السبت 24 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
استقرار الأسرة المصرية.. هدف استراتيجى

استقرار الأسرة المصرية.. هدف استراتيجى

شهد المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة العديد من التحديات والمشكلات التى أفرزتها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطورات التكنولوجية الهائلة، والتى ألقت بظلالها على استقرار الأسرة  المصرية التى تُشكل اللبنة الأهم فى بناء المجتمع، فمما لا شك فيه أن  استقرار الأسرة هو الركيزة الأساسية  لاستقرار المجتمع، وهو العامل الأساسى الذى يوفر بيئة نمو صحية وآمنة  للنشء، كذلك مما لا شك فيه أن المشاكل والهموم، عامل يهدد تماسك الأسرة  وتنعكس آثاره على استقرار المجتمع بأسره.



وهذا يدعونا إلى تلمس السبل التى نضمن بها تحقيق الاستقرار الأسرى، وبالتالى التصدى للمشكلات التى يمكن أن تهدد كيان الأسرة المصرية، فمن خلال تدقيقنا للمشكلات التى تتعرض لها الأسرة المصرية فى العقود الخمسة الأخيرة  يتبين أن من أبرز المشكلات التى تهدد تماسك الأسرة عدم القدرة على تحقيق التوازن بين الحياة الأسرية من جهة وضغوط العمل من جهة أخرى، سواء تعلق ذلك بعمل الأب أو عمل الأم، والتى تدفعهما إلى التململ من الحياة الزوجية، فقد يضطر الزوج- نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة للأسرة -  إلى العمل فى أكثر من وظيفة أو السفر خارج البلاد  بعيدًا عن أسرته لتلبية احتياجاتها، فى ذات الوقت الذى قد تضطر فيه الزوجة للخروج إلى العمل بما يشعرها بمشقة لم تعتد عليها فتكون النتيجة إهمال أسرتها، وطبيعى أن الضحية فى هذه الحياة البائسة التى تتسم بالضغوط والمعاناة هم الأبناء الذين يجدون أنفسهم فريسة لأصدقاء السوء، والأفكار الشاذة التى تحملها إليهم وسائل التواصل الاجتماعى، وشبكة الإنترنت.. فى حين أنه لو قام كلا الزوجين بالتزام مسئولياتهما تجاه بعضهم البعض وقام كل طرف بمراعاة الطرف الآخر وتقدير ما يبذله من تضحيات، وتقدير مسئوليتهما تجاه أبنائهما، وتلبية احتياجاتهم بالقدر الذى يلائم قدرتهما المالية، وضمان تواجدهما  بين أبنائهما بالقدر الكافى للقيام بدورهما فى تنشئتهم تنشئة صحية حتى تسير الحياة بشكل منتظم، فإن ذلك إنما يكون صمام أمان لاستقرار الأسرة، إلا أن ذلك يقتضى تقسيم المسئوليات بين الطرفين، بما لا يمثل عبئًا على أحد منهما.

هذا ومن أبرز المشكلات المعتادة التى قد لا يلقى لها بالًا ولكن أثرها فى تهديد الأسرة كبير، تلك المشكلات التى تتسرب ببطء شديد عقب إنجاب المولود الأول، حينما يبدأ الطرفان فى تقليل اهتمامهما بأنفسهما وببعضهما البعض، وتنتقل جميع اهتماماتهما إلى المولود الجديد، فيهملان أنفسهما، وبشركاء حياتهما، فهذا الأمر يمثل مشكلة كبرى تتفاقم مع مرور الوقت، وينبغى على كلا الزوجين الانتباه لها.

ومن أهم المشكلات التى تهدد استقرار الأسرة أيضًا افتقاد الزوجين إلى الثبات الانفعالى، وتصاعد العصبية الزائدة عن الحد الطبيعى بينهما مما يتسبب فى زعزعة استقرار الأسرة ويؤثر على مستقبل أطفالهما، إذ يلزم أن يتحلى الطرفان بالهدوء النفسى، فالحفاظ على الهدوء من شأنه أن ينشئ أطفالًا متزنة تتعامل مستقبلًا مع جميع الأمور بهدوء وحكمة.

 والواقع أنه لو تحدثنا عن مسببات المشكلات الأسرية فلن ننتهى، ولكن فى كل الأحوال وحتى نضمن حياة أسرية مستقرة لا بد من وجود احترام مشترك بين الزوجين ومشاركة كل زوج اهتمامات شريك حياته، وتقدير رؤيته، ومشورته فى كل أمور حياته، وتخصيص الوقت الكافى للاهتمام به، هذه الأمور وغيرها مما يصلح حياة الأسرة ويضمن استقرارها، ينبغى ألا نهمله فى ظل التقرير الأخير الذى أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر بشكل غير مسبوق.