الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

بذور لا تنبت بأرض الحب

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل زوجة أبلغ من العمر ٢٧ عامًا، تعليمى متوسط، وأنتمى لإحدى محافظات الوجه البحرى، تزوجت منذ عشر سنوات من رجل حاصل على مؤهل عال، يكبرنى بخمسة عشر عامًا ويعمل بالتجارة الحرة،، تقدم لى عن طريق صديقة شقيقتى ولم أكن أعرفه من قبل، أثناء فترة خطوبتنا القصيرة حاولت إظهار عدم رضاىَّ عن هذا المشروع الفاقد لدافع الحب أو الاقتناع من جهتى - لكن أهلى لم يهتموا برأيى واعتبروه عريس مثالى فى كل شىء، أخلاقه نزاهته وكذلك جاهزيته المادية، فى حين أنهم رفضوا الشاب الذى أحببته من كل قلبى ويكبرنى بعام واحد فقط - لا يعيبه إلا رقة حال أسرته، وضرورة انتظارى له ثلاثة أعوام، حتى يستعد تمامًا للزواج، بالإضافة لشبكته الرمزية، التى عرض قيمتها المتواضعة عليهم ولم يرضوا بها، معللين هذا الرفض بصغر سنه وطول فترة استعداده للزفاف، بالإضافة لمستقبله الغامض, حيث إنه لا يعمل بمهنة ثابتة - هذا الإصرار على قتلى معنويًا، وتجاهل خطيبى لإشارات عدم قبولى له مكتفيًا بهداياه وإغداقه بكلمات الإعجاب بجمالى، جعلنى أتمسك أكثر بحبيبى، وأتبادل معه رسائل الدعم والمواساة أثناء فترة خطوبتى حتى تزوجت،، بعد زواجى ومع العشرة الطيبة لزوجى، تبدل حالى للنقيض تمامًا - حيث وجدت نفسى أميل إليه شيئًا فشيء، خاصة بعد حملى الأول وتقديرى لعطائه وانتمائه داخل أسرتنا الصغيرة، كزوج حنون وأب لطفل لا ذنب له،، دامت تلك الفترة بعد ولادتى ستة أشهر تقريبًا، وأنا فى غاية السعادة - ثم انقلب حلم حياتى فى الاستقرار الأسرى لكابوس، بعد رؤية شريك حياتى ووالد ابنى لرسالتى الغرامية الأخيرة، التى توقفت بعدها عن مراسلة حبيب الماضى، وكانت بعد زواجى بعدة أيام، نصها يقول: «انت وبس اللى حبيبي» - هذا الخطأ الشنيع الذى نسيت محوه، من ذاكرة سجل تطبيق الرسائل الخاصة بى على الفيس بوك، كان كالقشة التى قصمت ظهر البعير كما يقولون، ضاع بسببها الانسجام بينى وبين زوجى، وتحول لطعنة فى جبين حبنا الوليد، مما دفعه لسلسلة من الانتقام، بدءًا من العتاب العنيف، ووصولًا إلى الغفران المشروط باعترافى الكامل عن كل شىء، بينى وبين هذا الشاب، وتجاوزاتى البسيطة معه قبل زواجى، وبالفعل اعترفت، ثم فوجئت بعد أيام به يطلعنى على فيديو صوره يحتوى على كل تفاصيل اعترافى بمحض إرادتى، وقال لى «خداع بخداع، إذا لم تعيشى بما يرضى الله سوف أفضحك على الملأ»،، طلبت منه الطلاق - لكنه رفض بشدة، وطالبنى بالتفرغ لخدمته وتربية طفلنا الوحيد.. استمرت سنين العشرة بيننا طيلة ١٠ سنوات، وهو يمنعنى من إنجاب طفل ثانى ويعاملنى كخادمة، أعانى شعورًا مختلطًا من الندم والإحساس بالقهر، بلا قدرة على الاعتراض، وهو يتفنن فى تغيير طرق انتقامه،، يتحدث أمامى تليفونيًا بصفة يومية مع بعض النساء من صديقاته سيئى السمعة - بل وذهب  لأبعد مما كنت أتخيل، تزوج من مطلقة قريبته، وعندما اعترضت بالبكاء حرمنى من حقوقى الشرعية - ذهبت إلى والدى واطلعته على تجبر زوجى، فكان رد فعله محبطًا هو الآخر، بأن الزواج الثانى حق شرعى لأى رجل، طالما أنه قادر على العدل بين زوجاته، وبأنه إنسان ناجح فى عمله لا يقصر فى حقى - وأنا لا أستطيع مصارحة أبى بكل الحقيقة أستاذ أحمد، خاصة أن والدتى مريضة، ووالدى يحكى لها كل شىء، أخشى إذا أخبرته بتفاصيل مأساتى كاملة أن يفعل ذلك، وأكون السبب فى حدوث مكروه لها، كما أننى أصبحت لا أطيق العيش مع زوج يهيننى بهذه الطرق الظالمة، التى قد تدفعنى لقتله أو الانتحار،، فبماذا تنصحنى!؟

إمضاء ه. ى

عزيزتى ه. ى تحية طيبة وبعد…

دعينا نتفق بأن زواجك فى سن مبكرة كان هو الخطأ الأكبر، الذى تبعته سلسلة من الأخطاء لأطراف عدة - بدأها والديكِ بموافقتهما على عقد قرانك، وأنتِ لازلتِ فى السابعة عشرة من عمرك، تفتقدين لخبرة التكيف مع معطيات الحياة بصفة عامة، والزوجية بصفة خاصة، كذلك أهم آليات الاختيار لشريك العمر، والتى من بينها تغليب المنطق على العاطفة - هذا الشرط الذى لم يتوفر لديكِ، بعد إعلان رغبتك فى الزواج من فتاكِ المراهق، رغم عدم تأهله بشكل كامل للزواج،، كان يستوجب معه الانتظار حتى تكتمل شخصيتك وإرادتك فى الاختيار الصحيح، وهنا أنصح كل الأهل بأن يقيموا مراحل حياة أبنائهم جيدًا، وشخصياتهم التى قد تميل للعند والتشبث بالرأى، والسعى لفرضه بأى ثمن، مثلما فعلتى برسالتك العاطفية إلى رجل ليس له أى علاقة مشروعة بكِ، غير أنه حبيب الماضى كما وصفتيه - ورغم إدراكك لفداحة تصرفك وتجريمه دينيًا وسلوكيًا، إلا أنكِ فعلتيه بدافع العند، لضغوط عاطفية مشوشة ومكبوتة، خرجت وذهبت فى طريقها إلى صندوق الرسائل الخاطئ - وهو تصرف غير أمين حتى وإن لم يكن بنية التمادى، والوقوع فى الكبائر كالزنا - لكنه يعد بمثابة ذله مدمرة، ضربت بمفردها أسمى علاقة على وجه الأرض فى مقتل، وشوشت بوصلة الحب التى استخدمها زوجك فى رصد نصفه الآخر، بوضع ثقته فيكِ، لتكونى أميرته المتوجة وأم لطفل بريء، لا ذنب له بأن يعيش معذبًا بين والديه، محرومًا من نعمة الاستقرار، وتلك المسئولية مطلوبة من كل زوج وزوجة تجاه أعز ما يملكون، وهم صغارهم - لأن البكاء فيما بعد لن يفيد... لذا تأكدى عزيزتى بأن ما فعله زوجك كان رد فعل عنيف لكنه منطقى، يمثل موجة من الاعتراض اللا إرادى على صدمته الكبرى، والطعنة النافذة لمشاعره، بعد بضعة أشهر من زواجكما،، وعطفًا على ما سبق انصحكِ بإطلاع والدك على الحقيقة كاملة، حتى يجلس معه ويؤكد بأنكِ ندمتِ أشد الندم على خطأك تجاهه، وأن ما حدث كان لصغر سنك وعدم معرفتك بقيمة حياتك ومستقبلك معه، وكيف أنه أصبح كل شىء بالنسبة لكِ، وبأنكِ تحتاجين فرصة لإثبات حبك وتقديرك الحقيقى له - ولا تطلبى منه ترك زوجته الثانية، ولا تفكرى إلا فى العيش من أجل ابنك، ومن الأفضل قطع علاقتك تمامًا بمواقع التواصل الاجتماعى، درءًا للشبهات، ووقاية من وساوس الشيطان، كما أنصحكِ بعدم التركيز مع تصرفاته، مهما بلغت ذروتها، فقد يكون هذا أمرًا ظاهريًا الهدف منه التنفيس عن الألم الدفين الذى تسبب فيه تصرفك، وهو لم يكن يقصر حينها باعترافك،، فقط راقبى مع الأيام تطور علاقته بكِ، وقدرته على تجاوز هذا الحاجز النفسى، ولا تحاولى إظهار أى نوع من العند معه، بل أطالبك بالصبر، لأن «بذور العند لا تنبت بأرض الحب»، ولا أتمنى أن تفكرى فى الطلاق - بل اجعليه آخر سبل النجاة من الوقوع فى خطأ أكبر، واعلمى بأن تلك الرخصة من الحلال هى أبغضه عند الله، لأنها تضر بأحبابه من صغار لا ذنب لهم،، يقول البروفيسور والفيلسوف الألمانى الشهير «آرثر شوبنهاور»، «العناد هو نتيجة الإرادة التى تفرض نفسها فى مكان العقل»، لذا أوجه رسالتى لكل شبابنا فى المراحل السنية المختلفة، بضرورة إعمال العقل وعدم الاعتراض على أحكام القدر مهما كانت، لأن قراراتنا لا تنعكس علينا وحدنا، بل لها تبعات وانعكاسات تضر بأعز ما نملك، وهم فلذات أكبادنا. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ه. ى