
د. طارق الغنام
عودة الأمل
قد نعيش هذه الحياة ويتملكنا الشعور بالخوف فى كل خطوة نخطوها، وقد تنقضى الحياة ولا نستطيع الوصول إلى مبعث هذا الخوف.. فقد يتملكنا الخوف من الناس أو من أماكن العمل أو من فقد الوظيفة أو عدم القدرة على الوفاء باحتياجات أسرتنا، أو عدم القدرة على مواصلة سباق المنافسة حينما تشتد وطأتها مع المنافسين فى نطاق العمل، أو الخوف من أننا لسنا كافين لمن نحب، فهذا الخوف بلا شك سيترك آثارًا بالغة التعقيد على شخصيتنا، حينما نتقبل الحياة راكدة مضطربة ونستسلم لها على صورتها هذه، وحينما نحاول أن نهرب من مسئولياتنا، واهمين بأن ذلك من شأنه درء المخاطر والمشاكل عنا، ولا ندرى أن ذلك يجلب الكوارث والنوائب، فتخلينا عن طموحاتنا لاعتقادنا بأن الوصول إليها يتجاوز قدراتنا من شأنه أن يثبط عزائمنا، ويحطم معنوياتنا ويزرع الجزع فى نفوسنا، ويكبت حاجاتنا الأساسية فى أن تكون كلمتنا ذات قيمة وأثر، فإذا كان لرياح اليأس قوة لا يمكن وصفها فلجبال الأمل صلابة لا مثيل لها، فالحياة بهذه الطريقة تتعارض مع فطرة البشر، لذا يقول إرنست همنغواى إنه لحماقة أن يسيطر اليأس علينا، فاليأس فى حد ذاته خطيئة، لذا سرعان ما نقاوم هذه الحياة بداخلنا فننزع إلى التحرر ونبدأ رحلة البحث فى ذاتنا فى ظل الحيرة التى تغرقنا والتشوش الذى يحصرنا، للبحث عن القوة والطاقة التى تكمن بداخلنا لتخلصنا من الضعف والتشكك الذى يؤرق وينغص حياتنا، فنكتشف أن عقولنا هى القوة الحقيقية القادرة على أن تحررنا من كل القيود، وأن عقولنا لا حدود لقدرتها، وأنه ما من قيود يمكن أن تحد من قدرة عقولنا، ومن ثم ندرك أنه لابد أن نتبنى استراتيجية جديدة تكون فعالة وناجحة وتتخطى الأفكار الشائعة بين الناس، وتعزز قوة إرادتنا، وأنه لا بد من منهجية جديدة فى التعامل مع الآخرين، ولا بد من بدائل للتحرر من هذا الخوف الذى أسرنا، فتتعدد البدائل ولكن قد يكون من أهمها تبنى دور «أوليس» فى أسطورة أوديسيوس الإغريقية، والتى تحكى بأن «أوليس» قاوم إغراء حوريات البحر اللائى كن ينشدن أغانى ساحرة بهدف جذبه مع رجاله وحبسهم بجوارهن مدى الحياة، لكن أوليس تحايل على الأمر بوضع الشمع على آذان البحارة، وربط جسده إلى سارية السفينة حتى يستطيع سماع الحوريات دون الذهاب إليهن، وإكمال رحلته»، فهذه الأسطورة تعلمنا ضرورة تمتعنا بالإرادة القوية للتغلب على الأزمات فوجود الأزمة لا يعنى الانفصال عن الآخرين باعتبار أن التواصل والاتصال المبنى على رؤية واضحة هو مفتاح التغلغل إلى عقولهم ومن ثم تحديد الطريق الصائب للخلاص من الأزمة.. ولكننا وحين نعتزم تغيير طريقتنا فى الحياة لنكون أكثر فاعلية ونشرع للتواصل مع المحيطين بنا، كأطفالنا أو جيراننا أو زملائنا فى العمل، قد نصاب بخيبة الأمل حينما نفاجأ بأنهم لا يستجيبون لنا، والحقيقة أننا نسينا أنهم وحينما كانوا يتحدثون إلينا لم نكن نصغى إليهم وكنا منشغلين بإعداد الرد عليهم، فلم نكن ندرك أن شعورهم بتأثرنا بهم سيشعرهم بتفهمنا لهم، لذا سنجد حين نغير نظرتنا للمستقبل الكثير من التحديات والاحتياجات، ولعل أفضل طريقة للتعامل مع هذه التحديات والاحتياجات، التعامل معها من خلال مبدأ المصالحة ومن خلال ترتيب الأولويات، إذ يجب أن نسأل أنفسنا دائمًا السؤال الذى طرحه «إستيفن آر كوفى» كم واحد ممن يرقدون على فراش الموت يتمنون لو أنهم أمضوا مزيدًا من الوقت فى العمل، أو جلسوا فترة أطول أمام التلفاز، الإجابة: لا أحد لأنهم حينها يفكرون فيمن يحبون وفى عائلاتهم وأولئك الذين أخلصوا لهم».