الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى دورته الـ55

اللجنة العليا المنظمة لمعرض الكتاب تختار سليم حسن شخصية العام

اختارت اللجنة العليا المنظمة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب بدورته الـ 55، اسم عالم الآثار الدكتور المصرى سليم حسن ليكون شخصية العام بالمعرض، جاء ذلك خلال اجتماع اللجنة الاستشارية لمعرض القاهرة الدولى للكتاب 2024، التى عقدت أول أمس، حيث بدأت اجتماعها لوضع الرؤية العامة للبرنامج الثقافى الذى سيضم عددًا كبيرًا من الندوات الثقافية والعلمية والأدبية والتاريخية، والأنشطة الخاصة بالطفل، والأنشطة الفنية المصاحبة، ووافقت اللجنة على اختيار شخصية المعرض عالم الآثار الشهير د.سليم حسن، والذى قدم أعمالًا مهمة تحمل فى طياتها التاريخ المصرى والحضارى الذى يجب أن يتعرف إليه الشباب الآن.



المولد والنشأة 

وُلد سليم حسن بقرية ميت ناجى التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية فى (11 من رجب 1303 هـ = 15 من إبريل 1886م)، وتُوفى والده وهو صغير، فعُنيت به والدته وأحسنت تربيته وتعليمه، وبعد أن أتم دراسته الابتدائية والثانوية التحق بمدرسة المعلمين الخديوية، وانضم إلى الفرقة التى تدرس علم الآثار التى أشرنا إليها من قبل. وبعد أن أتم دراسته سنة (1331هـ= 1912م) حاول أن يلتحق بالمتحف المصرى بمسعى من أحمد كمال باشا، لكنه لم يُوفَّق، فعمل مدرسًا للتاريخ واللغة الإنجليزية بالمدرسة الناصرية بالقاهرة، ثم نُقل إلى مدرسة طنطا الثانوية، ومنها إلى أسيوط، ثم نُقل إلى القاهرة مدرسًا فى المدرسة الخديوية الثانوية. نشاطه العلمى المبكر كان سليم حسن فى أثناء انشغاله بالتدريس وافر النشاط، عالى الهمة، جاد النزعة، اشترك فى وضع الكتب التاريخية التى كانت مقررة على طلبة المدارس، وهو فى السن الغضة؛ فألّف تاريخ مصر من الفتح العثمانى إلى قُبيل الوقت الحاضر، وتاريخ أوروبا الحديثة وحضارتها، وشاركه فى التأليف «عمر السكندرى»، وترجم تاريخ دولة المماليك فى مصر بالاشتراك مع «محمود عابدين»، وصفحة من تاريخ «محمد على» بالاشتراك مع «طه السباعى»، الالتحاق بالمتحف المصرى تعددت محاولات سليم حسن للعمل بمصلحة الآثار التى كان يُسيطر عليها الأجانب، لكن محاولاته لم يُكتب لها النجاح، حتى إذا أقبلت ثورة 1919م التى أججت الشعور الوطنى، وأشعلت الحماس فى النفوس ـ تغير الوضع، وأصبح الوزراء المصريون بعدها أكثر استقلالاً، وأوسع نفوذًا، فلاحت الفرصة لسليم حسن التى طال انتطارها لها، إذ انتهز «أحمد شفيق باشا» وزير الأشغال فرصة تعيين أمينين فرنسيين بالمتحف المصرى، وأصر على تعيين أمينين مصريين مساعدين لهما، فالتحق سليم حسن بالمتحف أمينًا مساعدًا سنة (1340هـ= 1921م). 

وفى أثناء عمله بالمتحف سافر إلى باريس على نفقته الخاصة إلى باريس سنة (1341هـ - 1922م) لحضور الاحتفال بمرور مائة عامة على فك شامبليون لرموز اللغة الهيروغليفية، وتمكّن من زيارة عدة متاحف أوروبية، وبعد عودته كتب عدة مقالات فى جريدة الأهرام تحت عنوان: «الآثار المصرية فى المتاحف الأوروبية» كشف فيها عن أسرار سرقة الآثار المصرية، ودور الأثريين الأجانب فى ذلك، الأمر الذى جعل المشرفين على الآثار يحنقون عليه. 

البعثة إلى الخارج أثار اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سنة (1341هـ= 1922م) دهشة الناس فى العالم وإعجابهم بالحضارة المصرية القديمة، وولدت فى المصريين الاعتزاز بتراثهم المجيد، فتداعت الأصوات إلى إرسال بعض المصريين لدراسة علم الآثار المصرية الخارج، فسافر سليم حسن إلى باريس، والتحق بجامعتها، وحصل على دبلوم فى اللغة الشرقية، وثان فى تاريخ الديانات، وثالث فى اللغات الشرقية، ثم عاد إلى مصر فى سنة (1346هـ - 1927م)، وعين سليم حسن مرة أخرى فى المتحف المصرى، وأقنعه المسئولون أن مكانه هو المكتبة وأن عمله الأساسى هو ترجمة دليل المتحف، وكان ذلك يعنى تجميدًا لنشاطه، لكن هذا لم يدم طويلاً، فاستدعته كلية الآداب بالجامعة المصرية للتدريس بها، وترقى فى المناصب العلمية إلى أن بلغ درجة الأستاذية مع الإشراف على حفائر الجامعة بمنطقة أهرامات الجيزة، ولم تحل أعباء التدريس وأعمال الحفر والتنقيب دون مواصلة للدراسة والبحث، فوضع بحثًا قيما نال عليه درجة الدكتوراه من جامعة فيينا، سنة (1354هـ - 1935م) العودة إلى مصلحة الآثار فى عام (1355هـ - 1926م) عين سليم حسن وكيلاً لمصلحة الآثار المصرية، فكان أول مصرى يتولى هذا المنصب، الذى كان مقصورًا على العلماء الأجانب فأثار حفيظة بهم، ويذكر له أنه استرجع إلى المتحف المصرى مجموعة من القطع الأثرية كانت فى حوزة الملك فؤاد، فلما حاول ابنه الملك فاروق أن يستعيدها باعتبارها من الممتلكات الخاصة لأبيه، رفض سليم حسن إعادتها، ولم تطل إقامة سليم حسن فى منصبه، وتعرض لمضايقات كثيرة، نجحت فى إجباره على ترك العمل بمصلحة الآثار سنة (1359هـ - 1940).

 اكتشافاته وحفائره

أحصت الدكتورة ضياء أبو غازى جهود سليم حسن فى عمليات الحفر والتنقيب التى استمرت عشر سنوات (1348هـ - 1358هـ - 1929 - 1939م) ونشرت قائمة بها فى حوليات مصلحة الآثار سنة( 1384هـ - 1964م) فبلغت 171 عملا، وذكرت نبذة عنها، وكانت حفائره فى منطقة الأهرامات بالجيزة من أهم ما قام به من أعمال؛ إذ كشفت عن عدد كبير من مقابر الدولة القديمة، وتعد مقبرة (رع ور التى كشفها جنوبى منطقة «أبو الهول» من أكبر المقابر، وتكاد تضارع مقابر الملوك من حيث ضخامتها وكثرة التماثيل بها). 

كما كشف مقبرة الملكة (خنكاوس) آخر ملوك الأسرة الخامسة، وحلقة الوصل بين تلك الأسرة والأسرة السادسة، وصممت المقبرة على هيئة تابوت أقيم فوق صخرة كبيرة، وأطلق سليم حسن على هذه المقبرة الهرم الرابع. 

وكانت حفائر سليم حسن فى منطقة أبى الهول من أهم أعماله التى كشفت عن أسرار «أبو الهول» وما يحيط به من غموض وإيهام، وامتد نشاطه إلى منطقة سقارة ومنطقة النوبة.  التفرغ للتأليف بعد أن ترك سليم حسن العمل الحكومى تفرغ للدراسة والتأليف، وعكف على وضع مؤلفاته التى لا تزال محل إعجاب وتقدير، على الرغم من استمرار الاكتشافات الأثرية التى قد تؤدى إلى تصويب أو تخطئة ما كان مستقرًا من قبل من معلومات أثرية فى المؤلفات التاريخية وأهم مؤلفاته قاطبة هو كتابة «مصر القديمة» الذى أخرجه فى ستة عشر جزءًا، وبدأ فى نشره سنة (1359هـ - 1940م) وأصدر الجزء السادس عشر سنة (1380هـ - 1960م) متناولاً تاريخ مصر وحضارتها من عصر ما قبل التاريخ، ومرورًا بالدولة القديمة والوسطى والرعامسة والعهد الفارسى، وانتهاء بأواخر العصر البطلمي، وكان قد شرع فى كتابة الجزء السابع عشر عن (كليوباترا) لكن حال موته دون إصداره»، وهذه الموسوعة تغنى القارئ عن عشرات الكتب والمراجع التى تتناول تاريخ مصر فى هذه الفترة الطويلة، وتعد فريدة فى بابها، فلم يسبق أن تناول عالم واحد كل هذه الفترة فى مؤلف له. 

وله إلى جانب ذلك (الأدب المصرى القديم) الذى نشره سنة (1365هـ - 1945م) فى مجلدين، تناول فيهما الأدب فى مصر القديمة، وكتب فصلا كبيرًا عن الحياة الدينية وأثرها على المجتمع فى المجلد الأول من تاريخ الحضارة المصرية الذى أخرجته وزارة الثقافة والإرشاد القومى. 

وأسهم فى ميدان الترجمة فنقل إلى العربية كتاب «ديانة قدماء المصرين» للعالم الألمانى «شتيدورف» سنة (1342هـ - 1923م) وكتاب فجر الضمير للمؤرخ الأمريكى جيمس عهنرى بريستد سنة ( 1376هـ - 1956م). 

أما عن مؤلفاته التى كتبها بغير العربية فقد بلغت ثلاثة وثلاثين مؤلفًا وضمت كتبًا علمية ككتابه عن «أبو الهول» وكتابه عن «الأناشيد الدينية للدولة الوسطى» بالإضافة إلى بحوثه ومقالاته فى حوليات مصلحة الآثار والمجلات الأثرية الأجنبية، وتقارير حفائر فى الجيزة وسقارة والنوبة.