الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى النسخة الخامسة من مواسم المسرح الجامعى

منافسة شرسة عنوانها الحيوية والابتكار بين جدران مركز الإبداع الفنى

وسط حشد جماهيرى ترك شباب الجامعة الدراما الرمضانية وتوافدوا على حضور دراما مسرحية شابة تبشر بقدوم مواهب جديدة للوسط الفني، مجموعة من الشباب يبدعون بأقل الإمكانيات ويدخلون معا فى منافسة شرسة كل عام للفوز بالالتحاق بورشة مركز الإبداع تحت إشراف المخرج خالد جلال الذى انطلقت الأسبوع الماضى فعاليات النسخة الخامسة من مواسم المسرح الجامعى برئاسته على خشبة مسرح مركز الإبداع الفني. 



بدأت المواسم هذا العام بفتح المجال لمزيد من التنوع والابتكار فى الأعمال المسرحية المشاركة بهذه الدورة التى تميزت بتوفير مساحات أكبر لتقديم أعمال تنوعت بين الكوميدى والكلاسيكى وأخرى معاصرة، مما يسمح لتقديم أشكال والوان متباينة من العروض تضمن للمهرجان حالة من الحيوية والإزدهار، يترأس لجنة التحكيم الناقد عاطف النمر وبعضوية كل من الفنان أيمن الشيوي، مصممة الأزياء الدكتور مروة عودة، ومصمم الديكور الدكتور عمرو الأشرف، والمخرج أحمد فؤاد.

«الرابعة والنصف»

افتتح المواسم فعالياته بالعرض المسرحى «الرابعة والنصف» التابع لجامعة المستقبل تأليف لورين بافييه، إعداد وإخراج نزار سيف، «الرابعة والنصف» عمل كوميدى بالأساس وبقدر ما يحمل من الكوميديا إلا أنه يتضمن رسالة عميقة الأثر فى النفس البشرية يدور حول طبيب نفسى يتبع طريقة جديدة فى العلاج بدلا من أن يحجز المرضى جلسات خاصة لعلاج مشاكلهم ومعاناتهم النفسية قرر الطبيب معالجتهم بأسلوب أكثر عملية وواقعية أن يعرضهم جميعا فى ميعاد واحد متفق عليه للمواجهة مع عقدهم النفسية ومحاولة التعايش معها وليس بوهم التخلص منها إلى الأبد، يمنح الطبيب موعدا واحدا للجميع دون أن يعلم أى منهم الموعد، يظنون أنهم جاءوا وتقابلوا بلا جدوى لأن الطبيب لم يأت بعد، رغم أنه كان معهم منذ اللحظة الأولى لأنه أيضا يعانى من عقدة التلذذ بسب وتوبيخ الناس بلا مبرر رغما عنه، يأتى الجميع وكل منهم لديه عقده، من يعانى الوسواس القهرى فرط حساسية الإحتكاك بالبشر، وآخر مريض بالوهم والشك وسوء الظن الدائم يخشى عواقب الأمور يتوهم أنه فقد أو سيفقد شيئا بسبب نسيانه كما أنه متشدد دينيا، فتاة لديها صدمة عصبية منذ حادث وفاة أبيها تعانى تكرار الكلام دون أن تشعر وآخر يخشى السير فوق الخطوط، كل هؤلاء اجتمعوا معا فى نفس الموعد مع الطبيب دون أن يدروا بل ظنوا أنه لم يأت بالموعد المحدد لكنه استطاع أن يقنعهم بالمواجهة والتعايش مع تلك العقد لتجاوزها، قدم الشباب العرض بوعى كبير برسالة النص الفكرية والفنية فى تقديم إعداد كوميدى إعتمد على خفة حركتهم الجسدية وخفة ظلهم فى تصادمهم الفكرى والنفسى معا ابدع الجميع فى تقديم عرض مختلف ساهم فى إضفاء حالة من التنوع على عروض المواسم التى يغرق أغلبها فى الأعمال الكلاسيكية الجادة، تحرر الشباب من هذا التقليد وقدموا عرضا أجادوا فى إعداده وتمثيله بذكاء وحرفة عالية وهم عبد الرحمن رمضان، رامى صابر، إبراهيم علي، عبد الرحمن مراد، سلمى محمد، نزار سيف، العرض إعداد وإخراج نزار سيف.

«السامرية»

«السامرية» مأخوذ عن نص «الوردة والتاج» تأليف ج.ب.برسيلي، اهتم الشباب فى الإعداد بتقديم شكل مختلف للبار عن النص الأصلى استبدلوه بأحد أشكال الخمارة الشعبية بعنوان «السامرية» قدم العمل فى إطار شعبى تحديدا فى عصر الفتوات، ربما ناقض العرض هنا روح النص الأصلى ولعب على شكل ومستوى آخر من الحالة الشعبية وكيف يواجه رجل فتوة مصيره مع الموت هل يخشاه أم يواجهه بشجاعة رغم مهارة الشباب فى تمثيل وأداء الشخصيات خاصة جاسمين خالد فى دور راوية صاحبة السامرية وأمجد عادل فى دور المعلم ضامن إلا أن الإعداد إهتم بالشكل الفنى على حساب ابراز وعيه بمضمون وروح النص الأصلى حيث استعرض الشباب مهاراتهم فى تقديم الحالة الشعبية للمكان بشكل مبالغ فيه أكثر من التركيز على عمق ومضمون النص فى فكرة كيف يواجه الإنسان ساعة موته إذا حلت عليه فجأة، شارك فى بطولة العرض باسم حازم، محمد أنور، عمر مأمون، إعداد أمير سلام وإخراج أحمد محمد سيد.

«الوليمة»

اشترك معه فى أزمة الإعداد الفنى عرض «الوليمة» جامعة حلوان المأخوذ عن نص «وليمة عيد» للكاتب يوسف مسلم، اهتم أيضا الشباب بالشكل على حساب جوهر ومضمون النص الذى يتناول فكرة شديدة العمق والخصوصية والسخرية من واقع انقلبت فيه المعايير واصبح كل شيء مقلوب طبيعيا والطبيعى غير معقول وغير منطقي، فى مجتمع عبثى غريب يحكمه اللامنطق يعيش عيد المواطن المتزن نفسيا بالمعايير الإنسانية الطبيعية بين مجموعة من المتوحشين الذين نبذوه وحقروا من شأنه لأنه يتعامل مع الأمور ببديهة ومنطق فهم يرون أنه من غير الطبيعى أن يفكر الإنسان برأسه بل بقدمه، ومن غير الطبيعى قضاء الحاجة فى المرحاض بل فى الشارع هكذا يعيش هؤلاء المواطنون، وهو لا يستطيع الانسجام أو التعايش معهم الجميع ينبذه حتى الطبيب النفسى يراه فى حاجة إلى علاج، فكرة مبتكرة لنقد أوضاع المجتمعات التى انقلبت فيها المعايير وطبائع البشر والأمور، استطاع الشباب التعبير عنها إلا قليلا مذبذبين بين محاولة الإخلاص للفكرة والتحريض على افسادها، كان من بين عوامل الإفساد إضفاء كوميديا وتعمد وضع افيهات أحيانا غير ملائمة للحالة الفنية لإنتزاع الضحك من الجمهور على حساب الحالة الساخرة التى يبرزها النص بعمق شديد، النص ساخر يحمل حالة من الفانتزيا فى مضمونه لمجتمع هزلى كان لا يحتمل تحويله لعمل كوميدى خاصة وهو يحمل بين سطوره ما يبعث على السخرية والضحك بسلاسة ونعومة، نص يحمل وغز بالألم مع السخرية من شدته.. وهو منهج مختلف عن الكوميديا الصاخبة التى لم يوفق صناع العمل فى مواضع كثيرة من صياغتها العرض إعداد وإخراج أسامة الطوخى وبطولة عمار ياسر، إبراهيم عمرو، يوسف خطاب، يسرا يسري، مريم سامي، يوسف مراد.

«العيلة»

خرج «العيلة» جامعة عين شمس من حيلة الإعداد رغم إعلان أصحابه أنه عن نص «كلهم أبنائي» لآرثر ميللر إلا أن فريق العمل قدم تأليف على النص الأصلى لعمل آخر وليس إعدادا بما تحمله الكلمة من معنى فهم أخذوا تيمة الأب الذى قرر أن يشقى بالتضحية حتى ولو بارتكاب الجرائم فى سبيل حماية عائلته وابنائه، وفى النهاية تنبذه وتثور عليه العائلة لبشاعة ما ارتكب من جرم، تدور الأحداث فى ما بعد حرب 48 عن أب ساهم فى تسليم أسلحة فاسدة للجيش أثناء الحرب تسببت فى مقتل عددا من الجنود من بينهم ابنه تعيش الأم على أمل عودة الابن بعد خمس سنوات بينما يخفى الأب حقيقة ما حدث عن العائلة يقع شقيق الابن المتوفى فى غرام خطيبته ويحاول الزواج منها ويعيش فى صراع مع أمه التى ترفض هذه الزيجة لأنها على يقين من عودة هذا الابن المفقود، تتصاعد الأحداث وتكتشف العائلة سر الأب الخائن يثورون عليه ويقرر الانتحار، قدم الشباب العرض بجودة فنية عالية على مستوى التمثيل والإخراج خاصة سعيد سالمان فى دور الأب الذى لعبه بمهارة واتقان اقترب من مستوى المحترفين وليس بروح شاب هاو فى بداية مشواره، حافظ على وضعه وحركة جسده البطيئة وبدا عليه طوال العرض حالة الرجل المهموم المثقل بحمل كبير لا يشاركه فيه أحد، وكذلك هاجر سيد فى دور الأم رغم صغر سنهما وحداثة عهديهما إلا أن الاثنين استطاعا اقناع الجمهور بالمرحلة السنية لعمر الأب والأم لعائلة تشتت نفسيا وذهنيا بعد وفاة الابن، شارك فى بطولة العرض أحمد نادي، أفنان شاهر، مارى جرجس، عبد الرحمن الدمسيسى إعداد وإخراج محمد خلفاوي.

الأشجار تموت واقفة

ربما تجاوز «الأشجار تموت واقفة» لإليخاندرو كاسونا أزمة الشطحات فى الإعداد المسرحى قدم الشباب إعدادا جيدا منضبطا وملتحما بالنص الأصلي، تخلوا عن الإطار العام للقصة وقرروا الدخول فى مضمونها مباشرة، يتناول العرض قصة حفيد هجر جده وجدته بعد أن فسدت أخلاقه لم يستطع الاستمرار بالعيش معهم هاجر إلى كندا وظلت الجدة ينازعها الشوق للقائه، فكر الجد فى اختلاق قصة من خياله والاتفاق مع شخصين يمثلان دور الحفيد الذى تبدلت أحواله وعاد مع زوجته من كندا تكتشف الجدة هذه الحيلة لكنها تقرر أن تعيش داخلها بدلا من مواجهة الواقع المؤلم خاصة بعد عودة الحفيد الأصلى وجحوده بها، فى صورة مسرحية بديعة قدم الفريق أجواء العرض المسرحى الذى تفوق فى الإعداد وتصميم الديكور والإضاءة بينما يؤخذ على الشباب أحيانا المبالغة بالإستظراف فى مواضع لا تحتمل الكوميديا المبالغ فيها بدت مفتعلة وغير ملائمة بينما تفوقت ميرا ميخائيل بجدارة فى لعب دور الجدة، شارك فى بطولة العرض صابر عادل، مينا منير، عمرو عراقي، محمد يحيي، ميار يحيي، إعداد وإخراج فادى أيمن.