الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حناجر ذهبية

أحمد الرزيقى

القرآن الكريم نزل بمكة وكُتب فى العراق وقُرئ فى مصر، لذا استحقت المحروسة أن تكون بحق «دولة التلاوة»، التى هادت العالم بحناجر ذهبية صدحت بأصواتها فأطربت المسامع، وتجلّت بمقامات تقشعر لنغمها الأبدان، لذا ترصد لكم جريدة «روزاليوسف» يوميًا فى رمضان، قصص أصحاب الحناجر الذهبية من القُراء المصريين الذين جابت أصواتهم العالم ولا تزال.



القارئ الشيخ أحمد الشحات أحمد الرزيقى أحد أعلام دولة التلاوة، ولد فى 18 فبراير/ شباط 1938 فى قرية الرزيقات بمركز أرمنت بمحافظة قنا فى جنوب مصر، والتحق بمدارس التعليم العام، لكنه غير مساره لدى عودته من المدرسة ذات يوم.

يومها كان أهل القرية ينتظرون صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد عبر الراديو بعد اعتماده فى الإذاعة أواخر عام 1951، ورأى الرزيقى الطفل هذا التجمع فانضم إليهم لسماع قراءة الشيخ عبدالباسط ونسى المدرسة.

كان هذا اليوم بمثابة نقطة تحول فى حياة الرزيقي، فانقطع عن المدرسة وطلب من والده الالتحاق بكتاب القرية لحفظ القرآن، ثم التحق بمعهد القراءات بقرية أصفون المطاعنة بمحافظة الأقصر، ليرتحل بعد ذلك إلى القاهرة منتصف الستينيات.

وتعلم الرزيقى الموسيقى بقسم الدراسات الحرة بمعهد الموسيقى العربية المصري، وبدأ حلم القراءة فى الإذاعة يراوده حتى منتصف السبعينيات، وتقدم لأول مرة بأوراقه إلى الإذاعة، قبل أن يرفضه الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل، مراقب الشئون الدينية بالإذاعة.

وفى كتابه «عباقرة التلاوة فى القرن العشرين»، يروى الكاتب شكرى القاضى قصة مثيرة حول التحاق الرزيقى بالإذاعة، فيقول إن الدكتور كامل البوهي، مؤسس إذاعة القرآن الكريم ومديرها، لم يكن مقتنعًا بانضمام الشيخ إلى قراء الإذاعة، فراح يتابع قراءاته فى الحفلات الخارجية لكى يقف على حقيقة إمكاناته.

وبعد أسابيع قليلة من اعتماده ضمن قراء الإذاعة، وقبيل انطلاق صوته لأول مرة عبر الأثير، تعقبه «البوهي» سرًا، وسجل له أثناء القراءة فى مأتم بقرية أبراش بمحافظة الشرقية شمال مصر، وطبعت تلاوته على أسطوانة عرضت على لجنة اختبار القراء بالإذاعة.

وعلى عكس التوقعات، نالت قراءة الشيخ الرزيقى المسجلة سرًا استحسان أعضاء لجنة اختيار القراء التى أشادت بصوته، وطلبت رفع درجاته من 85 إللى 88 لإجادته فى التقويم الشرعى وأداء التنقل النغمى ومخارج الحروف وغيرها من معايير اختيار القراء.

وسجل الرزيقى المصحف المرتل فى الفترة من 1978 إلى 1982، وينقل عنه «القاضي» قوله إن «المملكة العربية السعودية تعرف قدر أهل القرآن جيدًا، إذ تقاضيت 300 ريال عن الدقيقة الواحدة من الإذاعة السعودية بعد أن كنت أتقاضى 5 جنيهات لكل 3 ساعات». نال الرزيقى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1990، وعين أمينًا لنقابة القراء حتى وفاته فى 8 ديسمبر/ كانون الأول 2005، وفى الأسبوع الأول من رحيله أقيم عزاء كبير ببلدته الرزيقات، وأتبعه عزاء آخر بمسجد عمر مكرم فى القاهرة.