الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفنانة عايدة فهمى فى حوار لـ«روزاليوسف»: نجـاح «فـريدة» تجـاوز التوقعـات.. وجمهـور بلغـاريا كـان مفاجـأة بكـل المقاييس

  من السمات الغالبة على مطربى الأوبرا تفاوت وتعدد طبقات الأصوات ثم التنافس فى استعراض هذه الطبقات وتلك الأصوات، بينما من العسير أن يتسم ممثل المسرح بهذه الصفة البليغة فى تعدد طبقات صوته مع اتقانه لفن الأداء التمثيلى، تمتلك الفنانة عايدة فهمى موهبة استثنائية أو إن شئت تحرى الدقة فى الوصف هى صاحبة موهبة «فريدة»، لم يكن العرض الأخير الذى قدمته على خشبة مسرح الطليعة مجرد اسم يمر مرور الكرام، بينما كان اسما على مسمى يصف بطلته ويحاكى موهبتها الراسخة، الممتلئة بالتفاصيل والمكتملة بالرسوخ، لم يتوقف نجاح «فريدة» بانتهاء ليالى عرضه على خشبة الطليعة بل مازالت حية ترزق بمهرجانات ومسارح أخرى، طافت الفنانة عايدة فهمى بعرضها فى جولات مسرحية متعددة وفى كل جولة تعود بمذاق ونجاح خاص.. كانت آخر جولات العرض دولة بلغاريا، رغم حاجز اللغة استقبل الجمهور العمل بحفاوة واحتفاء كبير.. عن «فريدة» وجولاتها وجمهور بلغاريا قالت عايدة فهمى فى هذا الحوار..



 

■ ينمو نجاح عرض «فريدة» بمرور الوقت هل توقعتِ هذا النمو والاستمرار؟ 

 ـ لم أتوقع هذا النجاح، على العكس تصورت أننى أقبلت فى البداية على مجرد مغامرة فنية مع المخرج أكرم مصطفى الذى أخبرته بأننى أريد تقديم هذا النص «أغنية البجعة» لتشكيوف لأنه كان يشغلنى كثيرا منذ أن كنت طالبة بالمعهد العالى للفنون المسرحية أحببت الفكرة، بينما زاد حبى وتعلقى بها عندما تقدمت بالعمر، لأن النص الأصلى يروى قصة ممثل كان ملىء السمع والبصر، وفجأة انحسرت عنه الأضواء، عن فكرة عشق المسرح الذى بدأ يؤخذ منه وكأنه يؤخذ منه روحه، لمسنى النص داخليا، لأن هذا حالى جزء منى عندما ابتعد عن المسرح أشعر بأزمة حقيقية رغم عملى بالدراما التليفزيونية إلا أن المسرح له سحر آخر هو الروح التى أتنفس بها.

■ هل كان من السهل الإقبال على فكرة المونودراما؟

 ـ كنت أخشى للغاية من المونودراما لأننى حتى إذا كنت معروفة على مستوى المسرح والنقد، إلا أن الجمهور قد يعرفنى ولكن ليس إلى هذا الحد حتى يخرج من منزله خصيصا لمشاهدتى بمفردى، عندما افتتحنا العرض لم أتخيل هذا النجاح سواء على المستوى الجماهيرى أو النقدى، كنت أتساءل فى دهشة مع صناع العمل ماذا حدث مع فريدة؟!.. لم نتوقع هذا النجاح والإقبال على الإطلاق، ما حدث شىء خارج عن الإطار الذى وضعته فى تصورى للعرض.

■ كنت أشاهدك فى البروفات مع المخرج أكرم مصطفى وأراك مستمعة منصتة.. مستجيبة لتوجيهاته رغم خبرتك الطويلة بهذا المجال؟

ـ كنت تلميذة وأستمع وهو نعم الأستاذ، لأننى أحترم المخرج جدا اخترت العمل معه بناء على سمعته لم يوجهنى إلى شىء ليس فى مكانه، طبيعى أننى ممثلة ماهرة لكن إذا تركت نفسى لنفسى سأقدم شيئا أقل من هذا كثيرا، الممثل الراسخ يفتح مجالا للحوار مع المخرج وينصت له ويطيعه، التمسك بالرأى والغرور «غباء» صدقت أكرم وهو أهل لهذه الثقة تناقشنا كثيرا، وكنت أنفذ ما يريد ولم يفلت منه شيئا، على العكس.. كان إذا اندمجت واستخدمت صوتى بشكل مبالغ يراجعنى وأصدقه، وعلى سبيل المثال قاومنى كثيرا حتى لا أعيش فريدة وكأنها أنا.. كما ذكرت النص لمس شيئا يخصنى وأحيانا كنت أعتبرها «عايدة فهمى» وكأنها تعبر عنى ولا أعيش أجواء فريدة نفسها، وفى مونولوج المجنونة قاومت فى البداية كثيرا كى لا أقدمه كنت خائفة أن أقدم هذه الشخصية، لكنه أقنعنى، وعندما تقبله الجمهور أحببت المونولوج وبدأ فى بنائه معى لا بد أن يتوافق الممثل والمخرج وتتسع مساحة الحوار والصدق بينهما.

■ لكن أليس من الجيد أن يتوحد الممثل مع الشخصية التى يلعبها؟

ـ أتوحد لكن لا أعيشها داخل نفسى، لا أقدم عايدة فهمى فى ثياب فريدة، لأن هناك شخصية أخرى تم بناؤها دراميا، «فريدة» تشبهنى كثيرا فى عشقها للمسرح وفى جنونها وروح «المسرحية الشقية» التى تقدم كل الشخصيات مع فوارق السن والأداء بتمكن واقتدار، كما أننى أفكر دائما إذا تركت المسرح ماذا سيحدث لى.. على سبيل المثال أتذكر جيدا «ميديا» التى قدمتها مع توفيق عبدالحميد وكمال سليمان والمخرج أحمد عبدالعزيز فى السنة الثانية من المعهد كنا مجرد شباب نلعب معا، وقدمنا وقتها عرضا عبقريا شديد الروعة، كل من حضره مازال يتذكره، وحتى هذه اللحظة تمنيت لو أعيد تقديم «ميديا» من جديد بشكل أكثر احترافا لأننى فكرت إذا حدث وقدمتها مع خبرتى اليوم سأكون أعلى كثيرا مما كنت عليه من قبل، لذلك طلبت من المخرج إضافة مونولوج من «ميديا» على اعتبار أنها جزء من تاريخ «فريدة»، ثم اختار باقى الشخصيات بحرفة شديدة وقدمنا فريدة بجمالها وسحرها وبعشقها الكبير للمسرح، موتها على حب هذه الخشبة التى لا تريد أن تفارقها، هذا عشق فنان المسرح.. وهذه هى أنا.

■ هل غرور الممثل قد يحد من نمو الموهبة ويعطل الإبداع؟

ـ الغرور يغلق الإبداع عندما لا يرى الممثل إلا نفسه، وأحب أن أشير إلى شىء مهم فى هذه النقطة.. شاركت مؤخرا بمهرجان الزرقاء بالأردن وكنت داخل التسابق ولم أحصل على الجائزة الأولى، والطبيعى أن تكون هناك أسباب أقرب إلى شعورى بالمؤامرة على عدم حصولى على تلك الجائزة، لكن الحقيقة أن بطلة العرض الجزائرى كانت تستحقها بامتياز، كانت أعلى وأفضل منى كثيرا، وإذا كنت فى موقع اللجنة كنت منحتها الجائزة بلا تردد، شرفتنى جائزة السينوغرافيا للمهندس عمرو عبد الله لكن بالتأكيد شعرت بالحزن لأننى لم أحصل على الجائزة، بينما تعلمت من هذه الفتاة جلست أتأمل هذه البنت الصغيرة الماهرة، رأيت أنها متطورة وتعمل بدأب لتجديد نفسها، يومها خرجت وقلت للمخرج «أنا عاوزة أتعلم مش عاوزة أقعد».. نحن راسخين مطمئنين لما تعلمناه من قبل بينما هذه ممثلة متطلعة ومتطورة، لكن فى نفس الوقت هناك جائزة أخرى اسعدتنى احتفاء جمهور الأردن بـ«فريدة»، وبما كتب عنى.. بأننى «لست فريدة المسرح المصرى بينما فريدة المسرح العربى» هذه أعلى جائزة من النقاد والجمهور.

■ حديثنا أكثر عن رحلة بلغاريا وتفاعل الجمهور معك رغم حاجز اللغة؟

ـ كنت مريضة قبل السفر ولم أتمكن من الوقوف طوال الرحلة، كنت مرهقة للغاية..وأطلت التفكير بأننى فى مصر استدعى شيطان المسرح.. إذن كيف سيأتى لى هذا الشيطان فى بلغاريا..؟!، مرضت بشدة يوم العرض حتى أننى كنت مهزوزة، ثم صعدت على المسرح فى المشهد الأول وهى تداعب صديقتها وتكذب عليها بأنها لن تعود لشرب الخمر، ثم تخرج الزجاجة وتشرب باستحياء متلفتة حولها وجدت الجمهور يضحك!!، ظننت أن هناك عربا بالصالة لكن الصالة كانت خالية من العرب تماما كل الجمهور من أهل البلد، وفى نهاية العرض تخرج فريدة حزينة باكية على مفارقة المكان سمعت نحيب الجمهور معها، بعد العرض قالوا إنهم تأثروا للغاية وتفاعلوا مع العرض تماما، اكتشفت يومها أن لغة الإحساس أعلى وأعمق، حضر شيطانى البلغارى وكانت من أجمل ليالى عرض «فريدة» على الإطلاق.. شعرت بالنشوة والفرح وبدأت أستفيق من ألمى هذا هو سحر المسرح، ليس مجرد كلام مرسل بل هو حقيقة واقعة.. للمسرح سحره الخاص.

■ ماذا يمثل لك هذا النجاح؟

 ـ عدت إلى شبابى بالمسرح.. لم يصبنى العجز لدى رغبة فى الاستمرار لا أريد التوقف، أشعر بطاقة للاستمرار والعطاء الذى ما زلت أمتلكه أريد المزيد، سوف نعيد فريدة مرة أخرى وأبحث عن نص جديد كما أن لدينا جولات جديدة بالعرض، وسنعيده قريبا على مسرح الطليعة هكذا قال المخرج عادل حسان مدير المسرح وهو داعم للتجربة بشدة منذ يوم انطلاقها، هناك نص آخر أتمنى تقديمه سبق وأن قدمته بالإذاعة وهو نص المونودراما الإذاعى الوحيد إعداد الدكتور هناء عبدالفتاح ونص آخر «ديو دراما» لكن لم أتخذ قرارا بعد.

■ كنتِ فى فترة حرجة مديرة للمسرح الكوميدى لكنك لم تذكرى تفاصيل كثيرة عن هذه الفترة؟

ـ توليت فترة الدكتور عماد أبو غازى فى وقت الثورة بالضبط، خلال شهر مايو كان لا بد أن نقدم مسرحا بأى ثمن حتى تعمل المسارح ولا تتوقف البلد حتى ولو بأبناء الفرقة لدى دائما روح المسئولية كنت مقيمة أجلس بالمسرح ومن حولى ضرب نار بمسجد صلاح الدين المسرح العائم كان فى قلب الأحداث الساخنة، بنيت خشبة مسرح داخل الجنينة، وساعدنى المخرج الراحل عبدالرحمن الشافعى قدمنا عرض «مفيش حاجة تضحك» شغلنا أولاد الفرقة حتى تسير الأمور ثم بدأت تتوالى العروض حتى 2015 قدمت عرضين من أنجح العروض وقتها «بدلة سموكن» بطولة وائل نور ونورا السباعى، و«أنا الرئيس» بطولة سامح حسين وحنان مطاوع وإخراج محسن رزق كان وقت عبء ومسئولية فقدت من وزنى نحو 45 كيلو.