الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

مرآة لا تعكس كل التفاصيل

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل زوجة معذبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أتابع قضايا بريدكم بشغف - لكننى لم أجد مشكلة مشابهة أستعين بها، كترياق لعلتى أو مسكن لأوجاعى التى عمقها بداخلى زوجى وشريك حياتي، صاحب بئر الأسرار والغموض الكبير، طيلة ٢٨ عامًا هى عمر زواجنا، وحكايتى تبدأ مع ابن عمى بإحدى محافظات الوجه القبلي، بعد قصة حب غلفها الاحترام المتبادل وقلة الاحتكاك المباشر كعاداتنا، حيث لم تتح أمامنا الفرصة لاكتشاف كل منا لطباع الآخر جيدًا - وهى قيود كانت مفروضة وقتها بشكل صارم، مقارنة بالمرونة النسبية التى تشهدها فترة الخطوبة حاليًا بالصعيد،، تزوجته وأنا فى العشرين من عمرى بعد حصولى على شهادة الثانوية العامة وتفضيل والدى عدم إكمال دراستى الجامعية، وقبول عرض ابن شقيقه بالتقدم لى وطلب يدي، كان حينها طالبًا بالصف الثانى لإحدى الكليات النظرية، شاب وسيم لا يعيبه إلا غموضه وخجله، عكس كل الشباب بمثل سنه، بدا هذا التقوقع واضحًا أمامى خلال فترة خطوبتنا القصيرة - إلا أننى وجدتها ميزة كبيرة، أنه لم يتأثر بعمله مع عمى وميله نحو بنات العاصمة بالقاهرة، أثناء سفره المعتاد لبيع محصول تجارتنا الزراعية، ثم التوسع بإنشاء أحد المصانع هناك،، كان دخله يكاد يكفينا فى بداية حياتنا، التى سرعان ما استقل فيها عن أشقائه بعد وفاة عمى رحمه الله ببضع سنوات، وضعف لحمة الترابط ونشوب خلافات لا تنتهي، فقرر الابتعاد وبداية مشروع بمحافظة أخرى مجاورة للقاهرة، حينها ساءت حالته النفسية وزادت فترات اختلائه بنفسه بشكل مبالغ فيه، لا يستجيب لمحاولات دمجه مع أسرتنا الصغيرة، المكونة من ثلاثة أبناء ذكور وبنتين، يمثلون نعيم الدنيا بالنسبة لنا - والغريب أن زوجى رغم مؤهله العالى ونجاح تجارته بشكل كبير وتوسعه فيها - إلا أنه على المستوى الاجتماعى يعد فاشلًا، لأنه لم يكون صداقات بالمدينة التى نعيش فيها - حتى أن أهلها يظنون بأن عليه ثأر يجعله خائفًا من الاختلاط، وهو ما دفعه للابتعاد مئات الكيلومترات عن بلده،، كل هذا لا يضايقنى قدر تعامله معى أنا شخصيًا، فيما يخص غموض حالتنا المادية، حيث لا يحتفظ بأموال فى البيت تعطينى فكرة عن دخله اليومي، ولا أعرف إذا كان يخفى بطاقة بنكية تطمئنا على ادخاره للزمن - عندما بدأنا حياتنا كان يتعرض لبعض الأزمات المادية، وكنت أبيع ذهبى لأساعده، كى أظل مساندة وداعمة، وهو يصر على غموضه معى بهذه الطريقة، بعد أن من الله عليه من واسع فضله كما ذكرت لكم، أصبح لا يحتفظ بأى أموال فى بيتنا، فقط يكتفى بجمعها يوميًا والخروج بها إلى وجهه غير معلومة،، عندما قررت مواجهته بمخاوفى من عدم تأمين مستقبل أبنائه، وبأننى يجب أن أعرف كل شىء عنه لأننى زوجته وابنة عمه وحبيبته، أكتفى بتأكيد أن الخير كثير، وعندما يموت سنجد ما يكفينا لسنين، وبأننى أعرف تمام المعرفة أنه لا يدخن، ولا يهوى تعدد الزوجات، فلا يجب التحرى عن كل شيء، كما أنه يعرف مسؤولياته جيدًا تجاهنا، وحريص على سد كل حاجاتنا - لذا لا داعى للخوف، وكل تلك الأسئلة التى لن يجيبنى عليها مهما حاولت،،، الأكثر إزهاقًا لروح الصبر التى أتمسك بها أستاذ أحمد رغم كل تلك التصرفات، هو أن ابناءه ضجروا من غموض ابيهم، وكأنه تاج ملكى يزين به شخصيته، وأنا اقتربت من إتمام العقد الخامس من العمر، وفشلت فى تطويره اجتماعيًا، والمؤلم أن أحد أبنائى المقربين منه، وكاتم أسراره، أصبح صورة طبق الأصل من أبيه، مكروهًا من أشقائه - لأن زوجى يميزه عليهم كونه أكبرهم سنًا، حسب حجته الوهمية، أما الحقيقة أنه وجد ضالته فيه، ليكون انعكاسًا أصيلًا لضيق أفقه،، وأخشى أن يحذو الأبناء حذو الأعمام فى التفكك وعدم الترابط والتراحم فيما بينهم، فبماذا تنصحني!؟

إمضاء و. ي

عزيزتى و. ى تحية طيبة وبعد…

إذا كانت العشرة هى مرآة الحياة الزوجية التى تنعكس على سطحها طبيعة كل طرف أمام نصفه الآخر، حيث تتشكل ميوله واتجاهاته وحتى هفواته، من خلال مواقف وأفعال مختلفة بمرور الأيام - إلا أن تلك التفاصيل والحقائق المتدفقة قد تظل منقوصة، يكتنفها بعض من الغموض أحيانًا، وهذا أمر وارد الحدوث بكل تأكيد، لكن يبقى سؤال بالغ الأهمية يطرح نفسه على أذهاننا جميعًا - وهو: ماذا يجب أن يكون رد فعلنا إذا فوجئنا باختلاف الصورة التى رسمناها لرفيق دربنا، والإجابة هي: أننا لا يجب أن نركز بشكل مفرط مع هوامش عاداتنا التى لا تتخطى كونها طباع لا ضرر منها ولا ضرار... وعطفًا على التفاصيل سالفة الذكر فى رسالتك، وإذا نظرنا لعادة زوجك فى الاحتفاظ بأسراره خصوصًا المادية منها، فسنجد أنها ربما تكون «متلازمة اجتماعية مكتسبة»، إذا جاز التعبير، مصاحبة له منذ الطفولة، وتتحكم فى آلية سلوكه الاتصالى لاإراديًا مع الجميع، وليس معكِ أنتِ بالتحديد،، ولا اختلف فى أنها عادة لا تتناسب مع ما بذلتيه من عطاء فى لحظات الضيق، التى مرت على شريك حياتك قبل استقرار أحواله، والحمدلله - لكن كما أخبرتك من قبل أن بعض العادات المكتسبة، يصعب لصاحبها نفسه التخلص منها،، لأنه يكون ما بين إدمان عادته، وقناعته بقيمتها كإحدى أدوات نجاحه، وكأنها أيقونة ذهبية تمنحه صك الطمأنينة فى الحياة -  بغض النظر عن رضا أو سخط أقرب من حوله، لأنه على يقين دائم بحتمية تفهمهم لأفكاره والتماس الأعذار له آجلا أم عاجلًا،، وهذا توجه العفوى عزيزتي، لا يجب أن يصارعك داخليًا، أو يدفعك لتغيير طريقتك فى العطاء مع زوجك، بل أنصح بمضاعفة اهتمامك به والتقرب منه، والتأكيد على تثمين دوره كرب أسرة ناجح ومجتهد يسعى بحب وإخلاص إلى تأمين مستقبلكم، وبأنكِ أصبحتى تتفهمين أسباب كتمانه - لكن الأهم أن تدفعيه بمرونتك ومهارتك إلى القيام بتَمْتينِ لُحمة أبناءكم، وتقوية ترابطهم وتدعيم ثقتهم فى شقيقهم الأكبر - حتى لا يضرم حقدهم عليه نار الكراهية والعداء دون أن يدرى - إذا فضل أحدهم وأهمل الآخرين،، ومن الأفكار المطروحة لتمكينه من تحقيق هذا الهدف، هو أن يقوم الشقيق الأكبر بإشراكهم فى بعض أمور وأخبار تجارتكم واستطلاع آرائهم، ليشعروا بأهميتهم فى نظره، ترسيخًا لروابط الأخوة بطريقة غير مباشرة، ثم يظهر أبيهم فى الصورة ويطلعهم على معلومات تسعد وتفاجئ الجميع، وتبدو بأنها تُعلن للمرة الأولى، وإن كانت عادية من وجهة نظره، لتسود روح المساواة فيما بينهم،، كل ما سبق سيحدث يومًا إذا نقلتى صورة خالية من التربص بعادات زوجك كما يظن وهذا عكس الحقيقة، وهى مجرد رغبتك فى الاطمئنان على الأحوال وليس أكثر،، وبالرجوع إلى حديثك عن ثقة زوجك الكبيرة فى ابنه كاتم أسراره، فلا غضاضة على الإطلاق فى أن يكون أحد أفراد الأسرة لاسيما الابن الأكبر، هو المطلع على كل أسرار أبيه المالية، حتى يحمل اللواء من بعده، شريطة أن يتمتع بالحكمة والقدرة على إدارة الأمور بموضوعية،، وفى اعتقادى أن الرجل ربما قصد ذلك حتى ينقل ولده كل شىء لكم فى الوقت المناسب حسب قناعاته،، فقط عليكِ بالمحافظة على ثقة هذا الأبن وتدعيمه بعطف الأم واحتوائها، كى يصل لدرجة التوازن المنشود كقائد منتظر.. وفى النهاية هناك حقيقة محفزة يجب ذكرها لكِ أيتها المحاربة الصامدة، وهى أن الزوجة المقربة من ربها، تستمتع دائمًا بلعب دورًا مركبًا فى حياة أسرتها، حين تفهم طبيعة زوجها نفسيًا واجتماعيًا فتقبله على وضعه،، يقينًا منها بأننا جميعًا غير كاملي الأوصاف، من جهه أخرى فهى تنجح بمهارة وذكاء فطري، فى تعديل بوصلة أبنائها اجتماعيًا لإنتاج جينات سلوكية مكتسبة أكثر توازنًا من التى نشأ عليها أبيهم أو حاوطتهم بها بيئتهم. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا و. ى