الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مهندس الديكور حازم شبل فى حواره لـ«روزاليوسف»: شعرت بالسعادة والرهبة بعد سماع خبر تكريمى بالمهرجان التجريبى

رغم انتماء والده الفنان جمال شبل لفن التمثيل بالأساس إلا أن نجله حازم شبل قرر اتخاذ مسار آخر بمجال الفن حيث تخصص فى تصميم الديكور والإضاءة وبرع فى مجال السينوغرافيا المسرحية على مدار سنوات عمله بالمسرح بقطاعيه العام والخاص، أصبح من أبرز وأهم الأسماء بهذا المجال ونظرا لتميزه وتفوقه فى موقعه أعلنت إدارة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى تكريمه ضمن فعاليات دورة هذا العام، عن التكريم وشغفه بتتبع أشكال الديكور والمعمار قال حازم شبل فى هذا الحوار:



■ ماذا يمثل لك التكريم بمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى؟

- علاقتى بالتجريبى بدأت منذ سبتمبر 1988، وقتها كنت طالبا بالسنة الرابعة كنا طلبة مجتهدين نحرص على حضور فعاليات المهرجان، ثم بدأت أشارك فى تقديم حفلات الافتتاح والختام للتجريبى مع المخرج خالد جلال أعوام2001 و2002 و2003 و2005 و2009، لذلك عندما علمت بالتكريم شعرت بالرهبة لأنهم عادة يكرمون كبار السن، لكن كل الشكر للجنة العليا والدكتور سامح مهران، التكريم يمثل لى فخرا كبيرا ومسئولية، كما سعدت بتكريمى مع أول من أخذنى للعمل معه بهذا المهرجان المخرج خالد جلال.

■ ما الذى تتذكره من عروضك بالتجريبى مع المخرج خالد جلال؟ 

- كنا شبابا ولدينا طاقة ورغبة فى فعل كل ما هو غير مألوف، أتذكر أن أحد ديكورات حفل ختام التجريبى تم اختياره للمشاركة ضمن معرض التصميمات المسرحية بتورونتو فى كندا بدورته الأولى حيث اختاروا وقتها 50 تصميما من بين 950، وبالتالى أعتز وأفتخر بمجموعة التصميمات التى قدمتها مع المخرج خالد جلال فى افتتاح وختام المهرجان، هذا الديكور تحديدا كان مختلفا فرغت وقتها الكواليس والبراقع بدار الأوبرا، طلب المخرج  ديكور مقبرة فرعوني، شددت البلاستيك كستارة مفرودة من يمين وشمال المسرح إلى آخر عمق الحائط الخلفى الموصل إلى ممر الموطفين، كانت ستارة كاملة بلاستيك وعند ممر الأوبرا وضعت حجارة فوم طوب وستة أو سبعة توابيت، تابوت رئيسى وخمسة آخرين وراء الستارة البلاستيك نصف شفاف وكانت ميزته أننى تمكنت من وضع عمق منظورى خلفه تماثيل ضخمة من أوبرا عايدة تبدأ الفقرة وكان تصميم وأداء كريمة منصور، تمد كريمة يدها يحدث زالزال بالمقبرة ثم تنير التوابيت الستة وتخرج منها مومياوات ترقص معها ويصاحبونها لنهاية العرض، هذه النوعية من العروض كانت لجان التحكيم سوف تمنحها تقييما وجوائز لولا أنهم أدركوا أنه مجرد عرض ختام المهرجان، كنا نقدم أفكارا مجنونة أتذكر أننا قدمنا فكرة كان خالد جلال مترددا حولها وشجعته عليها، فكر فى عمل فرح شعبى عريس وعروسة على هيئة الوجهين الضاحك الباكي، تردد خالد وقال لا يصح أن نقدم فرحا شعبيا على مسرح دار الأوبرا، بينما قررنا المجازفة ووضعت فراشة وسجاجيد حقيقية على المسرح، الأجانب انبهروا كان فرحا بلديا وكهارب حقيقية، وفى عام آخر قمنا بتحويل المسرح إلى موقع بناء طوب وأسمنت وبنى أبطال العرض حائطا كون شعار المهرجان.

■ هل مصمم الديكور ينفذ رؤية المخرج بالحرف أم لك رؤية خاصة بالنص والعمل الفني؟ 

- الحمد لله ولى الشرف أننى خلال مسيرتى لم أعمل مع العديد من المخرجين بينما تعاونت مع عدد من المخرجين أكثر من مرة، ومن أجيال مختلفة، كلهم قامات أضافوا لى الكثير وعادة كان يحدث تفاهم وانسجام بيننا، المخرج يشرح رؤيته للنص كيف يراه ثم يتركنا للتصميم ونعود للمناقشة والتشاور معه فيما تم تصميمه أو رسمه على الورق، المسرح عمل جماعى ليس هناك شخص فى العمل الجماعى يقدم ما يريده مائة بالمائة لكن من الممكن أن يقدم أكثر مما توقع، كل منا يشارك بجزء من العمل، المخرج الماهر هو الذى يفتح كل عناصر التصميم فى كل التخصصات، يحفزهم على التفكير والإبداع، أتذكر مثلا فى مسرحية «السلم والثعبان» إخراج خالد جلال، العرض لم يكن فى البداية بنفس الشكل الذى خرج عليه عندما حكى لى العرض نظرت له بدهشة قائلا: هذه المسرحية لا يمكن إتمامها  لأن بها 54 مكتبا، مكاتب فى مصلحة حكومية، ثم بعد قراءة القصة رسمت الإسكتش وبدأ المخرج يغزل معى حتى تكون الشكل النهائى للعرض.

■ لديك جولات متعددة فى مسارح خارج مصر حدثنا أكثر عن هذه التجارب المتنوعة؟

- أول سفر خارج مصر كان عام 1992 بالمصادفة فى مهرجان افينون بفرنسا بعد ترشح  مشروع تخرج الدراسات العليا بالمعهد بدعوة من المركز الفرنسي، رجعت بعد هذه الرحلة حريصا على تعلم الفرنسية حتى أفهم ما الذى حدث معنا هناك، ثم تكررت تجربة أفينون فيما بعد، وكذلك التحقت بالعمل فى الجامعة الأمريكية اثناء عملى بالجامعة من 96 حتى 99 كنت متألقا بالتصميم، ثم جاءت لى أول دعوة مساعد مصمم اضاءة فى كلورادو لمدة شهرين، ثم فيما بعد تقدمت للحصول على منحة فولبرايت بنيوجيرسى على بعد 40 دقيقة من نيويورك استمرت عاما كاملا، اخترت التدريب على الإضاءة حتى أتمكن من رؤية المسرح من أعلى وبشكل أدق تقنيا من الداخل، سافرت 9 ولايات، مثلا زرت فى واشنطن سبعة مسارح فى كنيدى سنتر ثم مسرح الأرينا استدج لأنه مسرح دائرى مشهور جدا ذهبت لرؤيته وتصويره من الداخل، شاهدت عروضا موسيقية غنائية استعراضية فى نيويورك، ثم ذهبت للتدريب بأوبرا المتروبوليتان.

■ ما الفرق بين كواليس هذه المسارح وكواليس المسارح بمصر؟

- أحارب منذ 15 عاما فى هذا الموضوع، هذا الأمر لن يفهمه أحد إلا إذا عاينه بنفسه، لأنه فى رأيى حدث تعتيم ثقافى على المسرحيين والنقاد والصحفيين، بمعنى أنه ليست هناك فرص للمشاهدة والسفر إلى الخارج إذا عدنا إلى السبعينيات والستينيات، سوف نجد كم شخص كان يسافر من أجل التدريب أو المشاهدة، وليس للحصول على شهادة من الخارج، المفارقة الزمنية أننى من القلة الذين تمكنوا من السفر خارج البلاد ورؤية ما الذى يحدث، مهما شرحت المسألة معقدة، لأننى ذهبت فى الولايات المتحدة وعملت بجميع أنواع المسارح بدءا من البدروم وهناك رجل يسكنه ولا يريد تركه، وكنا نعرض فى وجوده، حتى لاس فيجاس وأوبرا المتروبوليتان وما بينهما من مسارح، ولم تقتصر جولاتى على أمريكا فقط، بينما كانت لى جولات فى إنجلترا والنرويج وألمانيا والصين، مثلا من بديهيات معمار وبناء المسارح أن تكون خشبة المسرح سوداء، وليست خشبا فاتحا مدهونا فلوت بيلمع مثل مسرح السامر..!، لابد أن تعود البعثات من جديد، هناك أجيال لا تعلم البديهيات، المسرح كواليس وشواية وعمق وخدمات ليس مجرد مصطبة أمامها كراسي، مسارح بروداوى والويست اند بإنجلترا ليست هناك خسبة مسرح، هناك بئر يتم تغيير الديكورات من خلالها، الديكور يخرج من أسفل المسرح، هناك مضخات تضخ الدخان الأبيض والشمعدانات التى خرجت من الأسفل فى شبح الأوبرا كل الديكور من تحت، الخشبة كلها فتحات ووحدة تحكم  وأسانسيرات، هناك ثقافة مسرحية واهتمام بالتقنيات بينما نحن نهتم بالشكل، ولا ننظر فى الأساس الذى بنى عليه هذا الشكل.

■ ماذا بعد مرحلة العودة من السفر؟

- كان لقاءى بالمخرج الكبير الأستاذ عصام السيد، لكن قبل السفر قدمت معه «عين الحياة» بالجاليرى فى مسرح الهناجر، ثم «أهلا يا بكوات» فى نسخة يناير 2006 وهو نفس العام الذى حصلت فيه على جائزة الدولة التشجيعية وكان أول عمل لى على خشبة المسرح القومي، ثم سافرت أمريكا بعدها أخذنى عصام السيد فى احتفالات 6 أكتوبر بالصالة المغطاة وقتها انبهرت بمساحة الفراغ التى سأعمل بها دائرة قطرها 56 مترا كنت لا أعلم ماذا أفعل فى كل هذا الفراغ، ثم أعدت التجربة معه ببناء الهرم فى 2008 بعدها قدمنا «فى بيتنا شبح» و”زكى فى الوزارة».

■ كيف كانت مساحة التفاهم مع أستاذ عصام خاصة بسبب اختلاف الأجيال؟

- هو بطبيعته مخرج ذكي، والمخرج الذكى هو الذى يحفز الآخر يأخذ منه ويمزج كل شيء ثم يعيد صياغته، والفكرة ليست بفارق العمر والسن بينما بفارق الخبرة، وهو الأكبر سنا وتاريخا لديه مهارة توليد الأفكار يطرح فكرة ويستقبل جديدة ويطورها، كان يريد تقديم مسرحية «ثورة الزنج» أقمنا الديكور بالمسرح العائم لكننى فكرت بمدى إمكانية العمل على خشبة القومى وهو لا يزال محروقا، أن يعيش الجمهور تجربة الجلوس فى مسرح محترق على صناديق حالة مختلفة تشجع معى للغاية وحاول طرح الفكرة لكن بسبب البيروقراطية توقف التنفيذ ورفض المسئولون استغلال المسرح بهذا الوضع، كان لوكيشن لن يتكرر.

■ ماذا عن تجربة تشارلى شابلن من مسرح أركان إلى الموفينبيك؟

- صممت فى البداية على مسرح أركان لأنه توفر لنا أولا،  كان أصغر وعمقه أصغر وارتفاعه أقل لكنه مسرح راق وجديد، صغرت الديكور تخليت عن بعض الأشياء، الارتفاعات كانت اعلى بالتصميم الأساسي، ثم سافر السعودية بتصميمه الأصلى وأتينا هنا فى الموفينبيك الذى أعتبره أفضل مسرح بمصر بعد مسرح دار الأوبرا، أقمت عليه التصميمات كاملة، وبالطبع هذه التجربة المسرحية أتمنى أن تتكرر فى عروض أخرى حتى تصبح هناك سوق منتعشة لهذا النوع من المسرح لأننى أتصور دائما أن الأعمال الغنائية الاستعراضية سوف تعود من خلال القطاع الخاص.