الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

خطيئة لا تعالج بفاجعة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل رجل فى بداية العقد الخامس من العمر، أعيش بالقاهرة وأعمل بمجال التجارة الحرة، حاصل على مؤهل عالِ ومتزوج منذ ٢٨عامًا من جارتى وهى حب عمري، عندما كنت شابًا يافعًا قارنت بينها وبين جميع الفتيات اللاتى بمحيط إقامتى ودائرة معارفي، وحتى دراستى الجامعية، فوجدتها تتفوق عليهن جميعًا بجمالها وأخلاقها وجاذبيتها كأنثى، ما دفعنى للتمسك بها، ورفض عرض والدتى للزواج من إحدى قريباتي. بعد دخولنا عش الزوجية ساعدتنى كثيرًا بتحملها لظروف سفرى خارج حدود الوطن، حيث اتفاقاتى على صفقات تجارية تخصنى بمفردي، بعيدًا عن مجال عمل والدى وأشقائي، وسلسلة محالهم الشهيرة - التى اتخذت قرارًا بالاستقلال عنها ووفقت فى هذا الأمر، وأصبح عندى محل خاص بفضل تشجيعها المستمر لي، ثم افتتحت فرع آخر بإحدى المدن الجديدة، وانتقلنا للعيش هناك بصحبة بناتنا الثلاث اللاتى يعشن بيننا أسعد أيام حياتهن،، المشكلة أستاذ أحمد أننى كنت فى طفولتى انطوائيًا أخشى الفشل رغم تفوقى دراسيًا،، تلك المرحلة من عدم الثقة بالنفس المبالغ فيها، استمرت معى حتى تزوجت، بعدها استطعت التخلص من ضعف شخصيتى وقدراتى الاتصالية بفضل شريكة حياتى وارتباطها بي،، تذوقت طعم الاستقرار النفسى والاجتماعى على يديها - لكن الآن لن أخجل بالاعتراف الذى يريح ضميرى أمامكم، وهو أننى أخطأت فى حقها عندما استبحت عشرتها بخيانة لا تستحقها، مع سيدة أرملة من زبائني، أقمت معها علاقة غير شرعية لمرة واحدة، بعد إعجاب متبادل بيننا، أثناء ترددها بمحل عملى أكثر من مرة،، وسرعان ما شعرت بخيبة أمل كبيرة فى نفسي، كرجل ملتزم فى صلاته وجوهر صلته بكل من حوله، وكم يعلم الله أننى أحاول دائمًا نيل رضاه سبحانه وتعالى، وطلب مغفرته وعفوه - لكننى أصبحت فى حيرة شديدة من أمرى بسبب ذلتى الوحيدة التى أقترفتها، ولا أعرف ماذا أفعل مع تلك السيدة التى أخطأت معها، وهى منهارة تطالبنى بالزواج منها، كما أنها إنسانة صادقة فى مشاعرها، لا يشوبها شائبة، من الأخلاق الحميدة وحسن السمعة، وفى رغد من العيش لا تطمع إلا فى الستر من الله معى - كذلك فإننى بين ويلين، إما إرضائها على حساب زوجتى التى لا تستحق منى طعنها بصدمة كبيرة، وبناتى لن يقبلنَ بفكرة زواجى على والدتهن، وإما عذاب الضمير المستمر،، علمًا بأننى اعترفت لوالدتى وهى صديقتى وكاتمة أسرارى بما حدث وما أعانية، فوافقت على زواجى من تلك السيدة، وقالت بأنها لا تستحق الغدر بها هى الأخرى، بعد أن وهبتنى نفسها فى لحظة ضعف، واقترحت عليَّ مصارحة زوجتى بفعلتى المخزية، بل وراهنت على قلبها الكبير وتفهمها لخطأى وصفحها عني،، وأنا لا أنكر بأننى أميل لرؤية والدتى، لأننى أحببت أيضًا تلك السيدة، واحترمت فيها تمسكها بي، وعدم اعتبار علاقتها الحميمية الوحيدة معي، بمثابة نزوة عابرة، ككثيرات ممن يقصصن لى أصدقائى مغامرتهم معهن، فبمَ تنصحني!؟ 

إمضاء ف. ح  

عزيزى ف. ح تحية طيبة وبعد...

أبدأ ردى عليك من اعترافك الأخير الوارد برسالتك، والمتعلق بميلك نحو تلك السيدة الدخيلة، وذكرك فى السياق أنه لم يكن هناك أسباب أو مقدمات، تدل على تقصير زوجتك وأم بناتك فى شيء - بل أنت من نصبتها ملكة متوجة على عرشها كأنثى، وسيدة لها منزلتها الراسخة بقلبك، واكتساحها كل المقارنات مع غيرها من النساء، عندما كنت شابًا يافعًا تختار شريكة حياتك، بمشاعر وأحاسيس رجل بالغ.. وعطفًا على كل ما سبق من حقائق، أرى بأنه من الظلم قهرها مرتين،، الأولى بإطلاعها على أمر خيانتك لها فى علاقة حميمية غير شرعية، والثانية بقرار زواجك من تلك السيدة التى استباحت هذا الولوج المدمر إلى حياة أسرة مستقرة وهانئة،، لذا أدعوك لنسيان اقتراح والدتك ولا أشجعك عليه، لأنه يعد بمثابة جرح غائر لا يندمل، وتطييب وترضية لخاطر إنسانة أنانية لا يهمها إرباك وتعقيد حسابات الآخرين - ويكفيكما فقط طلب الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى، على الذنب العظيم الذى ارتكبتموه، وخير الخطائين التوابون،، كما أن خطيئة الزنا لا يمحوها الزواج كما يعتقد البعض، ولكنها تغتفر بأمر الله - إذا خلصت النوايا فى عدم تكرارها - ويرتكز جوهر الحكمة من الارتباط بعقد شرعى يجمع الطرفين المخطئين، على حالات بعينها، وهى - إذا أثمرت تلك العلاقات الآثمة عن جنين لا ذنب له فى ضياع حق نسبه لأبيه، أو من أجل ستر أنثى لن يرحم مجتمعها المحافظ ذلة هتك عرضها، سواء بإرادتها أو بغير إرادتها، وفى الإمكان مداواة جرحها النفسي، لترفع رأسها بين أهلها بالزواج ممن أخطأ معها،، وفى حالتكما أرى بأنه تكفى التوبة،، بعدها تحافظ تلك السيدة على سترها واستقامتها، ثم تبحث عن رجل مناسب غيرك لن يضره الارتباط بها، وأنت طالما زوجتك إنسانة ثابتة وعازمة على إرضائك، ووقفت كثيرًا إلى جانبك فى حياتك وتجارتك، فلا تسحق مشاعرها أى شكل من أشكال القهر - ثمنًا لوفائها،، كذلك فإن بناتك لا يتوقعن من أبيهن، بعد تلك العشرة التى تجمعه بأمهن، أن يروعهن بإذلالها وخداعها، وذلذلة الثوابت التى يعرفنها عن قيمة الزوج فى حياة زوجته، من حفاظ وعطاء واحتواء، فى النهاية تبقى زاوية أخيرة مهمة وجب تسليط الضوء عليها، وتشريحها جيدًا لقراء بريد روزا، وهى تتعلق بانطوائيتك التى نوهت عنها ضمن رسالتك، وكم كانت مؤرقة لك، حتى جاءت زوجتك الكريمة، ولعبت دورًا رائعًا فى استعادتك للتوازن الاجتماعى المطلوب، وبلوغك قمة النجاح - مع ذلك وقعت فى المحظور بخيانتك لها، هذا التوجه الغير مبرر والمتكرر، يحدث بسبب خلل فرط المشاعر لدى بعض الرجال، حين يستمتعون باستعراض جرأتهم أمام الجنس الآخر، واختبار تأثيرهم الطاغى فى الإيقاع بهن، علمًا بأنهم يكونوا شديدى الاحترام بين الناس، وربما التقوقع والانعزالية، وعلى درجة كبيرة من الأخلاق والتهذب بالقول، لكنهم عندما يجدون استجابة ينغمسون ويتمادون فى توغلهم، حتى يحققوا مكاسب وهمية من الهيمنة الذكورية، التى كانوا يفتقدونها خلال فترة من فترات حياتهم، «أيام العزوبية»، وربما يقع على عاتق الآباء دور مهم فى توجيه أبنائهم قبل وبعد الزواج، لتأصيل مبادئ مهمة تتعلق بضبط ميزان عواطفهم، بحكمتهم وتجاربهم الرشيدة. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا ف. ح