الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

يستغلون الحالة الروحية لتمرير أفكارهم

رمضان.. موسم «التسلل الناعم» لدعاة التشدد

رغم المحاولات الحثيثة لدار الإفتاء المصرية فى منع «غير المتخصصين» من التصدى للفتوى عن طريق اقتحام جميع المنصات الرقمية؛ للوصول إلى أكبر عدد من المتلقين، إلا أن البعض يستغل الحالة الروحانية عند المصريين فى رمضان لتمرير أفكار متشددة عبر مواقع التواصل الاجتماعى.



يعد رمضان موسمًا لازدهار الكثيرين من «مُدعى العلم»، ممن يمتلكون لسانًا فصيحًا يمارسون به عملية «التسلل الناعم» إلى العقول، مُستغلين حالة الاستعداد الفطرى عند المسلمين لتلقى أى محتوى دينى فى رمضان.

يتم تمرير ذلك المحتوى إما مكتوبًا عبر منشورات تحظى بمئات المشاركات والتى قد تحوى على معلومات دينية خاطئة أو أفكار متشددة تحمل رأى فقهى وحيد دون عرض باقى الآراء. كما قد يتم تمرير ذلك المحتوى مرئيًا من خلال شباب يتصدرون المشهد الدعوى دون دراسة العلوم الشرعية، مُعتمدين على الإبهار البصرى فى عرض المحتوى وأسلوب الحديث لتوجيه الشباب إلى أفكار بعينها.

وأخيرًا يتم بث تلك الأفكار أيضًا بشكل مسموع فيما يُعرف بـ»البودكاست»، وهى حلقات صوتية مُسجلة شهدت إقبالًا فى الفترة الأخيرة، وتحظى بشعبية فى أوساط الشباب.

البعض يحاول تصدير فكرة منع غير المتخصصين من الفتوى على أنها «كهنوت» يجعل من الخطاب الدينى حقًا قاصرًا على دار الإفتاء والأزهر، وهو ما رد عليه مفتى الجمهورية دكتور شوقى علام قائلًا: «العبث كلُّ العبث فى إسناد أمر الفتوى، وخاصة فى الشأن العام إلى غير المتخصص أو غير المؤهَّل لهذه المهمة، وهى أمانة؛ فعلى المستفتى أن يلجأ لأهل الاختصاص، ولا يُعدُّ هذا من الكهنوت أو المجاملة لهم، بل يجب احترام التخصص وتحصيل العلم».

وحذر مفتى الجمهورية من خطورة الإفتاء بغير علم ولا تأهيل، أو نشر فتاوى غير المتخصصين، وخاصَّة فى الشَّأن العام؛ لأنَّ مَن يتصدَّر للفتوى لا بدَّ أن يتدرَّج فى مراحلها العلمية التى تحتاج إلى جملة من العلوم لضبط الفتوى، ولا تكون وسيلةً للظهور الشخصى لتحقيق مكاسب شخصية، أو كالتى تسعى إلى تغيير المستقر وإنكار المجمَع عليه أو تخطئة العلماء المتخصصين دون بيِّنة أو دليل معتبر.

ومن جانبه أكد الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الفتاوى التى تصدر عن غير المتخصصين من شأنها إحداث الفتنة فى المجتمع، وتحريك أعمال تخريب.

وتابع حديثه لـ«روزاليوسف»: «إصدار الفتاوى ذات الشأن العام من تخصص المجامع الفقهية المختصة فى الدولة، ولا يجب أن تصير مشاعًا لكل من تخطر إلى باله فكرة فيذهب متطوعًا لبثها عبر منصات التواصل الاجتماعى، مُستغلا شعبيته التى يحظى بها بين الشباب.

وفى الوقت نفسه أكد عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الخطاب الدينى ليس حكرًا على أحد قائلًا: «الباب مفتوح شرط الالتزام بالضوابط، لأن بعض هؤلاء الدعاة من أصحاب هوى وغرض معين، ومنهم من يتاجر بالدين ومشاعر العوام، لا نريد العنتريات الدعوية، فالإسلام لا يحتاج لها».

من ناحيته شدد الشيخ شوقى عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق، على ضرورة فرض قيود على إصدار الفتاوى، قائلا: «لا يجب أن نترك الحبل على الغارب لكل من يتحدث فى شئون الدين، وكأنه الحائط المائل الى يتسلقه الجميع، فلا بد من ضوابط منظمة لعملية الفتوى، وإلا سيتلاعب عبدالله رشدى وغيره بعقائد الناس وأفكارهم، مع تغييب دور المؤسسات المنوطة بالفتوى».

واستطرد وكيل الأوقاف الأسبق: «الفتوى تعبير عن وجه الإسلام الحقيقى ورأيه الواقعي، لذا فإن لها رجالها العارفين والدارسين.. والمفتى يجب أن يعلم أمور السياسة وغيرها، ولا ينغلق على الناحية العقائدية»، مؤكدا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- كان سياسيا ويعرف فى كل شىء.

أما عن دور المتخصصين فى اجتذاب الشباب للخطاب الدينى المعتدل، فقالت الداعية الإسلامية الدكتورة وفاء عبدالسلام: «الجيل الحالى من أئمة وواعظات الأوقاف بدأوا يكسروا الرتابة والملل فى الخطاب الديني، والإقبال ازداد على حضور خطبة الجمعة والدروس فى المساجد، بفضل ما أحدثته أكاديمية الأوقاف من طفرة فى الخطاب الدعوي»، متابعة: «إقبال الناس شديد جدا فى رمضان على تلقى الخطاب الدعوي، لكننا نرغب أن يكون الإقبال جوهريا وليس ظاهريا، أى ينعكس على سلوكيات الناس فى الشوارع».

وأضافت الواعظة بوزارة الأوقاف قائلة: «هناك شباب فى أكاديمية الأوقاف يتلقون صحيح الدين، والفقه المقصدي، وأصبح لهم تأثير على الساحة الدعوية، وهم كوادر شابة لا ينفذون أجندة، ويحملون راية الدعوة فى السنوات المقبلة».