الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بريكس».. القطب العالمى الجديد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يبدو أن العالم على موعد جديد من تغيير خريطته الاقتصادية، وتحديدًا فى الثانى والعشرين من أغسطس الجاري؛ حيث يترقب الجميع قمة مجموعة «بريكس»؛ وسط إقبال كبير من الدول على الانضمام لها؛ سعيًا لإنشاء عالم متعدد الأقطاب. وتستضيف جنوب إفريقيا قمة «بريكس» فى أيام 22- 24 أغسطس الجارى، فى مدينة جوهانسبرج، وسط حضور متوقع لقادة نحو 67 دولة، و20 ممثلًا لمنظمات دولية، وقد أكدت 34 دولة مشاركتها حتى الآن، بحسب وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، ناليدى باندور.



ومن المقرر أن تنظر القمة فى طلبات أكثر من 20 دولة للانضمام لعضوية التكتل؛ الذى يأمل مؤسسوه الخمسة، أن يساهم فى إزاحة الولايات المتحدة عن عرش الاقتصاد العالمي.

وتكون القمة أول اجتماع شخصى للمجموعة منذ جائحة فيروس كورونا.

جــدول الأعمــال

بخلاف تطوير العلاقات الاقتصادية والبنية التحتية التجارية، فإن أحد أكثر القضايا إلحاحًا على جدول أعمال القمة هو توسع بريكس، حيث تتنافس عدة دول من آسيا وإفريقيا وأوروبا على الانضمام إلى الكتلة.

فى حين أن موقف المجموعة من التوسع منقسم - تبنته الصين وروسيا، لكن الهند لا تزال تعارض خطط بكين - أفادت تقارير أن ما يصل إلى 40 دولة أبدت اهتمامًا بالانضمام إلى الكتلة بشكل رسمى أو غير رسمي، وتشمل هذه الجزائر وبيلاروسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران وإندونيسيا والأرجنتين وإثيوبيا.

عنصر آخر على أجندة الكتلة اكتسب زخمًا وجذب عناوين وسائل الإعلام وهو دفع مجموعة البريكس لإجراء المزيد من التجارة عبر الحدود بالعملات المحلية لتقليل اعتماد المجموعة على الدولار الأمريكى.

ظهرت أيضًا عدة تقارير عن عملة بريكس جديدة فى الأشهر التى سبقت القمة، حيث ادعى بعض الخبراء الاقتصاديين أن الكتلة الاقتصادية قد تدفع فى المستقبل لإزالة الدولرة - مما يقلل من هيمنة الدولار الأمريكى فى التجارة والتمويل العالميين.

ومع ذلك، وفقًا لتقرير بلومبرج، قال سفير جنوب إفريقيا لدى الكتلة، أنيل سوكلال، إنه لا توجد خطط لمناقشة استبدال الدولار الأمريكى، فى الوقت الحالى.

أبــرز الحضـور

من المتوقع أن يحضر القمة رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا والرئيس الصينى شى جين بينغ والرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى.

وأعلنت موسكو فى يوليو الماضى أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لن يحضر القمة. يرجع غيابه إلى مذكرة توقيف صادرة بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، إذا وصل إلى جنوب إفريقيا، فسيكون خاضعًا لأمر المحكمة الجنائية الدولية.

وبدلا من بوتين سيمثل وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف موسكو فى القمة. ومع ذلك، لن يفوت بوتين الاجتماع. وبحسب وسائل الإعلام الروسية الحكومية، ورد أنه سيشارك فى المؤتمر عبر الفيديو.

كما وجهت مجموعة بريكس دعوات إلى 67 من قادة العالم فى جميع أنحاء إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة البحر الكاريبى.

وسيحضر القمة عشرين شخصية بارزة، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ومفوض الاتحاد الأفريقى موسى فقى محمد، ورئيس بنك التنمية الجديد لمجموعة بريكس. ومن المتوقع أيضًا أن يحضر كبار رجال الأعمال البارزين فى المنطقة.

وتم رفض حضور الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وفقا لوزيرة خارجية جنوب إفريقيا، التى تحدثت عن إبداء 22 دولة على الأقل رغبتها فى الانضمام إلى «بريكس»، منها الأرجنتين ومصر وإيران والجزائر وتونس وتركيا والمملكة العربية السعودية.

القدرة العسكرية والنووية

بجانب ضخامة قوتها الاقتصادية، تتتميز «بريكس» بتفوق فى قوتها العسكرية والنووية حيث تضم 4 من أقوى جيوش العالم، هى روسيا والصين والهند والبرازيل.

وفق إحصاءات موقع «جلوبال فاير بور» لعام 2023، فإن الإنفاق الدفاعى لدول «بريكس» 400 مليار دولار، ويبلغ عدد جنود دول التكتل 11 مليون جندى.

روسيا، ثانى أضخم جيش عالميا بميزانية دفاعية 82.6 مليار دولار، وعدد جنود مليونا و330 ألف فرد، بينهم 830 ألفًا قوات عاملة و250 ألفًا قوات احتياطية و250 ألفًا قوات شبه عسكرية.

الصين، ثالث أضخم الجيوش، والأولى بالإنفاق العسكرى فى بريكس بقيمة 230 مليار دولار، وعدد جنود 3 ملايين و135 ألف فرد، بينهم مليونان قوات عاملة و510 آلاف قوات احتياطية و625 ألفا قوات شبه عسكرية.

الهند، رابع أضخم جيش، والـ 3 فى التكتل بالإنفاق العسكرى بنحو 54.2 مليار دولار، وإجمالى عدد جنود 5 ملايين و132 ألف فرد، بينهم 1.4 مليون فرد قوات عاملة ونحو 1.1 مليون فرد قوات احتياطية، و2.5 مليون فرد قوات شبه عسكرية.

البرازيل، جيشها الـ 12 عالميا، وتنفق 18.7 مليار دولار، وعدد جنودها 2.1 مليون فرد، بينهم 360 ألفا قوات عاملة و1.3 مليون فرد قوات احتياطية و400 ألف قوات شبه عسكرية.

جنوب إفريقيا، جيشها رقم 33 عالميا، والـ5 فى «بريكس» بالإنفاق الدفاعى بقيمة 2.8 مليار دولار، ويقدر جنودها بـ 232 ألف جندى بينهم قوات عاملة واحتياطية وشبه عسكرية.

جيوش «بريكس» تمتلك: 10 آلاف و449 طائرة حربية، و22 ألفًا و791 دبابة، 502 ألف و879 مركبة مدرعة، و9 آلاف و655 مدفعا ذاتيا، و9 آلاف و709 مدافع مقطورة، و8 آلاف و711 راجمة صواريخ، وألف و782 وحدة بحرية.

تضم «بريكس» 3 قوى نووية، ويقدر حجم السلاح النووى لدى روسيا والصين والهند بـ6 آلاف و463 قنبلة نووية، بحسب موقع «ستاتيستا» الأمريكى.

التـأسيس والأهـداف

تأسيس «بريكس» جاء كردة فعل من دول باتت «لا تشعر بالأمان» مع هيمنة الاقتصاد الأمريكى، خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتى 1991، وأزمة الرهن العقارى 2007؛ فسعت لنظام متعدد الأقطاب.

وتكتل «بريكس» عبارة عن منظمة سياسية دولية، كانت المفاوضات لتشكيلها قد بدأت عام 2006، وعقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009، ومنذ ذلك الوقت تنعقد اجتماعاتها بصورة سنوية.

وفى البداية كان أعضاء التكتل أربع دول فقط هي: روسيا والصين والبرازيل والهند، وكان اسم التكتل فى ذلك الوقت «بريك»، نسبة إلى الأحرف الأولى من الدول الأربع باللغة الإنجليزية، ثم طلبت جنوب إفريقيا الانضمام للتكتل وهو ما تمت الموافقة عليه عام 2010، ليضاف الحرف الأول من اسم الدولة الإفريقية ويصبح التكتل «بريكس».

تأسست عام 2006 على يد البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت جنوب إفريقيا فى 2010.

هدفها إيجاد أقطاب اقتصادية بخلاف تلك التى تقودها واشنطن، وتعتمد فى أهميتها على أن دولها الخمس تشكل 31 % من حجم الاقتصاد العالمى، و18 % من حجم التجارة، و26 % من مساحة العالم و43 % من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث حبوب العالم، وتسعى حاليًا لتحويل التعامل التجارى لعملات بديلة عن الدولار.

التـوسيـع 

بعد الحرب الأوكرانية وتجميد الأصول الروسية، تبحث المجموعة وروسيا نفسها عن داعمين بتشكيل «بريكس بلس» عبر إضافة دول أخرى، وإصدار عملة موحدة لكسر هيمنة الدولار.

الصين بعد حرب أوكرانيا وانعدام الثقة فى الدولار، تسعى لتحويل المجموعة لرابطة عالمية لملء الفراغ.

توجد فرصة مواتية لتحقيق ذلك مع زيادة التذمر من السياسات الأمريكية، ومع المكانة العسكرية الكبيرة لدول «بريكس».