما ينطبق تمامًا على الرجل الذى تقدم برغبة ملحة، فى حياة زوجية مبنية على الأمانة والصدق، بعد أن صارحك بظروفه، ولم يفاجئك بها، لذلك فهو الأحق بالفوز بقلبك، وفى الحديث الشريف الذى رواه مسلم عن أبى هريرة، رضى الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الأرواحُ جنودٌ مجندةٌ فما تعارفَ منها ائتلفَ وما تناكرَ منها اختلفَ»، فلا تترددى فى إسعاده وإسعاد نفسك، وخلق جو من الحميمية مع روح تألفينها وتألفك، لأن دافع التضحية متوفر وراسخ فى قرارة نفسيكما، وبمشيئة الله سيكون النجاح حليفكما،، 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ل. خ