الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وسط متطلبات الحياة العصرية

حداثة المرأة.. سعادة أم شقاء؟

لا شك أن الحداثة بكل مفاهيمها ومشتملاتها وكم التغيرات التى طرأت عليها طوت العالم بأكمله بداية من أكثر المدن تقدمًا إلى أقصى القرى النائية، فقد طغت على العالم ثورة تكنولوجية هائلة أسفرت عن ثورة فى عالم الاتصالات والإنترنت، جعلت العالم كله قرية صغيره بمعنى الكلمة، فكان لذلك أثره الكبير فى انتقال الأفكار الحداثية التى جعلت من الإنسان وسعادته بؤرة اهتمام مقدمة على كل شىء، أختصرها  الفيلسوف الألمانى نيتشه بقوله (الإنسان المقدس) ليعلن أن لا حقيقة مطلقة طالما أن هناك كل يوم اكتشافات جديدة خارج السيطرة.



وهنا نحن لا نتحدث فقط عن الحداثة فى مفهومها التقنى بل نتحدث عما أنتجته من ثورات اجتماعية بدلت الصورة النمطية للمرأة

تؤكد د.ياسمين عبدالخالق، دكتوراة بالفلسفة فى العلوم الاجتماعية، أنه لا ننكر ما للحداثة من أثر إيجابى فى حياة المرأة، حيث أصبح لها حق إبداء الرأى، حق الفكر، حق التعلم، حق العمل، حق النجاح، حق الحلم، حق اختيار شريك الحياة وحق الانفصال عنه، بل والمشاركة السياسية وتولى المناصب القيادية، وحقيقة الأمر أن دور المرأة لم يكن غائبًا عن مجرى الأحداث على مر التاريخ ولو كان هذا دورًا فى الظل، فما فعلته الحداثة أن جعلت هذا الدور يمارس فى العلن وبمسئولية وفى ظل شرعية مجتمعية.

وأوضحت أن خروج هذا الدور إلى العلن قد واجه واقعًا أكثر صدامية، خاصة فى سوق العمل, حيث نظر الكثيرون إلى المرأة كعنصر دخيل يزاحمهم فى حقل ظنوه ذكوريًا صرفًا، وتزيد النظرة العدائية إذا ما أبدت المرأة تفوقًا ونجاحًا، وفريق آخر لا يرى فى المرأة إلا مجرد أنثى جسد جميل ووجه رقيق فامتهنوها فى هذا القالب فلم تعد سوى واجهة للدعاية وتسويق السلع، وفى داخل هذا الإطار بات العدوان الجسدى منطقيًا بالنظرة والكلمة وغيرها إن أمكن فازداد التحرش بها وكأنها أداة عقابية لها على ما اكتسبته من حقوق.

وأشارت إلى أنه وللإنصاف هناك فريق من النساء ساهم فى ترسيخ هذه الصورة  فى عقول الرجال ومواقع التواصل الاجتماعى خير دال على هذا، وفريق آخر من النساء أسرف فى تحدى هذه  النظرة  فتقمص دور الرجل وتكلم بلسانه وقابل التوحش بتوحش والعداء بعداء حتى باتت العلاقة تحكمها الندية تحت مظلة الحركة النسوية الجديدة، وفريق بين هذا وذاك يعافر بين الأحلام والأمنيات وبين ما تفرضه الحياة العصرية من تحديات وما فرضه الواقع من التزامات على اختلاف المستويات والطبقات فأصبحوا يأملون ولايستطيعون، فلو اختصرنا كل ماسبق فى السؤال الأهم هل خلقت الحداثة والحياة العصرية امرأة أسعد؟

ولكن الإجابة الصادمة أن الحياة العصرية كما منحت سلبت، وكل مكسب نالته المرأة دفعت فيه ثمنًا باهظًا نفسيًا وبدنيًا واجتماعيًا حتى طال حياتها الأسرية ولعل نسب الطلاق خير دال على ذلك.  

وأشارت إلى أن كثير من النساء ظن أن العباءة الجديدة قد فكت عنها القيود الاجتماعية وجعلت منها إنسان حر يستطيع تحديد مصيره وقراره، ولكن بعدما اندمجت فى معارك الحياة وضغوطها أيقنت أن ربما القيد القديم كان أكثر نعومة ورأفة بها، وأرخص ثمنًا من القيود التى فرضتها عليها الحداثة، حتى نجد أن كثيرًا من النساء بكامل إرادتهن قررن الانسحاب الهادئ من كل مكتسبات الحداثة وفضلن القيد القديم، لافتة إلى أن هنا لا ندين التطور، فهو سنة الله فى الكون، فآمل أن تقود العالم فلسفة جديدة تحت قيادة الرجل وقناعته لا تبخث المرأة حقها فى الانتفاع مما أكسبته لها الحداثة دون أن تدفع الثمن كونها امرأة.