الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا.. ثقوب فى نفسى المنهكة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل إنسانة تعيسة منذ أدركت وجودى بهذه الدنيا، طفولتى لم تكن حالمة أو دافئة مثل باقى الأطفال - إنما هى بائسة وقاسية، رفقة أربع شقيقات غيرى، فضل والدهم البحث عن رزقه فى إنجاب الولد قبل جلب المال، لذا كرر محاولاته لتحقيق تلك الرغبة الملحة خمس مرات، دون النظر لمتطلبات المعيشة ومسؤوليات الحياة، فاضطرته الظروف بنهاية المطاف إلى السفر خارج حدود الوطن سنوات طويلة ومتلاحمة لتأمين مستقبله، تاركًا الدفة لأم قاسية وعنيفة، تعتمد على البخل والشح لإدارة نفقاتها على حسابنا، بداية من بزوغ فجر كل يوم وحتى ذهابنا للنوم، لا ننعم بأبسط أشكال الرفاهية - رغم ذلك - لم ننجرف بعوزنا الفطرى كأطفال إلى الحقد على أحد، أو تحقيق أحلامنا البريئة بتسلق أكتاف الآخرين، بل تربينا على العفة والقناعة، والحمد لله يشهد لنا كل جيراننا بذلك،، فى نفس الوقت كانت لضريبة هذا التماسك الظاهر ثمن دفعناه من اعتلال أنفسنا، وقهرها بمجموعة متشابكة من العقد الدفينة والخانقة، ثم انقلب توتر سريرتنا لفرحة «هيستيرية»، بمجرد ظهور أقارب من عائلة أبينا، يعيشون بمحافظة مجاورة، عرفوا بأن والدنا لديه ٥ بنات منهن ثلاث بسن الزواج وأنا أكبرهن، فأرادوا التعارف وتبادل الزيارات، لما سمعوه عن أدبنا وأخلاقنا، ونحن اكتشفنا أن عائلتنا لها أصل يجب أن نتشرف بالانتماء إليه،، أحد شباب العائلة من الفرع الذى تقرب منا، له شقيقة تعمل مدرسة، انتقلت للعمل عندنا بالمدينة التى نعيش فيها، وهى من رشحتنى لشقيقها الذى يعمل محاميًا بإحدى الشركات الكبرى، إنسان دمث الخلق ووسيم، تستطيع أن تقول بأنه مناسب بكل ما تحمله الكلمة من معنى ليكون زوجًا لى، ما شجع والدتى على قبوله دون تردد، بعد الاتصال بوالدى ومباركة الأمر، وأنا وجدتها فرصة جيدة للخروج من منزلنا وبداية حياة جديدة أكثر استقرارًا- لكن تفاجئنا الأقدار أحيانًا ببعض التفاصيل المخالفة لإرادتنا، من بينها أن خطيبى كان بحياته فتاة أخرى تعيش بقريتهم، وتميل إليها والدته، تمنت بأن يتزوج ابنها منها، وهو ما أكدته تلك الفتاة بنفسها، بعد أن أتت إليَّ وتوسلت لأترك لها خطيبى، لأنها تحبه وهو يحبها أيضًا، وتحظى بقبول أقاربه، ولا تعرف لماذا قهرها وذهب لخطبتى، وأنا تعاطفت معها ومع بكائها وأخبرت خطيبى بما حدث - لكنه اشتاط غيظًا من تلك الرواية، وتعجب بشدة متسائلًا: كيف يكون بينى وبينها حب من طرفى على الأقل وأتقدم لكِ، ثم أقسم بأنه يحبنى ولن يتزوج غيرى، لذلك لم يعد أمامى إلا غض الطرف عن كل ما يعكر صفو حبنا المتبادل، والمضى قدمًا فى طريق إكمال زواجنا، وهو ما حدث بالفعل منذ ثلاث سنوات وإنجابى لطفلة جميلة أصر زوجى على تسميتها بإسمى تعبيرًا عن تقديره لى،، المشكلة أستاذ أحمد تكمن فى التصرفات غير المتوقعة من تلك الفتاة التى كانت تحب زوجى، بعد أن قامت بالتشهير بى فى كل مكان بقرية زوجى التى نعيش بها، حيث ادعت بأننى محترفة فى خطف الرجال، وتلك هوايتى المفضلة، بل استمتع بحرق قلوب الفتيات مثلها، لأننى عشت حياة صعبة غاب فيها الأب وفقدت الأم سيطرتها علينا، وتفرغت لشهرتها بأعمال الدجل والشعوذة، وهذا ما سحر زوجى وجعله يحبنى رغم اتفاقه على الزواج منها،، والأكثر إيلامًا مما سبق هى تلك التصرفات غير المقبولة من زوجات أشقاء زوجى الثلات، التى تربط إحداهن صلة قرابة بالفتاة المتسببة فى كل ما أعانيه، حيث أصبحن يجاملنها بالتنمر بى وبطفلتى، ورميى بوابل من رصاص الكلمات - حتى بعد ترك زوجى لشقته بمنزل عائلته، وشراء شقة مستقلة من حر ماله كى يبعدنى عن هذا الجو المشحون بالحقد والغل، ولا أعرف ماذا أفعل لتحقيق طرفى تلك المعادلة الصعبة، وهى العيش بأمان دون اكتساب مزيد من الضغائن دون ذنب، أو افتعال صراعات مع أحد، كذلك فإن زوجى رجل هادئ الطباع مثلى، لا يفضل مقاطعة أشقائه بسبب زوجاتهن، فبماذا تنصحنى!؟   

إمضاء و. ي  

 

عزيزتى و. ى تحية طيبة وبعد…

  أنصحكِ بالتخلص سريعًا من هذا الضغط الجاثم بكل قوة على نفسكِ المنهكة، وعدم الربط الدائم بين ذكريات الماضى أثناء وجودك ببيت أبيكِ، وعوزك المعنوى الذى فرضته ظروف غيابه عنكم لفترات طويلة، وبين ما يحدث الآن من تنمر مستفز لاستقرارك الأسري،، ومما لا شك فيه أن المرحلة الأولى كان تأثيرها باهظ الثمن، لأن وجود الأب فى فترة تكوين شخصية أبناءه، وتدعيم ثقتهم بأنفسهم، وتطويرهم وثقل خبراتهم، هو أمر بالغ الأهمية بكل تأكيد، وهذا ما افتقديته أنتِ بالفعل، والشيء بالشيء يذكر فيما يخص ترتيب كل رجل لأولوياته، وهى قيمة تربوية يجب أن تتوارثها الأجيال جيل بعد جيل، تجنبًا لعواقب الأمور من ضغوط لا حصر لها، نتسبب فيها بمحض إرادتنا لأعز ما نملك، إذا اعتمدنا التواكل اسلوبًا لحياتنا، حين يبدأ المنحنى التصاعدى لمسئوليات كل رب أسرة منذ التحاقه بسوق العمل، ثم تدبير نفقات زواجه بنفسه أو بمساعدة أهله، ويستمر الترتيب سالف الذكر فى تسلسل المهام، مرورًا بتنظيم النسل والرضا بما قسمه الله، وتغليب العقل على الرغبة،، لذا فإن إحساسك بالضعف والخضوع والتسليم بالأمر الواقع أصبح هو المسيطر على شخصيتك، كأسهل طرق الهروب من مواجهة الافتراءات والتهم الباطلة، التى تحاول تلك الفتاة معدومة الضمير وأنصارها إلصاقها بكِ، وبوالدتك الفاضلة، لذا يجب على زوجك هو الآخر تحمل مسئوليته، ووضع حلول جذرية لمشكلتكما، بالجلوس مع أشقاءه ومناقشتهم فى تصرفات زوجاتهم ونصرهن لتلك الفتاة المشوشة، وعدم تأجيل هذه الخطوة، لأنه مطالب بشرح أبعاد هذا التنمر الممنهج، والتنبيه على ضرورة عدم تكرار محاولات إيذائك معنويًا، وإبلاغهم بأن تركه لبيت العائلة وشراءه شقة بعيدًا عنهم كان لتقليل فرص الاحتكاك مع أطراف الصراع، وهذا ليس ضعف - إنما حرص على صلته القوية بهم، وعدم تأجيج مشاعر العداء بينهم، ولا يجب أن يكون هذا التصرف دافعا للتمادى فى الخطأ من جهة زوجاتهم، واعتبار هذا التصرف سلبى،، كذلك ربما يكون من الأفضل إقناع أشقائه بالذهاب معه لأسرة الفتاة التى ادعت بأنه كان يحبها، والتأكيد عليهم بأن ما تقوم به ابنتهم يضر بسمعتها فى المقام الأول، وبأنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام ظلمها، باتباع الطرق القانونية، إذا لم تكف عن أقوالها فى حقك وحق والدتك، وإذا فشل زوجك فى لم شمله بأشقاءه وتوحيد صفهم، فهو مطالب بخطوة أخيرة، وهى بيع شقتكم وترك القرية، والذهاب لأى بلد آخر، لا يعرفكم فيها أحد، لإخماد نار الفتنة، وتجنب عواقب تلك المحنة - لأنه إذا ذهب العقل وغابت الحكمة، وزُهقت روح التراحم بين أبناء الرحم الواحد، فلا خير فى تجمعهم ولا نفع من تعاونهم - يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الحج، بسم الله الرحمن الرحيم { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ } صدق الله العظيم. 

 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا و. ى