الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مواجهتك سر قوتك

استشارى نفسى: الترويج لـ «العلاقات المؤذية» موضة أوجدتها «السوشيال ميديا»

انتشرت فى الآونة الأخيرة مصطلحات جديدة مثل التوكسيك والريد فلاج، وهو مصطلح أصبح كناية عن الأشخاص ذوى الصفات السيئة الذين يجمعهم ارتباط أو علاقة مع الآخرين، ولم يكن هذا المصطلح بجديد، حيث يعنى «الراية الحمراء»، ويهوى الشباب من فترة لأخرى الخروج بمصطلحات غريبة يرونها بمثابة «موضة»، ربما تعبر عن حالهم، وكذلك تشعرهم مثل هذه المصطلحات بالتميز.



من جانبها، تؤكد دكتورة أسماء علاء الدين، استشارى العلاج النفسى والعلاقات الأسرية أن هناك وعى كارثى طوال الوقت يروج لأفكار من نوعية «أبحث عن شغفك»، وإذا كان لديك انعدام رغبة فى علاقة ما اتركها، لافتة إلى أن مثل هذه الأفكار والمعتقدات خاطئة تمامًا، والترويج لها طوال الوقت على السوشيال ميديا يمثل خطورة كبير، إذ يفرز جيلا جديدا ويربى نفسيات تشعر بعدم الرغبة فى تحمل المسئولية أو تحمل الضغوط وتشعر بعدم القدرة على تحمل أطر العلاقات، وبهذا الشكل يتنامى لدى أى شخص فى علاقة، إن لم تعجبه هذه العلاقة بنسبة مائة فى المائة ليرفع شعار «لف وارجع تانى». 

وأوضحت استشارى العلاج النفسى والعلاقات الأسرية، أن هناك موضة لما يسمى بـ»العلاقات المؤذية» أى أننا نترك كل العلاقات، فتفكك العلاقات وينهار المجتمع، ولكن من الأجدى أنه بدلًا من إبعاد الناس عن بعضها، تقريبهم والترويج لمصطلح «قوة التمسك بالعلاقات المضطربة»، بمعنى أنه إذا كان الشخص فى علاقة مع شخص آخر مؤذى أو مضطرب أحاول جاهدة وأسعى لكى تنجح العلاقة، وفى حالة لم يتغير رغم المحاولات والفرص التى منحتها له ففى هذه الحالة أرحل وأنا على علم بأنه بعد التعب والمجهود لن أتعب أو أدخل فى حالة نفسية سيئة، لكن طالما أن الشخص غير مؤذى لكن أعانى منه فلا مانع من إكمال العلاقة.

وقالت أن كثير من الناس تبحث عن السعادة بكل الأوجه، فى حين أن الحياة ليست كذلك، وطبيعى أن يكون هناك أشياء مملة ورتيبة فى حياتنا لكن من الضرورى أن نفعلها،  لافتة إلى أن الترويج لأفكار من نوعية «حب ما تعمل» و«اتبع شغفك» هى أفكار ليست صحيحة طوال الوقت، فإذا أراد الشخص أن يعيش ويفعل كل الأشياء التى يحبها وتشعره بالانبساط، فهو بذلك يعيش حياة وهمية زائفة روجتها مصطلحات حديثة على السوشيال ميديا وكذلك البلوجر والتيك توكر وكلها مصطلحات غير واقعية، فعندما ينزل على أرض الواقع يتحمل المسئولية لأنه صلب نفسيًا وعلى قدر المسئولية، لذا يجب الترويج لفكرة مواجهة الضغوط وعدم الهروب منها، سواء فى فى علاقة أو عمل.

واستطردت: «عندما أنصح شخص بأن يبحث عن شغفه أو يجدده، فهذا لا يعنى أن يعيش 24 ساعة شغوف، لكن أعنى أن يبحث عن شيء يفعله على مدار اليوم أو الأسبوع تشحن طاقته ليتمكن من تحمل المسئولية وإنجاز المهام المطلوبة، فالترويج لفكرة أن الحياة هى البحث عن طرق أسهل للعيش هى فكرة خاطئة، لكنها البحث عن طرق أفضل للعيش، مع العلم بأن هناك صعاب للحياة ولا يجب أن نتعلم كيف نتخطاها وحسب، بل يجب أن نتعلم كيف نتقبلها أيضًا.

كما أوضحت د.أسماء علاء الدين أن تعلم كيف تكون صلب نفسيًا ولا تخطئ من الأفكار المغلوطة أيضًا، لأن هناك حقا مكتسبا للإنسان أنه يخطأ ويتعلم من هذا الخطأ وخوض تجارب لمعرفة نتائج تساعد فى التعامل بها فيما بعد، وليس صحيحًا الترويج لفكرة البعد عن العلاقات المؤذية طوال الوقت، فنحن نتعلم حتى من الأشخاص السيئين الذين نقابلهم فالتجربة تمنحنا معرفة بهذا النوع من الأشخاص تفيدنا وتمنحنا خبرة فى التعامل، فالتجارب الحياتية مهمة وكل شخص له فرصته فى أن يخطأ لكن يتعلم من هذا الخطأ، والوعى النفسى الكارثى لا يثبت أبدًا صحة الأهواء الرائجة عن ابحث عن شغفك وأى شىء يؤذيك أتركه وابتعد فيجب التمسك بالعلاقات المضطربة حتى لا ندخل فى دائرة التعب والندم.