الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

حقوق نطالها بالإرادة والصبر

أنا سيدى الفاضل زوجة أبلغ من العمر ٢٩عامًا، أعيش بإحدى محافظات الدلتا، لى ظروف اجتماعية خاصة،، هى أننى تربيتُ بملجأ، ثم تزوجت من ابن أسرة ثرية، كان والداه يزورانا كل شهر، منذ كنت طفلة رضيعة، يعتنيان بأطفال الدار ويساعدانا ثم يذهبا، عرفت بعدها أنهما ظلا بلا أبناء طيلة عام وبضعة أشهر، خلال تلك الفترة تكونت عاطفة أبوة منهما تجاهى،، قوَّاها ودعمها تمتعى ببراءة خاصة فى نظريهما، جعلتهما يتعلقان بى دون كل الأطفال - بل واعتادا الاتصال بمشرفى الدار وتوصيتهم علىَّ،، أو قل هو القدر الذى رسخ وأجج تلك المشاعر، للدرجة التى دفعتهما لنية التبني، قبل أن يرزقا بحمل أول فى طفل وحيد، لم ينجبا بعده، بسبب إصابة الزوجة بورم حميد، كان على وشك التحول، ففضل الأطباء استئصال الرحم معه،، مرت السنوات دون أن يفقدا العزيمة فى زيارتى ومواصلة دعمى، كنت تلميذة متفوقة أشعر بمسؤوليتى تجاه إسعادهما بنجاحى، وظلا هما ينفقان على دراستى وإعالتى بكرم شديد، بل وأشركانى بشرف مناداتهما أبى وأمى،، مع مرور الأيام وبلوغى الشهادة الثانوية، وابنهما الصف الثانى، نشأت علاقة أقوى من الصداقة بيننا، حاول هو تجاوز حدودها البريئة - لكننى كنت حريصة عليه وعلى نفسى من جهة، ومن جهة أخرى - لا أريد أن يتمكن الفشل مني، بأى فترة من فترات حياتي، مثلما حدث لأبى وأمى الحقيقيين، واللذان غابا عن الصورة، بتخليهما عن مسئوليتى، وتركى بلا أهل مدى الحياة، أعانى عار الخجل من فعلتهما المشينة،، رد فعلى مع هذا الشاب جعله يتمسك بى أكثر، ويصر على أرتباطنا رسميًًا - رغم عدم موافقة أبيه وأمه على تلك الخطوة، وأننى ببساطة شديدة لا أصلح له، وأكبره بعام - لكنه بنى دفاعه أمامهما على تعففي، وتمنعى من الوقوع فى الخطأ، مع حبى الشديد له،، كذلك فإن التحاقى مثله بأحدى الكليات العملية العامة، بينما هو بجامعة خاصه، يشفع بأن أكون جديرة بهذا الارتباط - وحتى لا يجرحانى ويحفظا ماء وجهيهما أمامي، تظاهرا والداه بأنهما وافقا، لأنهما كانا قد انتويا اصطحابى وأنا صغيرة للعيش معهما، إلا أن إرادة الله جعلتنى أدخل البيت كزوجة لابنهما الوحيد، وأنا أعرف جيدًا بأن تلك الواقعة برمتها شاذة عن المألوف، حيث يظل زواج أبناء الملاجىء مرتبطًا ببعضهم البعض فى الغالب الأعم، وليس لهم الحق فى الاقتران بأبناء العائلات،، المهم تزوجنا ورُزقنا بطفلين توأم، هما كل حياتنا الآن، ورزقنى الله بفرصة عمل بإحدى الشركات، فأصبحت والحمد لله موظفة لها شأنها، وزوجى صاحب شركة صغيرة،،  نعيش حياة مستقرة - إلا أنه لا يعترف بى كزوجة، بل خادمة لوالديه المسنين، اللَّذَين يحتاجا لرعاية خاصة،،، وربما ستفهم مشاعرى أستاذ أحمد وتقدرها كزوجة لها كل الحق فى أن تنعم بالسكينة، وليست كابنة ملجأ تربت فى بيت أسيادها، ترافقها لعنات الماضى الأليم، وعليها أن تدفع مقابل تكفلها، وزواجها من ابن عائلة، بعد أن تحولت معاملتهما تمامًا معى، وأصبحا يرموننى بوابل من الإهانات المستترة، وأنا حساسة بما فيه الكفاية أشعر بذلك،، طالبت زوجى بإحضار خادمة لمساعدتي، رفض بشكل قاطع، قائلًا: «خلاص زهقتى دلوقتى من أبوكى وأمك بعد ما كبروا، مش مكسوفة من نفسك»، تلك الكلمات جعلتنى أشعر بأنه يعايرنى، بما ليس لى ذنب فيه، ولا أعرف ماذا أفعل، وأنا أحمل هم تربية أبنائى، ومسئولية عملى اليومى، وإعالة والديه،، هذا بالإضافة لمعاملة الجميع لى بتعالِ، وضغط نفسى وبدنى لا يطاق، فبماذا تنصحنى؟ 



إمضاء أ. ب

 

عزيزتى أ. ب تحية طيبة وبعد…

أرى بأن مشكلتك ترتكز فى الأساس على حاجز نفسى قوي، هو المحرك الأساسى للطاقة السلبية المسيطرة عليكِ، والمنهكة لإرادتك فى الاستمتاع بالحياة،، وسببها تفكيرك المفرط فى ظروفك الاجتماعية، التى وصفتيها بالخاصة، وعلى ذكر تلك الظروف، أؤكد لكِ عزيزتى الغالية بأننا جميعًا نُجبر فى رحلتنا، على مواقف وتداعيات قدرية لا ذنب لنا فيها،، فهذا يولد بإعاقة جسدية، وذاك نفسية أو اجتماعية، وآخر يتعرض لضغوط مادية مكبلة وقاسية.. الإنسان خلق فى كبد أى مشقة، ومع تلك المعوقات يرزقنا الله بالترياق الشافى، بين أيدينا لنتخطاها - وهو الصبر، إذا اعتبرنا المحن التى نعانيها بمثابة منح ربانية، الهدف منها هو إثابتنا على قوة إرادتنا وإيماننا، بعد اختبار مؤقت يليه تبدل أحوالنا للأفضل، بمنطق دوام الحال من المُحال،، لذا لا تركزى مع رفض والدا زوجك ارتباطكما فى بادىء الأمر، ولا تجعلى هذا الرفض المبدئى هاجسًا ومحركًا لصراع خفى وداخلي، من الشعور بالاضطهاد، تبنى على أساسه تصرفاتك وردود أفعالك تجاههما، بل عيشى على طبيعتك تمامًا، بعد أن دخلتى هذا البيت كشريكة قوية ومؤثرة، وزوجة مخلصة وإنسانة ناجحة، ركزى فقط مع كل تلك المكاسب لا شيء آخر، واجعليها وقودًا لمزيد من العطاءات والمنح، فبعد الوصول لمستوى اجتماعى أكثر استقرارًا بتفوقك الدراسى واجتهادك، وتخطى حواجز  أصعب بكثير، فلِمَا لا تنجحى هنا فى بيت زوجك وتفوزى بكل شيء، حبه الطاغى واحترامه لكفاحكِ معه، سعادة طفليكِ واستقرارهما، وكذلك ثقة والديه ووفائك معهما، ردًا لجميل احتوائهما لكِ فى الصغر، والإحسان إليكِ كابنه اختصاها بحبهما الجارف، وأشركاها فى حياتهما، عن طيب خاطر ليس إلا،،، ولتعلمى بأن كبر السن له أحكامه وتداعياته من اختلال فى وظائف الجسد، ومنها الأعصاب، والتصرفات والسلوكيات الإنسانية بالتبعية - ليس مع الغرباء فقط، بل ومع الأبناء أيضًا، فلا تشغلى بالكِ إلا بالصبر عليهما، من أجل الإثابة، ولنتذكر لأنفسنا يومًا كهذا، تداهمنا فيه تقلبات الزمن،، وأنا على يقين بأن معدنك الأصيل، هو من سيجعلك تبذلين ما باستطاعتك لإسعادهما،، وإحقاقًا للحق - فإن استعانتك بمن تساعدك بأجر فى خدمة والدا زوجك ضروريًا، إذا لم يكن بمقدورك فعل هذا بمفردك، عطفًا على ظروف عملك وعودتك منهكة وتعدد المهام بالمنزل،، لكن دعينا نتفق أن تحقيق هذا الهدف سيكون بالإمكان، بعد كسب حب وثقة الجميع بعدم إظهار التأفف والامتعاض، وفى الوقت المناسب سيكون طرح الأمر من جديد مرحب به... ولكل زوج يرفض استقدام معاونة لزوجته فى خدمة والديه، تحضرنى إجابة ذكية للشيخ محمد الراوى رحمه الله، بإحدى البرامج التلفزيونية على سائلة، تقول: «زوجى يطلب منى خدمة أمه، بحجة أنها مريضة تحتاج لمن يخدمها، فهل واجب عليَّ خدمتها؟، فقال الشيخ: «لا يجب عليك خدمة أمه، بل خدمة أمه واجبة عليه هو، وليس له أن يلزمك بذلك.. وأنصحه بثلاثة حلول، الأول: أن يأتى بأمه إلى بيته ليتمكن من خدمتها بنفسه هو وأولاده، الذين هم أبناؤها كذلك، فخدمتها واجبة على أحفادها كما هى واجبة على ولدها، والثانى إلَّم يتيسر هذا الحل، فيلزمه أن يذهب هو إليها لخدمتها فى مكانها، ولو تطلب الأمر أن يبيت عندها الأيام والليالى، إن كانت تحتاج إلى ذلك، أما الحل الثالث فى حالة إذا لم يتيسر له الثانى، فيجب عليه أن يستأجر لها من تخدمها وتمرضها، وهذه النفقة واجبة عليه، فيلزمه أن يقتصد فى معيشتكم على القدر الواجب فى النفقة، ليوفر ما يدفعه للممرضة. وإن كان فى دخوله على أمه والممرضة ما يثير الحرج أو الشبهة أو الفتنة، فأنصحه بأن يتزوجها، فيجمع بين المصالح، خدمة أمه، ودفع الفتنة والشبهة عن نفسه، وطبعا هذا من حقه، لأن نفس الشرع الذى تتمسكين بحكمه فى عدم وجوب خدمة أمه عليكِ، هو الذى حكم له بجواز التعدد. 

و«خليكى أنت فى بيتك معززة مكرمة لأنه لا يجب عليك خدمة أمه طبعا». أما أنا - فأضيف ناصحًا لكِ، أن تتحلى بالصبر والمرونة فى حياتك، والتصرف بدافع رد الجميل قدر استطاعتك، والله المستعان. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا أ. ب