الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

روزاليوسف تحاور رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة

وليد قانوش: لسنا صامتون كما يدعى البعض وأولوياتى فى العام الأول إعادة ترتيب البيت من الداخل

تساؤلات مشروعة حول ما يدور فى أروقة قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، البعض وصف القطاع فى الشهور الأخيرة، بأنه يمر بحالة صمت غير مفهومة فيما يخص الفعاليات الفنية، رغم أن قاعات العرض الرسمية مستمرة فى معارضها بحسب أجندتها. 



وعلمنا أن تعديلات وتغييرات إدارية تمت بالفعل، وتغيرات أخرى فى طريقها للتنفيذ، وكالمعتاد مع كل رئيس قطاع تتجدد التساؤلات حول الفعاليات الفنية الدولية المتوقفة، اللوحات المعارة والمفقودة، معوقات الميزانية وإشكاليات المصروفات، وترقب التحديث فى الفعاليات الفنية المحلية النمطية، بالإضافة إلى مفارقة تكرر مع كل رئيس قطاع غلق متحف الفن الحديث بالأوبرا لأسباب مختلفة.

فكان من واجبنا المهنى أن نذهب لمكتب دكتور وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية لنطرح عليه كل هذه الأسئلة، فكان من الطبيعى أن يكون سؤالنا الأول أين القطاع ورئيسه؟ أجابنا «قانوش» بجملة مختصرة وابتسامة يعلوها الثقة: «كنت أقوم بتعديل البيت من الداخل فهذا لا يقل أهمية عن الفعاليات الفنية».. ومن هنا كانت بدايتنا فى التحاور.

¶ توليت رئاسة قطاع الفنون التشكيلية فى منتصف شهر ديسمبر الماضى ومر على وجودك ما يزيد علي خمسة شهور.. ماذا فعلت كل هذه الشهور؟

- لسنا صامتون كما يروج البعض بل نقوم بمجهود خفى لم يظهر للجمهور، استغرق وقتا طويلا جدا ونكمل، ليس خافيًا على أحد أن قطاع الفنون التشكيلية يعانى منذ فترة ليست بالقصيرة من بعض المشكلات المزمنة، سواء على مستوى المنشآت أو التمويل أو تقادم الأنظمة الإدارية المتبعة داخل القطاع.

وطبقا للتكليف الذى تلقيته من معالى ا.د.نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة فى أول يوم لاستلام مهام عملى ومضمونه إعادة الرونق للقطاع، والعمل على تقديم خدمات فنية متميزة للمجتمع المصرى، وإقامة العدل بين جموع الفنانين التشكيليين.

لذا بدأت بعملية إصلاح إدارى داخلى وحقيقة الأمر أن القيام بعمليات إعادة الانضباط الإدارى داخل القطاع يستغرق وقتا طويلا لمراجعة النظم الإدارية وتوزيع الاختصاصات، وكذلك الاستغلال الأمثل للموارد البشرية المتاحة، فضلًا عن مراجعة المشروعات القائمة سواء تحت التطوير الكلى أو الجزئى لدفع هذه المشروعات حتى يمكن الانتهاء منها ودراسة توفير الاعتمادات المالية المطلوبة فى أسرع وقت ممكن؛ تفاديًا لزيادة التكاليف نظرًا للارتفاع المطرد للأسعار.

كذلك وضع مخطط للعمل داخل جميع الإدارات تضمن حسن سير العمل وسيولة وسهولة الدورة المستندية، وإعادة ضبط العلاقات بين الإدارات المختلفة بالقطاع ومهام كل إدارة وارتباطها بغيرها من الإدارات ضمن مقياس موحد يضمن العدالة فى تطبيق ذات الإجراءات على كافة الإدارات.

¶ ماذا عن ملف المصروفات والإيرادات بقطاع الفنون؟

- ومن الموضوعات التى استغرقت وما زالت قدرا كبيرا من الوقت والجهد هو حصر الاحتياجات العاجلة والضرورية فى جميع المواقع التابعة للقطاع؛ لتوفير الحد الأدنى من التجهيزات سواء الفنية أو تجهيزات التشغيل الطبيعية، والتى تضمن تقديم خدمات مقبولة داخل جميع المواقع التابعة.

ومن الملفات المهمة ما يعرف بالخطة الاستثمارية أو كيفية استغلال مقتنيات القطاع الفنية بالشكل الأمثل، والذى يساعد فى تحقيق دخل للموازنة العامة للدولة فى محاولة لتقليل الفجوة بين المصروفات والإيرادات بقطاع الفنون التشكيلية شأنه شأن معظم المؤسسات الخدمية بالدولة المصرية، وهو الأمر السائد فى معظم دول العالم والتى تعتمد فيها المؤسسات الثقافية والفنية على مواردها الذاتية فى الغالب لتوفير معظم احتياجاتها الضرورية، وهناك عدد من البرامج التى تستهدف ذلك، يتم حاليا العمل على تطبيقها بالتعاون مع المؤسسات العاملة فى الدولة المصرية.

¶ ماذا عن الأنشطة الفنية بقطاع الفنون التشكيلية.. هل من جديد قريبًا؟

- فمنذ توليت المهمة والقطاع مرتبط ببرنامج ثقافى لموسم فنى كامل ينتهى مع نهاية الصيف الحالى، وبالتالى لم يكن منطقيا ولا من الممكن أن أتدخل فى أى من الاختيارات التى تمت سواء فى الأنشطة الجماعية أو حتى المعارض الفنية المخططة لها سلفا بكل قاعات العرض، وكذلك مراكز الفنون بقطاع الفنون التشكيلية احتراما للالتزام الرسمى الذى تم مع الفنانين المصريين خلال تلك الفترة، وبالتالى يبدأ وضوح الرؤية الجديدة لبرنامج الأنشطة بالقطاع مع بداية الموسم الفنى الجديد- إن شاء الله - بعد إعادة تنظيم البيت من الداخل سواء على المستوى الإدارى أو على مستوى الآليات التى تدار بها الأنشطة داخل قطاع الفنون التشكيلية، على مدار السنوات السابقة أعكف حاليا على دراسة أفضل طرق تطوير الأنشطة القائمة من المعارض الأساسية كالمعرض العام وصالون الشباب وغيرها.

وبدأت بالفعل بمراجعة كافة الأنشطة المقامة فى السنوات العشر الأخيرة لتطوير ما يمكن تطويره منها أو إعادة إحياء ما توقف أو بعض ما توقف، وكذلك نناقش حاليا أفكار متعددة لبعض الأنشطة المزمع إقامتها خلال الموسم الثقافى القادم، أما فيما يتعلق بقاعات العرض التابعة المنتشرة فى مواقع القطاع حاليا نستقبل كل طلبات الفنانين لإقامة معارض خلال الموسم الفنى 2023 2024، وسيتم عرض كافة هذه الطلبات على لجنة مشتركة تضم الفنانين القائمين على إدارة هذه القاعات، وكذلك مجموعة مختارة من الخبراء من خارج القطاع للبت فى هذه الطلبات.

وقد تم التوجيه خلال الفترة الماضية لكل موقع أن يحدد هويته الثقافية بمعنى أنه يجب أن تتناسب طبيعة المعارض المقامة فى المواقع المختلفة مع طبيعة الموقف سواء كان متحفا فنيا أو متحفا قوميا أو مركزا ثقافيا أو مجمعا للفنون، وهكذا حتى يكون لكل موقع شخصية فنية وثقافية تستقبل وتجذب كل الفعاليات التى تناسب هويته الأساسية، وهذا الجهد حاليا فى طور الإعداد للإعلان عن برنامج الأنشطة الفنية لقطاع الفنون التشكيلية، مع بداية شهر أغسطس القادم.

¶ ما هى المعوقات الأساسية التى تواجهك فى تطوير أو إدارة قطاع الفنون التشكيلية؟

- فضلًا عن جميع ما ذكرته من بعض المشكلات التى تستلزم إعادة التنظيم الداخلى للقطاع لعل أبرز المشكلات التى تواجه أى رئيس قطاع فى هذه الفترة تتعلق بالتنوع الشديد الموجود فى الحركة الفنية التشكيلية، وصعوبة إرضاء كافة شرائح الفنانين، فضلا عن بعض المقاومة للتغيير وهى مقاومة طبيعية داخل القطاع نفسه أو داخل بعض الإدارات العاملة بالقطاع، وهو الأمر الذى يستلزم بعض القرارات لتصحيح المسار؛ ولإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعى.

وتعد مشكلة التمويل مشكلة مزمنة بقطاع الفنون نعمل حاليا على محورين الأول إجراءات الترشيد، وإعادة التوجيه المبالغ المتاحة لأفضل الطرق بما يوفر عدالة التوزيع على الأنشطة، وكذلك طرق أبواب جديدة؛ لتوفير موارد ذاتية لقطاع الفنون التشكيلية تدعم قدرة القطاع على إنتاج أو إنجاز أية أنشطة جديدة ومختلفة.

¶ ماذا عن الأنشطة الدولية المتوقفة كبينالى القاهرة والإسكندرية؟

- بينالى الإسكندرية والقاهرة من أول الموضوعات على مائدة البحث منذ اليوم الأول لوجودى داخل قطاع الفنون التشكيلية، والحقيقة أن عدم إقامتها على مدار السنوات الماضية هو أمر غير مقبول تماما، ولا يمكن أن يستمر ونعمل حاليا على إعادة إحياء بينالى الإسكندرية كمرحلة أولى وندرس مع العديد من الخبراء والفنانين العاملين فى الحركة التشكيلية أفضل الطرق لإحيائه، وإقامة دورة استثنائية كنا نأمل أن تتم فى نهاية هذا العام، وما زلنا نأمل فى ذلك فى حالة توفر الاعتماد المالى الذى يواجه صعوبة فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية بالدولة المصرية.

إلا أنه على الرغم من ذلك جارى التفاوض والتواصل مع العديد من الجهات لدعم إقامة بينالى الإسكندرية الدولى لدول حوض البحر المتوسط فى دورته القائمة بالتعاون ما بين الدولة المصرية وعدد من الداعمين لحركة الفنون المعاصرة فى مصر، وقريبا سيتم الإعلان عن تاريخ استئناف أنشطة بينالى الإسكندرية القادم، وجار على التوازى مع ذلك التخطيط للدورة القادمة لبينالى القاهرة القادم.

¶ المعرض العام وصالون الشباب وغيرها من الأنشطة النمطية، هل سوف يكون لهما نصيب من التطوير؟

- لا تطوير ولا تحديث دون مراجعات بكل ما يتصل بالفعاليات، أعكف حاليًا على عقد اجتماعات متعددة مع كافة الفنانين الذين تولوا مسئولية هذه الأنشطة فى السنوات السابقة كأعضاء لجان أو كوميسير عام؛ للوصول أو للوقوف على السلبيات فى كل فعالية، وكذلك الإيجابيات ومقترحات التطوير أو تعديل المسار.

بالإضافة إلى لقاء مترقب بعدد كبير من نقاد الفن التشكيلى لطرح أفكاراهم فيما يخص التطوير والتحديث ليس فقط فى المعرض العام أو صالون الشباب فقط، بل فيما يمكن أن يقدمه القطاع لمواكبة تطور الفنون، وتعديل مساره بعد أن استحوذت بعض القاعات الخاصة على استقطاب الشباب والكبار أيضا، وتحديد شكل الفن بحسب المنطق التجاري، وبعد كل اللقاءات سيتضح للجميع عند الإعلان عن الفعاليات الرئيسية ما تم من تحديث.

¶ ماذا عن قاعات العرض التابعة للقطاع المغلقة  مثل قاعة «أفق»؟

- خلال الاشهر الماضية تم إجراء بعض الإصلاحات البسيطة بتجهيزات قاعة أفق، والتى كان من المقرر إدخالها فى عملية تطوير شاملة وتم بناء على ذلك إيقاف انشطتها منذ فترة وستستأنف القاعة انشطتها الفنية بمعرض نوعى جار الإعداد له حاليا من خلال إدارة القاعة الحالية بإشراف الفنان الشتكيلى والناقد الفنى ياسر جاد المكلف بإدارة القاعة.

وينتظر افتتاح ذلك العرض الهام فى بداية الموسم الفنى خلال شهر سبتمبر القادم كبداية لموسم فنى حافل بالقاعة، يتضمن ثمانية معارض نوعية واستيعادية لنخبة من الفنانين المصريين.

¶ مع كل رئيس قطاع يتم غلق متحف الفن الحديث لأسباب مختلفة.. حدثنا عن سبب إغلاقه؟

- بالتأكيد ليس غلق بلا هدف فقد أغلق أسبوعين فقط وتم افتتاحه، اقتربنا من الانتهاء من أعمال التطوير الجزئى بمتحف الفن الحديث ومخازنه، حيث تتم حاليا الانتهاء من بعض الأعمال الضرورية لتحسين بيئة العرض المتحفى وبيئة التخزين من خلال أجهزة التكييف ضبط درجات الحرارة الرطوبة، وكذلك تركيب خطوط الإطفاء الذاتى لهذه المخازن حفاظا على هذا الكنز الثمين من المقتنيات الفنية.

متحف الفن الحديث فى تزايد مستمر من حيث إعداد الأعمال بسبب الاقتناء السنوى، بالإضافة إلى أن بعض الفنانين لديهم 50 عملا بالمتحف، عدد المعروضة بالمتحف لا يتجاوز الـ1000 عملا، وبالمخازن ما يزيد علي 13 ألف عمل.

أما بخصوص وجود لجنة بمتحف الفن الحديث احترم وأقدر كل المجهودات واللجان المتتابعة بالمتحف لأنها لم تقم فقط بالعمل على الجرد فقط، بل قامت بالتوصيف والتوثيق، أضفنا لجنة لتحديد ثمن الأعمال الفنية بما يتوافق مع الأسعار الحالية، وقمنا بترميم دفاتر المتحف المتهالكة، وجميع السجلات الخاصة بالمتحف لمطابقتها مع الأعمال الموجودة بالمتحف.

¶ منشآت القطاع أغلبها فى التطوير.. متى يتم الانتهاء وإعادة افتتاحها؟

- الأزمة الرئيسية فى عملية التطوير الكاملة للمتاحف، تكمن فى إن زيادة الأسعار مع عدم وجود زيادة فى التمويل من الدولة، بل يوجد خصم أيضا، ننتهى فى هذه الأيام من الاستلام النهائى لمجمع 15 مايو للفنون المعاصرة، وهو الحقيقة منشأة تدعو للفخر أشكر جميع من بذل جهدا فى سبيل إنهاء هذا المشروع وقريبا سيتم الإعلان عن موعد الافتتاح وعن برنامج الأنشطة المقترحة لهذه المنشأة الكبيرة، وسنعيد لهذا المركز أو هذا المجمع شخصيته الأساسية التى أنشئ لأجلها، وهى العمل على تطوير الحركة الفنية باعتباره حاضنة للأفكار الجادة والجديدة لشباب الفنانين وغيرهم من التجارب الرائدة.

أما فيما يتعلق بمتحف سراى الجزيرة وتم إنجاز حوالى ٧٠٪ من عملية التطوير به، وجار البدء فيه اعتماد سيناريو العرض المتحفى تمهيدا للبدء فى تنفيذه ولا يعوق هذا المشروع إلا ضخامة التمويل المطلوب لإنهائه، وهو ما قد يؤخر افتتاحه عن نهاية العام الحالى نتيجة وجود عجز فى التمويل المطلوب؛ للانتهاء من الأعمال على الرغم من الاهتمام الكبير الذى تبديه الدولة المصرية بشأن هذا المتحف، والذى يعكسه اهتمام وزارة الثقافة ودولة رئيس الوزراء بمتابعة أعمال هذا المشروع بشكل دائم.

أيضا نعمل حاليا على عدد من الملفات الموازية ومنها على سبيل المثال دراسة تطبيق المعايير الدولية لإدارة المتاحف على المتاحف الرئيسية بالقطاع ضمانا أو سعيا لإدراجها ضمن التصنيف العالمى للمتاحف، وللأسف لا يوجد ضمن هذا التصنيف أيا من المتاحف الفنية أو القومية المصرية وهو وضع لا يعكس حقيقة مقتنيات هذه المتاحف ولا قيمتها الفنية والتاريخية. 

¶ ماذا عن اللوحات المعارة والمفقودة مثل لوحة «قبرص بعد العاصفة» للفنان الكبير «محمود سعيد»؟

- مشكلة الأعمال المعارة منذ الخمسينيات يكمن فى نظام الإعارات القديم، والذى كان لا يتم وفق مدد محددة، وكانت الأعمال الفنية وكأنها نقل ملكية، وفى نهاية التسعينيات بدأت الوزارة تنتبه بسبب ظهور أعمال فى أماكن متفرقة، وبدء التعديل أن إعارة الأعمال تتم بقرار وزارى، على أن يتم التجديد سنويا بعد معاينة العمل الفنى.

عمل الفنان الكبير محمود سعيد خرج من القطاع فى الستينيات ضمن معرض جماعى كان فى أمريكا اللاتينية، ولم يعد للقطاع لأسباب أجهلها وجميعنا نجهلها، لأنه كان فى الستينيات، وظهر العمل عام ٢٠١٦ فى قطر وأعتقد أنه موجود على موقع المتحف القطرى، هذا العمل الإدارة السابقة أخذت إجراءات مكثفة على مدار سنتين وأكثر، ولم تكن هناك استجابة أعتقد وقتها الظرف السياسى لم يكن مناسبا، وتم وقتها عمل بلاغ للنائب العام ووزارة الخارجية عن طريق الدكتور خالد سرور والدكتورة إيناس عبدالدايم، والقطاع الآن يستكمل هذا الإجراء نحو هذا العمل المثبت الوحيد لدى القطاع أنه خرج ولم يعد.