الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاحتجاجات تتسع فى فرنسا.. ومطالبات بسحب الثقة من الحكومة

نكسة ماكرون

خطوة أقدم عليها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أدت إلى تفاقم الغضب الاجتماعى وإلى تقديم نواب اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة الغارقة فى أزمة سياسية، بعد قرار ماكرون بتمرير السلطة التنفيذية قانون إصلاح نظام التقاعد دون تصويت البرلمان.



قرار اتخذه ماكرون معطيا ظهره للأصوات المعارضة، مستندا إلى مادة فى الدستور تسمح بتبنى نص دون التصويت عليه فى الجمعية الوطنية، ما لم يؤد اقتراح بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.

ميدانيا، تجددت اشتباكات بين محتجين والشرطة الفرنسية فى وسط باريس؛ وأشعل آلاف المتظاهرين النيران، وألقى بعضهم مفرقعات على الشرطة، التى استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

ودعت النقابات العمالية إلى استمرار التظاهرات احتجاجاً على الإصلاح الذى ينص البند الرئيسى فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما.

ويبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى هذه المادة من الدستور «نكسة» بالنسبة إلى ماكرون الذى رهن رصيده السياسى فى سبيل هذا الإصلاح جاعلاً منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.

وغدا ستنظر الجمعية الوطنية الفرنسية اقتراحى حجب الثقة عن الحكومة، بحسب ما قالت مصادر برلمانية.

وقدم أحد الاقتراحين نواب مجموعة «ليوت» المستقلة و»تشارك فيه أحزاب عدة». وشارك نواب من ائتلاف «نوبس» اليسارى فى التوقيع على هذا الاقتراح الذى يندد بـ»ذروة الإنكار غير المقبول للديموقراطية».

كذلك قدم نواب من حزب «التجمع الوطني» اليمينى المتطرف بزعامة مارين لوبن، بدورهم اقتراحًا آخر لحجب الثقة، مؤكدين أنهم سيصوتون «لصالح كل اقتراحات حجب الثقة المقدمة».

وكرر الأمين العام لنقابة (سى إف دى تي) لوران بيرجيه تحذيره من تفاقم الغضب فى البلاد، داعيا الرئيس الفرنسى إلى «سحب الإصلاح».

ولإسقاط الحكومة الفرنسية يجب أن تصوت الأكثرية المطلقة فى الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أى 287 صوتًا.

ويتطلب ذلك أن يصوت حوالى ثلاثين نائبًا يمينيًا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح. ويتوقع أن يجمع اقتراح «ليوت» أصوات أطراف مختلفة بخلاف اقتراح «التجمع الوطني».

واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانونى استجابة للتدهور المالى الذى تشهده صناديق التقاعد، ولشيخوخة السكان.

وفرنسا من الدول الأوروبية التى تعتمد أدنى سن للتقاعد، مع العلم أن أنظمة التقاعد فى مختلف الدول غير قابلة للمقارنة بشكل كامل.

وتظهر مختلف استطلاعات الرأى أن غالبية الفرنسيين تعارض هذا الإصلاح، رغم أن عدد المتظاهرين فى الشوارع والمضربين عن العمل انخفض مع مرور الوقت.

ويبرز الغضب فى باريس أيضاً عبر تراكُم النفايات، إذ تسبّب إضراب عمال جمع القمامة إلى بلوغ كمية النفايات فى شوارع العاصمة 10 آلاف طن ، بحسب البلدية.

إلى ذلك، طلبت المديرية العامة للطيران المدنى من شركات الطيران أن تلغى الإثنين 30 % من رحلاتها فى باريس-أورلى و20%فى مرسيليا- بروفانس فى جنوب شرق البلاد، بسبب إضراب مراقبى الحركة الجوية احتجاجًا على رفع سن التقاعد.

وفى السياق نفسه، ذكرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية أنه «ليست أكوام  القمامة فقط، التى تنتشر فى شوارع باريس، هى التى بدأت تفوح منها رائحة»، مشيرة إلى أن «هناك رائحة يأس من قصر الإليزيه بدأت تفوح، بحيث يفرض إيمانويل ماكرون مشروع قانون إصلاح الرواتب التقاعدية، من خلال البرلمان، من دون تصويت».

وأضافت الوكالة أنّ ماكرون لجأ إلى أمر تنفيذى بسَنّ رفع الحد الأدنى لسِنّ التقاعد، لأن حكومته فشلت مراراً وتكراراً فى الحصول على دعم الجمهور، أو أصوات كافية من الحلفاء المحتملين فى البرلمان.

وبحسب «بلومبرج»، بدا الحساب البرلمانى ضيقاً للغاية بالنسبة إلى ماكرون، المنعزل بصورة متزايدة، إذ لم يقتصر الأمر على فشل الحلفاء الطبيعيين من يمين الوسط فى دعمه، بل إن كتلة ماكرون الوسطية نفسها تصدَّعت.

وأشارت الوكالة إلى أنّ حزب ماكرون محبط، ومعدلات تأييده منخفضة منذ ثلاثة أعوام، ورئيسة وزرائه إليزابيث بورن تواجه الآن تصويتاً بحجب الثقة فى البرلمان، لافتةً إلى أن من المتوقع أن تستفيد زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، من الفوضى، فى حين أنّ «المشاغب اليساري، جان لوك ميلينشون، يشعل نار الاحتجاجات».