الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حناجر ذهبية

عبدالفتاح محمود الشعشاعى

القرآن الكريم نزل بمكة وكُتب فى العراق وقُرئ فى مصر، لذا استحقت المحروسة أن تكون بحق «دولة التلاوة»، التى هادت العالم بحناجر ذهبية صدحت بأصواتها فأطربت المسامع، وتجلّت بمقامات تقشعر لنغمها الأبدان، لذا ترصد لكم جريدة «روزاليوسف» يوميًا فى رمضان، قصص أصحاب الحناجر الذهبية من القُراء المصريين الذين جابت أصواتهم العالم ولا تزال.



عمدة فن التلاوة، ومقرئ عزاء الزعيم المصرى سعد زغلول، وصاحب صوت فريد فى الترتيل والتجويد، إنه القارئ عبدالفتاح محمود الشعشاعي.

ولد الشعشاعى فى أسرة قرآنية بقرية تحمل اسم عائلته شعشاع فى محافظة المنوفية شمال مصر عام 1890، وورث عن والده حسن التلاوة، وأتم حفظ الكتاب فى سن العاشرة.

وكعادة أبناء جيله، انتقل الشعشاعى إلى محافظة طنطا لتلقى العلم فى المسجد الأحمدى، وهناك تعلم أصول التجويد، وأظهر تفوقًا ونبوغًا فريدًا، فنصحه المشايخ بالالتحاق بالأزهر الشريف فى القاهرة.

شد القارئ الشاب الرحال إلى الجامع الأزهر فى القاهرة، وتلقى دروسه على يد الشيخ على سبيع والشيخ بيومى، وفى القاهرة كوّن فرقة تواشيح دينية، وكان أحد أعضائها الشيخ زكريا أحمد الملحن الشهير.

وحققت فرقة التواشيح الدينية نجاحًا باهرًا وذاع صيت الشعشاعى بين الآلاف، وفى الليلة الكبيرة لمولد الحسين نحو عام 1925 تقدم لمقارعة كبار مقرئى الجيل الذهبى مثل الشيخ محمد رفعت والشيخ على محمود.

وأطرب الشعشاعى مريدى الحسين فى تلك الليلة، التى كان لها الفضل فى نقل صوته إلى أرجاء العالم الإسلامي، وصارت له مدرسة فى التلاوة، وتتلمذ فيها قراء كثر مثل محمود على البنا وأبوالعينين شعيشع.

عندما توفى الزعيم المصرى سعد زغلول فى أغسطس/آب 1927، وقع الاختيار على الشيخ الشعشاعى لقراءة القرآن فى مأتم عزائه، كما قرأ فى عزاءى رئيسى وزراء مصر عبدالخالق ثروت وعدلى يكن.

وانفصل الشعشاعى عن فرقة التواشيح الدينية عام 1930 لإصابته بمرض فى حنجرته. وفى لفتة إنسانية، قرر تخصيص راتب شهرى لرفاق دربه فى الفرقة حتى وفاتهم، وكان يعترف دائمًا بفضل رفاقه والآخرين.

وقبل افتتاح الإذاعة المصرية فى مايو/ أيار 1934، عرض على الشيخ الشعشاعى القراءة عبر الأثير، لكنه رفض فى بادئ الأمر خشية أن تكون من المحرمات، نظرًا لانطلاقها بالتعاون مع شركة ماركونى الإنجليزية.

وتوفى الشيخ الشعشاعى عام 1962 عن عمر ناهز 72 عامًا، وكانت حياته مكرسة بالكامل من أجل القرآن وتلاوته، وترك للمكتبة المصرية والعربية إرثًا زاخرًا من التسجيلات، منه 400 تسجيل بالإذاعة المصرية.