الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

جرح غائر وأكثر من قلب

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



 

أنا طالب بكالوريوس بإحدى كليات القمة، أعيش بمدينة ساحلية، ولى ثلاث شقيقات أصغر مني، والدى مهندس اقترب من سن المعاش، بينما والدتى موظفة حاصلة على مؤهل فوق المتوسط، مشكلتى تجسدها معاناة نفسية، وأعراض اكتئاب تعرضت لها منذ ٣ سنوات بسبب أمى - فهى رغم حنانها الطاغى وقلبها الكبير، وتحملها من أجلنا الكثير، إلا أنها احبطتنى وقادتنى للمرض النفسى دون أن تشعر، بعد اكتشافى علاقتها بزميلها فى العمل، وأصبحت تلك الحقيقة - هى الوحيدة فى حياتى التى أتمناها كابوسًا، ربما استفيق منه يومًا ما.. السؤال الذى يراودنى دائمًا يدور بذهنى باستمرار هو- لماذا يُخان رجل ناجح فى حياته، كريم، طيب القلب، ومسالم مع الجميع، لم يبخل علينا أو عليها بأى شيء، كما لا أظن بأنه قصر فى واجباته تجاهها، للدرجة التى تدفعها لخيانته!؟ - لكننى ألومه على الإفراط فى ثقته بها، وتركها بحريتها كيفما تشاء، دون توجيهها والتشديد عليها بضرورة الحفاظ على حدود الله معه، بداية الصدمة أستاذ أحمد كانت من خلال تعليقات نصية من زميلها على كل منشوراتها بالفيس بوك، وكأنه أحد أفراد العائلة أو أخيها - رغم أن تعليقاته كانت تبدو عادية بعض الشيء، إلا أن حرصه على التعليق باستمرار، جعلنى أشك فيهما، فقررت مراقبة هاتفها للتأكد من صدق أحاسيسى المرتابة، وبالفعل وجدت رسائلا صوتية على تطبيق «الواتس آب»، تدل على اعتيادهما فعل ما يغضب الله بعلاقات كاملة، لم تنكرها أمى للأسف الشديد عندما واجهتها، وبكت بشدة كطفلة بغيضة تخشى من عقاب والدها، ثم عللت فعلتها بحالة الجفاء وعدم الانسجام المسيطرة بينها وبين والدي، منذ تزوجا،، وأنا شعرت حينها بأن كل دمعة تزرفها تقطع أوصالي، ليس تعاطفًا مع موقفها الذى لا تحسد عليه - بل على ما ينتظر شقيقاتى من فضيحة متوقعة، إذا خرج هذا السر للجميع.. كلما ضحكنَ أمامى وشعرنَ بسعادة الاستقرار ودفء الأسرة وحب الحياة، كنت أنا مكتئبٌ محبطٌ بشكل واضح، حتى أنهن لاحظنَ ذلك، لكننى أنكرت وجود أى سبب لحالتى المتوترة، وحرصت على إظهار رد فعل شبه متوازن، بينما أعيش على شفا الانهيار، لم أعد من يومها هذا الشاب الذى ينتظره مستقبل واعد، بل شبح رجل،، فاقد الثقة فى كل النساء،، ولا أخفيك سرًا بأننى أحببت زميلة لى بالدراسة تصغرنى بعامين، خرجت معها كثيرًا وتبادلنا كلمات الحب، على أمل الزواج، وبعد اكتشاف حقيقة أمى كرهت حبيبتي، تهربت منها، وأخبرتها بأننى سأتزوج من ابنة عمى نزولًا على رغبة والدي، كأننى أنتقم من والدتى فى شخص تلك المسكينة، حيث لم يغيب عن عقلى هذا اليوم الذى هرولت فيه لبيتنا كالمجنون، أغلق باب غرفتى وأبكى كالنساء، بلا حول ولا قوة - ما أعاننى فقط على الخروج قليلًأ من أزمتي، والانتصار على شيطانى هو مواظبتى على الصلاة،، فكرة قتلها كانت تراودنى بشدة، لا أعرف حقًا ماذا أفعل مع أم متعتها المحرمة كانت جزءًا لا يتجزأ من مخطط خبيث، لكسب ود واحترام لا تستحقه من الجميع، كالحية الرقطاء، حتى فضحها الله أمامى بتسليط خطواتى على تتبعها - وهى أم لم تراعِى تعرض ابنها للإذلال والكسر بهذه الطريقة البشعة، دفعتنى مؤخرًا لمطالبتها بالانتحار، والتأكيد على أنه أشرف لها من خطيئتها النكراء - وإذا كانت لاتزال تحتفظ ببعض من دماء الأمومة الشريفة، تسرى بعروقها فعليها القيام بتلك المهمة وبأى طريقة، غير مأسوف عليها - ولا أنكر بأنها سعت لإرضائى بكل ما أوتيت من قوة، بدايةً من حصولها على أجازة، تجددها بشكل متقطع وشبه متصل، تصلى وتتضرع إلى الله من أجل أن يغفر لها، لكننى لا أطيق وجودها فى حياتى سيدى الفاضل، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء ق. س

 

عزيزى ق. س تحية طيبة وبعد…

يقول الحق سبحانه وتعالى بمحكم آياته من سورة الشورى، بسم الله الرحمن الرحيم - {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم،، وأنا أتفق معك تمامًا بأن والدتك أخطأت بحق نفسها وحق الجميع - وليس لها أى مبرر يدفعها للقيام بما ذكرته، وأنت قابلت تلك السيئة بمثلها لتطييب خاطرك، وهذا حقك، عاتبتها وعنفتها بما فيه الكفاية، ويؤسفنى قول ذلك، لوصف علاقة ابن بامه، خصوصًا إذا كان هذا الابن متفوقا دراسيًا ومتميزا أخلاقيًا، يعيش ضمن أسرة تنعم بحياة مليئة بالحب والعطاء، وهم دائمًا يستحقون الأفضل،، لذا أدعوك لمحاولة نسيان تلك الذكرى بالتدريج، ولعل هناك حكمة من حكم الستر، كلما تأملتها وجدتها تشع نورًا ساطعًا، يظل به الستار عباده المستورين وهى - أن الله حينما يفضح أمر عبده أمام أحد من أهله ، فإنه يعطيه بذلك فرصة للتوبة والعودة إليه، ، وأنا اعتقد أن والدتك اغتنمت الفرصة وتابت توبة نصوح، ببكائها أمامك واعتذارها لك، وتضرعها إلى الله بالعفو، وظنها بك خير، كابن بار تعفو عند المقدرة، مع تأكيدك على تحملها الكثير من أجلكم،، كذلك فإننى أحيى فيك بشدة عزم وقوة الرجال وتمتعك بالرحمة، لم تخبر والدك بما حدث، لأن إلهاب الأجواء وتأجيج المشاعر لن يفيد - بل سيأتى بنتائج عكسية، ربما تذلذل كيان البيت بأكمله، يترتب عليها الخراب والإفساد لاستقرار شقيقاتك فى دراستهن ومستقبلهن،، أما بالنسبة لما تعانيه من إرهاصات ووساوس شيطانية تدفعك لجلد الذات ورفض الحياة والتعرض للاكتئاب، أنصحك بمزيد من السعى للتقرب أكثر من الله بالصلاة والدعاء، زد فى قراءة القرآن ونحن مقبلون على أيام مباركة، وشهر فضيل، اجعله فرصة لقهر مشاعرك المحبطة، والمضى قدمًا فى حياتك بلا تراجع ولا استسلام، وتأكد بأن حواء التى وصانا الله بها كرجال، تظل قدوة بأمومتها وعطائها وإخلاصها وتضحياتها، فلا تعقد نفسك بل حافظ على تفوقك، ثم اظفر بذات الدين تربت يداك، رتب أوراقك، الدراسة ثم العمل ثم الزواج، حتى تصل بسفينتك لبر الأمان... ولكل زوجة أقول - راعى الله فى بيتك وزوجك وتأملى نعمة التكريم التى حباكِ الله بها، فى كل الأديان السماوية، عندما جعل لكِ رجلًا واحدًا يقدس وجودك معه، وحمل اسمه بعقد مقدس غير مدنس، واعلمى بأن علو قدرك أمانة يجب الحفاظ عليها، ومسئولية يجب الانتباه إليها، من بينها دورك كأم، كرامة زوجها وأبنائها جزء لا يتجزأ من كرامتها، وأن خطأ مثل الخيانة الزوجية لا يقف عند مجرد أنه خطأ يغتفر بمجرد التوبة، لكنه إذلال وتنكيل مستمر ومتنام ، عند أى سيدة حرة تراعى الله فيما متعها من نعم، تضع صورة ابنها أمامها، تتخيل صراعه لخجله من نفسه، وشكه فى رجولته، وإصابته بوساوس لا حصر لها فى كيان حواء وأهميتها ودورها الإنسانى - بل ووجودها ككل،، ما قد يدفعه للانطواء والاكتئاب، وما لا يحمد عقباه من دوافع الانتقام، سواء من نفسه أو مجتمعه، يصبح بائسًا ضائعًا هشًا، حينها تسأل الأم الحرة نفسها سؤالًا، هل هذا هو ابنى الذى أتمناه من الدنيا؟، فينعكس عليها الهم والحزن، وتتحول حياتها لجحيم لا تستحقه، من أجل نزوة تمثل طعنة وجرح غائر، بقلب زوجها وأبنائها - بل ومجتمعها المحتفى بدورها الرائد فى صيانته وبنائه. 

دمتِ موفقًا دائمًا ق. س