بريد روزا
زاوية واحدة للاختيار لا تكفى

أحمد عاطف آدم
تحية طيبة لبريد روزا وبعد...
أنا سيدى الفاضل زوجة ثلاثينية، حاصلة على مؤهل متوسط، كنت موظفة وتركت عملى بعد عام واحد فقط من تعييني، نزولًا على رغبة زوجي، ابن أحد التجار المشهورين بالمنطقة التى نعيش بها وسط القاهرة، حالتهم المادية ميسورة للغاية، ولديهم أكثر من فرع يغطى تجارتهم الرائجة، تقدم لخطبتى وانبهر به الجميع - ابن سوق، يتمتع بمهارة كبيرة على الإقناع ساعدته فى مهمة الارتباط بي، والحصول على موافقة أهلي، أبى موظف بسيط يسعى لسترة ثلاث فتيات غيري، كذلك فإن إغداق خطيبى بكلمات الحب والغزل التى تجذب أى فتاة، وتشعرها بأهميتها وأنوثتها، دفعنى للتسليم سريعًا، دون مزيد من السعى لقراءة شخصية الإنسان الذى سيشاركنى حياتي، تزوجنا منذ عام تقريبا ورُزقنا بطفلتنا الأولى - لكننى غير سعيدة بتلك الأجواء الملتهبة، المحملة بغيوم اجتماعية وضغوط نفسية لا تطاق، بعد اكتشافى الشخصية الحقيقية لزوجي، وسلبيته فى الحياة بوجه عام، حيث يقوم والده بدوره فى الإنفاق علينا وتكفلنا التام معيشيًا، فى حين أن ابنه ووالد طفلتى مدمن للحبوب المخدرة، والتكاسل عن العمل ولعب القمار، يخرج بعد انتهاء ورديته بأحد محال والده - إذا ذهب من الأساس، ثم يعود فجرًا تفوح من فمه رائحة الخمر، وتكتظ جيوبه بحصيلة اللعبة المحرمة، وكأنها وظيفته الحقيقية، وبعض الأحيان يكون ثملًا - فى المقابل فإن شقيقه الوحيد رجل ملتزم دينًا وخلقًا، يحرص على الصلاة فى مواقيتها، وتقريبا هو من يدير ويتابع تجارتهم بمفرده، حاولت التحدث مع زوجى بشتى الطرق لإقناعه بالعدول عن تصرفاته المشوشة، خصوصًا وأنا حامل الآن، رغم استخدامى لإحدى وسائل تنظيم الأسرة، لكنه تحجج بأن نفقاته من لعب القمار تذهب فى أغراض شخصية، لا دخل لى أو طفلتى بها، مثل تدخين السجائر ومصروفاته خارج البيت، ولا يحق الاعتراض على أفعاله، طالما لا ينقصنى شيء، وأعيش حياة مستورة على حد قوله وقناعاته.. من جهه أخرى فإننى اكتشفت احتجازه بأحد مصحات الإدمان قبل زواجنا، عندما وقع فى يدى كارت متابعته الطبية، مدون عليه مواعيد زياراته،، تلك التفاصيل المحزنة زلزلت كياني، وجعلتنى أخشى على نفسى وطفلتى المسكينة من بطشه، كما أن تعقد الأمور بيننا جعله يتجه بالصراع لمنحنى آخر، بعد أن حاول إقناع أهله افتراءً وظلمًا، بأننى أختلق المشاكل بمحاولة الوقيعة بينه وبين أخيه، وأنا شرحت لحمايَّ كل شيء وشعرت بتفهمه الحقيقة وموقفى المعقد مع ابنه وطالبنى بالصبر - لكن هناك شيء غامض فى حياة تلك الأسرة، شئ لا أفهمه، يجعلنى لا أشعر براحة وطمأنينة فبماذا تنصحني!؟
إمضاء ز. ث
عزيزتى ز. ث تحية طيبة وبعد...
عندما شرحتى لحماكِ موقفك من تصرفات زوجك، اتضح بأنه يعلمها ويدرك قسوتها ومردودها جيدًا، بدليل مطالبته لكِ بالصبر، ومن المؤكد أنه لا يتمنى وصولكما إلى خط النهاية بهذه السرعة، بل يحبذ أن تفتح حفيدته عينيها على الدنيا، لتجد نفسها لاتزال تنعم بالاستقرار ودفيء الأسرة، بين أحضان والديها، كما يطمح فى طرق كل الأبواب لإعادة نجله إلى الطريق الصحيح،، وأنا أرى بأنك يجب أن تساعديه قدر استطاعتك، وعدم التعجل فى كتابة نهاية مؤسفة لحياتكما الزوجية، حتى لا تكون ضحيتها طفلة بريئة، لا حول لها ولا قوة،، ومما لا شك فيه أن قلقك وخوفك، من تطور سلوكيات وأخلاق زوجك للأسوأ، هى مشاعر إيجابية مشروعة لضمان الأمان الجميع - لكن تبقى محاولة إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، بطريقة علمية وإنسانية، ضرورة واجبة أيضًا - إذا اتبعتى استراتيجية إقناعية مؤثرة، تعتمد على الاحتواء والتحفيز، لا البغض والتوبيخ، مثل استراتيجية «الحد من الضرر»،، والتى ترتكز على العلاج النفسى المعرفي، بإمداد المدمن ببعض المعلومات لصيقة الصلة، بتصاعد درجات الضرر الواقع عليه آنيًا والمتوقع ومستقبلًا، وإبداء التعاطف والاستيعاب، وقبول فكرة التقليل من التعاطى بالتدريج، مع الاعتراف بقدرة الفرض وإرادته فى التغيير للأفضل، وهى طريقة ديناميكية فعالة، لأن رحلة علاج أى نوع من الإدمان، تمر بمراحل عدة.. ويبدو أن زوجك لايزال تحت المتابعة من قبل والده وشقيقه، لذا يجب أن تنضمى إليهما، وتطلبى مصارحتهما لكِ بكل تفاصيل حالته منذ اكتشافها، ومدى استجابته من قبل، والطريقة التى يرونها إيجابية لمساعدته، عطفًا على معايشتهم له،، ومن الأفضل أن يقود تشكيل فريق دعمكم، طبيب نفسى خبير، يعينه على التخلص من إدمانه وتصحيح مساره بالشكل الأمثل، كل هذا بدافع العشرة والطفلة التى تربطكما،، وهنا أكرر النصيحة من خلال بريد هذا الإسبوع، بحتمية تقبل أحكام القدر بعد كتابة عقد الزواج، ومباركة العلاقة المقدسة، وأهمية الإحساس بمسئولية كل طرف تجاه الآخر، لأن الفرصة كانت سانحة أثناء تقدم الرجل للزواج من فتاته، التى يريدها ويراها مكسب من وجهة نظره، كذلك فإن لأهل العروس رأى فى من سيصبح زوجًا لابنتهم، يتكون بحرص ودراسة متأنية لشخصيته، وتقييم فكرة الارتباط به من زوايا عديدة، منها سلوكه، وأخلاقياته داخل نطاق الأسرة وخارجها، وقدرته على تحمل مسئولية زوجة وأبناء، لأن زاوية واحدة للاختيار دائمًا لا تكفي.
دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ز. ث