الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

بوابات الخراب الاجتماعى

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل زوجة أبلغ من العمر ٢٨ عامًا، من صعيد مصر، إنسانة بائسة ويائسة أفكر بجدية فى الانتحار، ولا أتذوق للحياة طعمًا إلا المُر، حصلت على مؤهل عالٍ، وأستكمل دراستى العليا حاليًا بإحدى الكليات العملية، تزوجت منذ ٤ أعوام ونصف العام تقريبًا، من مهندس يعمل بإحدى الدول العربية، حالته المادية ميسورة،، لم يكن بعيدًا عن بؤرة اهتمامى منذ كنا أطفالًا صغار، حيث جمعتنا قرابة وصداقة والدتى بوالدته، ومناسبات اجتماعية كثيرة من حين لآخر، جعلتنى أتعود عليه وأُعجب بطموحه،، هو أحد المطورين بمشروع أبحاث واعد للذكاء الاصطناعى المرتبط بالمجال الطبى،، يسافر كثيرًا فى بعثات علمية خارج حدود الوطن العربى، لاكتساب المزيد من الخبرات، لصالح شركته الناشطة بهذا المجال التقنى الدقيق، وكما تعرف أستاذى، بأن الرجل بعد الزواج يجب أن تكون علاقته بالعمل مكملة لحياته الزوجية - وليست جزءًا منها - أو من غير المقبول كما فى حالتى، أن يعود زوجى كل عام لمدة شهر واحد بنفس وتيرة شخصيته العملية دون تغير، أو تطوير عاطفى بالتوازى مع نجاحه كعالم - كما يعتبر نفسه،، عندما أظهر له غضبى، وعدم تقبلى لتضييع معظم وقته أمام جهازالكمبيوتر الخاص به، يتأفف ويضيق صدره من ذلك، ناهيك عن حالة الملل التى أصابتنى ودفعتنى لتكملة دراستى العليا هربًا من هذا المصير الخانق، بالإضافة لعدم وجود موانع للإنجاب حسب تأكيدات الأطباء، وبقائى محرومة من تحقيق تلك الأمنية طيلة سنوات الزواج الماضية... كل ما سبق أستاذى - لم يكن إلا مقدمة وخلفية، لما سوف أذكره لكم من تفاصيل علاقتى برجل آخر،، تعرفت عليه من أحد «جروبات» مواقع التواصل الاجتماعى، أثناء تضييعى لوقت فراغى، كما هو الحال بالنسبة لكثيرات ممن يعانين الوحدة، دون مجيب لنداءاتهن الصامتة،، الحكاية بدأت منذ عام، بعد اكتشافى تطابقًا مثاليًا لاسم هذا «الجروب» مع ظروفى التى لا يعلم بقسوتها إلا الله، انضممت لتلك المجموعة من الأعضاء، وبدأت تبادل الآراء على العام والتعليق على موضوعات جدلية مختلفة، كان من بينها «الرتابة الزوجية»، ومن المتسبب فيها - الزوج أم الزوجة - عبرت عن رأيى بأن المسئولية كاملة تقع على عاتق الزوج، وليست الزوجة، فعارضنى هذا الرجل بشدة قائلًا: «واضح إنك بتتكلمى عن تجربة شخصية», فقمت بنفى توقعه وعدم ضرورة ربطه بموضوع النقاش، ثم تدخل صديق آخر بالجروب معنفًا له على تطفله، فانسحب الأول من المجموعة، وأصابنى بحالة شديدة من الندم على تسببى فى صدام ليس له ذنب فيه،، بعد عدة أيام أرسل لى طلب صداقة، ولم أقبله، ورسالة يعاتبنى فيها على تضرره نفسيًا بسببى، وتضاعف معاناته من علاقته المتوترة بزوجته، وبأنه كان يبحث عن صديق مخلص يبوح له بمأساته، ثم طلب منى أن أكون له صديقة بمنزلة شقيقته، وتطور الأمر بعد ذلك لحالة من الإعجاب وتمنى الارتباط، حين اكتشفنا بأننا وجهين لعملة واحدة كما يقولون، أو نفس التركيبة، والميول العاطفى والتوافق الوجدانى - لكننا وقعنا مع شركاء حياة غير مناسبين، لذلك طالبنى هذا الصديق بالحصول على الطلاق من زوجى فى أسرع وقت، وهو سيقوم بنفس العمل مع زوجته، لنتزوج فى النهاية،،، مشكلتى فقط هى معارضة والدتى بشدة على اتخاذ مثل تلك الخطوة، لأنها ترى مصلحتى فقط مع زوجى، من منظور ضيق، مثل مكانته العلمية ومستقبله الواعد، مقارنة بأى رجل آخر - وكأن الحياة ما هى إلا أموال، ولا وجود للمشاعر والأحاسيس الإنسانية،، لذا لجأت إليكم ببريد روزا لمعرفة رأيكم ونصيحتكم، بعد أن وصلت لطريق مسدود مع زوجى بصفة خاصة والحياة بصفة عامة، وكلى ثقة فيكم. 

إمضاء أ. ث

عزيزتى أ. ث تحية طيبة وبعد...

أنا لا أتفق معكِ على الإطلاق بأن «الرجل بعد الزواج يجب أن تكون علاقته بالعمل مكملة لحياته الزوجية - وليست جزءًا منها»، بل هى بالفعل جزءًا لا يتجزأ من حياته بصفة عامة، وليست الزوجية فقط، حيث تمثل لقمة عيشه، وتعكس دأبه على السعى بصدق واجتهاد إلى تحقيق دوام الاستقرار المادى والمعنوى، له ولأهل بيته، بتوفيق من الله عز وجل،، وإذا أردنا وضع أيدينا على السبب الحقيقى لخلافك مع زوجك، سنجده يتمثل فى عدم قدرتكما على الانسجام، وانعدام فرص التواصل البناء بينكما، ومن ثم الوصول لأرض صلبة من الإقناع وتذليل العقبات.. حيث تفضلين أنتِ الاعتراض بالتصادم وإبداء الغضب وتوجيه النقد اللاذع، بدلًا من التعبير بلين وحنكة عن وجهة نظرك المستحقة، فى تعديل مسار شريك حياتك، ومساعدته على تحقيق التوازن المطلوب بين مسئوليات عمله وبيته، أثناء إجازته القصيرة - ومن جهه أخرى هو لا يراعى تعويض مدة غيابه عنكِ طيلة عام كامل، وهذا الأسلوب المحبط من الصدام المستمر والمتبادل، لن يزيد الأمر إلا سوءًا وصراعًا لا ينتهى،، مع التأكيد بأنه مخطأ لا محالة - لكننى أدعوكِ عزيزتى إلى عدم معالجة الخطأ بآخر أفدح منه، وضرورة الحذر والانتباه لصوت الانتقام الذى يحركك، وقطع علاقتك بهذا الرجل الانتهازى، الذى تعرفتى عليه من أحد جروبات «الخراب الاجتماعى»، بالهروب من مرمى شباكه، التى يصوبها نحو فرائس هيأت نفسها بنفسها للقنص - بدءًا من اختيار اسم «جروب» يضغط على جروحهم النفسية، فيشعرن بلذة التساوى، وبأنهن لسن وحيدات بهذا العالم الافتراضى - بل هناك من يئن مثلهن، ثم ينخرطن فى سرد أسرار بيوتهن المغلقة على أهلها، لينالن احتواءً وهميًا لا وجود له،،، أخيرًا أقول لكِ ناصحًا ولكل إنسانة مُعرضة للوقوع فريسة فى شرك هؤلاء الرجال معدومى الدين والضمير: «اعلموا جيدًا بأن زوجاتهم قد مروا باختبارات لا حصر لها، حتى تأكدوا بأنهن لن يغرقنَ بنفس الطريقة فى بحر من الفشل والإغواء المستتر، خلف الشاشات الصغيرة،، وأنهم لن يرتبطوا بمن ضيعوا كيانهم ووجاهتهم الإنسانية عن طيب خاطر،، لذا عليكِ أن تبدأى المحاولة بنشاط وهمة فى كسب ثقة زوجك، وتحديد الطريقة الهادئة والمناسبة للنقاش، وإقناعه بأن من حقك الحياة معه أينما ذهب، ولما لا تسافرين إليه كاقتراح من باب السعى لنيل مراد الإنجاب، بعد ضمان استقراره وظيفيًا، أو مد إجازته إن أمكن، فى ظل ضعف فرص حدوث الحمل وأنتما على بعد أميال من اللقاء، لا غضاضة أيضًا فى التحدث عن حقوقك الزوجية دون خجل أو تكلف، كل هذا يجب أن يحدث فى جو من التناغم والألفة بلا عنف أو حِدة، والله ولى التوفيق. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا أ. ث