«تحت الوصاية» يثير الجدل حول أحقية الولاية الشرعية والتعليمية على الأطفال

عمر حسن
أسرة بسيطة مكونة من أب وأم وطفل وطفلة، كانت تعيش حياة هادئة يسعى خلالها الأب إلى تأمين قوت يومه وأبنائه، وفجأة مات الأب وترك وراءه زوجة مكلومة بطفلين لا تعرف كيف تؤمن مصيرهما، لتقع فريسة لشقيق الزوج الذى طمع فى ورث أخيه واستغل كون أبيه الوصى على الأبناء بحكم القانون.
هكذا فتح مسلسل «تحت الوصاية» للفنانة منى زكى قضية شائكة حسمها القانون لصالح الذكر وليس الأنثى، لكن هل تنجح الدراما فى تغيير القانون وتمكين الأم من حق الوصاية على أبنائها بعد وفاة زوجها؟ خاصة أنها الأكثر دراية باحتياجات الأبناء.
لقى المسلسل تفاعلًا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسردت الأرامل حكاياتهن من «الوصاية» وكيف أنها تحولت إلى كابوس يهدد استقرار الأسرة المكلومة، خاصة إذا اصطدمت الزوجة بأسرة طامعة فى إرث الابن ولديها الرغبة فى حرمان الزوجة من أى حقوق بما فيها حقوق أولادها.
أوضحت دار الإفتاء المصرية فى فتوى لها حول الوصىّ الشرعى بعد وفاة الأب، أن الأصل فى هذا أن يتولى أموال اليتامى الوصىّ الذى أوصى له الأب، سواء كان الوصىّ من الأقارب كالأم أو الأعمام أو الجد أو غيرهم، فإن لم يوصِ الأب لإنسان معين بالولاية على مال أبنائه، يكون الجد أبو الأب هو القائم والمسئول عن أموالهم، وإذا لم يكن الجد موجوداً اختار الحاكم أصلحهم لهذه الولاية، من حيث الأمانة والقوة على حفظ المال وصيانته.
وقال الشيخ إبراهيم عبدالراضى، أحد علماء الأزهر، إن الوصاية الشرعية يجب أن تكون للذكور لارتباطها بالإنفاق، لذلك الأم لا تكون وصياً شرعياً لأنها لا يجب عليها الإنفاق، ولكن على الجد مسئولية الإنفاق وترتبط بالعصبة. وأوضح «عبدالراضى» طبيعة اختلاف العلماء فيما يتعلق بترتيب الولاية على الأبناء فى المال بعد وفاة الأب، فعند الحنفية تكون الولاية لوصىّ الأب، ثم للجد من جهة الأب ثم لوصيه ثم للقاضى فوصيه، أما عند المالكية والحنابلة فتكون الولاية لوصى الأب ثم للقاضى أو من يعينه، وأخيراً عند الشافعية تكون الولاية للجد، ثم لوصى الأب أو الجد، أى الباقى منهما، ثم للقاضى أو من يعينه لذلك.
واستشهد الشيخ إبراهيم عبدالراضى بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فالأولى رجل ذكر»، فأقرب الذكور للرجل هم أولى به للإنفاق، وأقرب الذكور للأبناء فى حالة وفاة الابن هو الجد فيكون وصياً عليهم فى مالهم لأنه ينفق عليهم، وفى حال وفاة الجد الأولى شرعياً أن يكون رجلاً وهو بعد الجد العم.
وأضاف أن الأم لا يجوز لها أن تشترى وتبيع، لأن الثابت لها حق الحضانة، أما ولاية التصرف للأب، أو لمن يقوم مقامه بعده، فالولاية على اليتيم ولايتان: ولاية النفس، وولاية المال، ويتولاهما الولىّ بعد وفاة الأب.
وأوضحت رئيسة المركز المصرى لحقوق المرأة نهاد أبو القمصان، أن قانون الولاية على المال لا يرتبط بقانون الأحوال الشخصية الحالي، مؤكدة أن تعديلات قانون الأحوال الشخصية لابد أن يصاحبها تغييرات فى فلسفة القوانين المرتبطة بالأسرة.
وقالت أبو القمصان، فى تصريحات: «كنا نتحدث مع وزارة العدل، وأرسلنا للجنة المعنية بوضع مشروع القانون تصور شامل لقانون الأحوال الشخصية والوصاية، وكلاهما مفترض فلسفتهما واحدة تنطلق من التعامل مع الأسرة كوحدة واحدة لا يدخل طرف خارجى طالما طرفى الأسرة موجودين»، مضيفة: «لا نلجأ لجد أو عم او خال».
وشددت على أن قانون الولاية على المال لا يتعامل مع حالات فقد الأب فقط، ولكنه يؤسس قواعد الولاية على أموال الطفل بصفة عامة. وفى حال انفصال الأم والأب، تقترح رئيسة المركز المصرى لحقوق المرأة، أن تكون الولاية للطرف الحاضن: «لا نعالج قانون الولاية وحده الفلسفة الحاكمة للقانون شايفة الأسرة إزاي؟.. لابد أن تكون وحدة واحدة».
وأكدت أن قانون الولاية، على المال الذى يعود لأوائل الخمسينيات من القرن الماضى لا يقوم على سند فقهى فى الشريعة الإسلامية، وربطته بالسياق الاجتماعى الذى صدر فيه القانون: «الستات ما بتصوتش فى الانتخابات وكام واحدة بس اللى دخلت الجامعة».
من جانبها طالبت النائبة ريهام عفيفي، عضو مجلس الشيوخ، بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال والصادر منذ خمسينيات القرن الماضي.
وقالت النائبة ريهام عفيفى: إن قانون الولاية على المال والجارى العمل به يواجه العديد من القصور التشريعى الأمر الذى يتطلب المعالجة السريعة، لاسيما أن الكثير من الأمهات الأرامل تعانين الأمرين بعد وفاة الزوج للحصول على مستحقات أبنائها سواء من الجد أو العم؟.
وأشارت إلى أنها تعكف حاليا على إعداد طلب مناقشة موجه إلى المستشار عمر مروان، وزير العدل سيتم تقديمه عقب أجازات الأعياد يتضمن ضرورة تعديل قانون الولاية على المال والصادر فى عام 1952، خاصة أنه لم يعد يتناسب مع هذا العصر ولا يراعى حقوق المرأة الأم فى انتقال الولاية لها على أبنائها حال وفاة الزوج وما ينتج عن ذلك من مشاكل وقضايا تضر فى المقام الأول الأبناء وتهدد مستقبلهم.