الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عجيب وعجيبة

حالة مسرحية مبهجة من حواديت الخيال الشعبى على مسرح السلام

تحد كبير خاضه الفنان محسن منصور فور توليه إدارة مسرح السلام، عندما قرر بث الحياة والروح فى المسرح من جديد بتقديم نشاط فنى ربما لم يتكرر على خشبة مسرح السلام منذ عهد طويل حيث انشغلت قاعاته بثلاثة عروض فى وقت واحد، صنع حالة من البهجة والوهج داخل أروقة السلام، يبدأ عرض الفنانة فاطمة محمد على «سيب نفسك» إخراج دكتور جمال ياقوت على عتبة قاعة يوسف إدريس فى الثامنة والنصف مساء.. تغنى وترقص وتسحب معها الجمهور داخل القاعة ثم يليه فى تمام التاسعة والنصف عرض «عجيب وعجيبة» للمخرج محمد الصغير على خشبة المسرح الكبير، وكان من قبل يشاركهم حالة الزخم الفنى فى الساعة السابعة عرض «خطة كيوبيد» إخراج أحمد فؤاد وبطولة عبد المنعم رياض وكريم الحسينى.



«عجيب وعجيبة» حالة فنية أقرب للمسرح فى شكله الإحتفالى والفرجة الشعبية من الأعمال المسرحية التقليدية يقدم فيه محمد الصغير تجربة جديدة لا تشبه تجاربه السابقة، خرج من مساحة الأرتجال والكوميديا دى لارتى إلى شكل آخر من القوالب المسرحية والتى تحمل متعة فى حكى الحدوتة الأقرب لحواديت ألف ليلة وليلة وأساطير الخيال الشعبى».

فى «عجيب وعجيبة» كتب المؤلف سعيد حجاج قصة رجل و زوجته احترفا النصب بالخيال يعتمدا الإثنان فى الإيقاع بضحاياهم على اتساع خيالهم فى نسج قصص غير حقيقية أسطورية عن الأشياء التى امتلاكها كل منهما وهو ما يثير الدهشة فى كل من يدخل منزلهما ويقترب من نمط حياتهما العجيب الذى يجعل الحمار يفرز دنانيرا من الذهب والكلب يفعل كل شىء بالمنزل لربة البيت وكأنه إنسانا حقيقيا، والمزمار يحيى الموتى بعد أن يقتل الرجل زوجته تأديبا لها يحيها بالنفخ فى المزمار لتعود كما كانت من جديد ثم حاكم المدينة الذى يصدق أن الرجل وجد جنية سوف تمنح المدينة الياقوت والألماس لتفك ضائقتها المالية يتبعه الجميع ثم يغرقون فى البحر وراء هذه الجنية ويبقى عجيب وزوجته لم يمسسهما سوء.

انتصرا الإثنان بالنصب والاحتيال، سحرا أعين الناس، وصدقهما أصحاب العوز والاحتياج وفى كل مرة يتمكنان من جذب الانبتاه ويتطور خيالهما ليقدما فكرة أشد غرابة من السابقة حتى يغرق أهل المدينة جميعا وراء وهم الحصول على الألماس من جنية البحر،  استخدم الصغير الأراجوز وخيال الظل وفرقة للعزف والغناء الشعبى والاستعراض والتى يجلس أعضاؤها فى الركن الأيسر من خشبة المسرح، يقومون بالعزف والغناء والتعليق على الأحداث طوال العرض، قدم المخرج حالة مسرحية شديدة العذوبة والبهجة ربما لم يجنح فيها لتقديم الكوميديا بشكل كبير بقدر ما قدم عمل مسرحى خفيف مبهج أقرب للعروض الإحتفالية بمسرح الشارع منه إلى عمل مسرحى تقليدى ساهم الديكور واستخدام الأراجوز فى الحكى والتعليق على الأحداث ثم خيال الظل فى وصف بعض الأحداث لاستكمال حالة الخيال الشعبى الأقرب إلى حواديت «ألف ليلة وليلة».

نجح الصغير فى تغيير جلده بـ»عجيب وعجيبة» وطرح نفسه كمخرج مسرحى قادر على تقديم أنماط متعددة من الأشكال المسرحية المتنوعة وكذلك أشكال الكوميديا الرحبة التى اعتمدت هنا على السخرية من حال هؤلاء البؤساء الذين يسيرون وراء دجل وشعوذة وخيالات نصب واحتيال، ربما تمنح دائما الأشياء البراقة المثيرة للدهشة والتعجب الرغبة فى السعى وراء اكتشاف حقيقتها حتى ولو خسر الناس أنفسهم وأموالهم.

بين فكرة تبدو من خيال الأساطير وعمل مسرحى أقرب للفانتازيا منه لعمل صاحب رسالة كأشكال المسرح التقليدية إلا أنه يحمل سخرية من الواقع بجانب قدرته على الإمتاع بصناعة البهجة بالخيال والحدوتة والغناء والاستعراض، يضع المؤلف يديه على واقع ملموس فى أحداث حياتنا اليومية قد نرى الكثيرون ممن يقعون ضحايا لاحيتال مشعوذين أو نصابين بأشكال متعددة وقد يهوى الناس السعى وراء الاكتشاف والسير وراء اللصوص باعتبارهم أكثر خبرة وتجربة حيث يظن الناس امتلاك هؤلاء القدرة الخارقة على الوصول إلى الثراء السريع، سخرية لاذعة ونقد لواقع رغبات البشر فى كسب المزيد من الأموال العاجلة دون بذل الجهد من خلال الأساطير الشعبية التى يصنع منها الواقع أساطير حقيقية نجح المؤلف سعيد حجاج فى نقد وهجاء الواقع بذكاء وحرفة فنية بالأسطورة الشعبية التى تتكرر على مدار واقعنا المعاصر فى ثياب أخرى.

شارك فى بطولة العرض الفنانة دودا اليوسف وسيد الرومى فى دور الزوج والزوجة صنعا معا حالة مسرحية مبهجة استطعا بحرفة وذكاء إمتاع الجمهور بالرقص والتمثيل والغناء وممارسة النصب والاحيتال بخفة السحرة والمشعوذين كان لهما حضورا بليغا على خشبة المسرح وكذلك الفنان إيهاب بكير الذى يعد مفاجأة فى تقديم شكل آخر جديد عليه قدم كوميديا خفيفية وساهم فى إضفاء المزيد من البهجة على العرض كما اكتملت الحالة والكوميديا وخفة الروح والظل بحضور أبطال العمل بالكامل مثل رضا طلبة، وليد أبو ستيت، محمد مدين، عمر فتحي، أحمد مجدي، محمد بكار، أنطون، «عجيب وعجيبة» تأليف سعيد حجاج، ديكور سارة شكري، أزياء سماح نبيل، موسيقى محمود وحيد، أشعار محمد على هاشم، أراجوز إسلام أحمد، خيال ظل نور سمير، إضاءة أبو بكر الشريف.