عبد الملك بن مروان قاوم غش النقود بتعريبها وسكها من الذهب الخالص

رغم أن النقود التى شهدتها الحضارة الإسلامية كثيرة جداً لكن يعد دينار الخليفة عبد الملك بن مروان الذهبى أشهرها والموجود حالياً فى المتحف الإسلامى، حيث بدأت خلافة عبد الملك بن مروان فى مستهل عام 65هــ/  685م، واستمرت ال عام 86هـ/705م، وهو الخليفة الخامس بين الخلفاء الأمويين،وقد اختلفت الروايات التاريخية التى وردت حول السبب الذى دفع عبد الملك بن مروان إلى تعريب النقود.

ومن بينها رواية ذكرها المقريزى فقال إن خالد بن يزيد بن معاوية قال له: «يا أمير المؤمنين إن العلماء من أهل الكتاب الأول يذكرون إن أطول الخلفاء عمرا من قدس الله تعالى فى دراهمه»، فعزم على ذلك ووضع السكة الإسلامية،والثانية أشار إليها ابن خلدون وهى ترتبط بالبعد الاقتصادى وانتشار الغش فى النقود مما دفع عبد الملك بن مروان لتعريب النقود. 

ووجه الدينار يشتمل على عبارة التوحيد فى ثلاثة اسطر متتالية داخل دائرة من حبيبات متماسة (لا اله إلا – الله وحده – لا شريك له )،و الهامش تسير كتاباته عكس إتجاه عقارب الساعة، وقد نقش عليه الاقتباس ألقرانى من سورتى الفتح جزء من الآية 29 وسورة الصف الآية 9 (محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله).

أما الظهر عليه الأقتباس القرآنى من سورة الإخلاص فى ثلاثة اسطر متتالية داخل دائرة من الحبيبات المتماسة (الله احد الله -  الصمد لم يلد - ولم يولد)، والهامش نقش عليه عكس اتجاه عقارب الساعة البسملة وتاريخ الضرب (بسم الله ضرب هذا الدينر فى سنة سبع وسبعين)

والنقود الذهبية بعد التعريب، لم يسمح الخليفة الأموى بضربها فى غير مصر وسوريا، فانحصر انتاج الدنانير العربية فى دار السك بدمشق والفسطاط، حتى أنه أصبح من الصعب التمييز التمييز بين الدنانير السورية أو المصرية بعد أن وحد بينهما المظهر العربى العام الذى حدده إصلاح عبد الملك بن مروان للنقود.

 وهكذا نجح عبد الملك فى تعريب النقود تعريبا كاملا، تحقيقا للدوافع الدينية والقومية المتمثلة فى إضفاء الطابع العربى على الدولة الاسلامية من خلال مضمون كتابات النقود ذات الطابع الدينى الذى يعبر عن عقيدة الدولة الاسلامية.

هذا فضلا عن الدوافع السياسية والاقتصادية المتمثلة فى رغبة عبدالملك فى اعادة حق ضرب النقود الى الخلافة متمثلة فى شخصه فقط وبطراز عربى جديد، وهو ما يحقق بدوره الاستقرار الاقتصادى من خلال وجود عملة عربية اسلامية مستقلة.