السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«يوم عاصم جدا».. فانتازيا ساخرة بين هوس استخدام مواقع التواصل الاجتماعى وإيقاع الزمن الجميل

يسعى الفنان ياسر الطوبجى مدير المسرح الكوميدى إلى طرق أشكال مختلفة من الإنتاج المسرحى بجانب إنتاج العروض الكبرى مثل «طيب وأمير» للمخرج محمد جبر وبطولة هشام إسماعيل وتامر فرج وعمرو رمزى والذى حقق نجاحا كبيرا على خشبة مسرح ميامى ويستمر عرضه بنجاح على نفس المسرح حتى هذه اللحظة، قرر المسرح الكوميدى ألا يكتفى بعمل فنى واحد بينما استغل الكوميدى فترات عدم انشغال مسرح السلام واستضاف على خشبته العرض الجديد «يوم عاصم جدا» وهو تجربة مسرحية لمجموعة من الشباب للمخرج عمرو حسان.



«يوم عاصم جدا».. فانتازيا ساخرة تتناول حالة التناقض الكبير بين إيقاع الحياة فى زمن مضى والتحول الذى شهده المجتمع من الذوق الرفيع فى اختيار الموسيقى والألحان وسماع مطربين كبار مثل أم كلثوم وعبد الوهاب.. ثم انحدار الذوق العام فى اشكال موسيقى المهرجانات الأقرب للفوضى فى اللحن والتوزيع والصخب الشديد، بين إيقاع زمن هادئ  رصين وايقاع زمن لاهث سريع تدور أحداث العرض المسرحى حول قصة جدة تجلس بين احفادها المولعين بمواقع التواصل الاجتماعى تتصفح البومها القديم وتروى لهم ذكرياتها مع والدها ووالدتها، وفى لحظة فارقة يخرج من هذا الألبوم والد الجدة ووالدتها القادمين من زمن آخر، وكأنه تم احيائهم بعد موت طويل، يحاول الاثنان الانسجام والتأقلم مع هذا العالم الجديد الذى لا يشبه عالمهم على الإطلاق وتحدث مجموعة من المفارقات الكوميدية اثناء الاحتكاك بأوضاع غريبة بالنسبة لهم.  

كوميديا مبهجة أقرب لأفلام الكرتون قدمها عمرو حسان فى اللعب على المفارقات الساخرة باستعراض التناقض بين الماضى والحاضر واصطدام الرجل وزوجته القادمين من عالم آخر بهذا العالم الجديد بكل تفاصيله وإيقاعه السريع اللاهث وراء تحقيق الترند والمعتاد على الفوضى والعشوائية فى كل شيء بدءا من مستوى اختيار الموسيقى الصاخبة إلى هوس استخدام مواقع التواصل الاجتماعى وتحقيق أعلى نسب مشاهدة يصطدم الجدان بهذا النموذج من الحياة العجيب الذى لم يره من قبل فهما اعتادا على شكل آخر من العادات فى الفن وممارسة الحياة اليومية بشكل لا ينسجم مع هذا الواقع الباهت.

سارت الدراما فى خط مستقيم حيث اعتمد الكاتب على عنصر المفاجأة فى الحدث الأول الذى بنيت عليه أحداث العرض بالكامل منذ لحظة ظهور الجد والجدة من تحت التراب وكأنهم بعثوا من جديد ليشهدوا ما آل إليه الوضع الحالى من تدهور فى الموسيقى والذوق العام والانشغال بتوافه الأمور، لم يكن هناك تصاعد درامى للأحداث أو الحكاية مما أوقع العمل فى فخ التكرار لنفس الرسالة طوال العرض توالت المشاهد لتؤكد على نفس الهدف والفكرة لكن بطرق مختلفة لذلك جاءت بعض المشاهد ممطوطة إلى حد كبير، وبالتالى صعد إيقاع الضحك وهبط، فأحيانا يعلو الضحك وأحيانا أخرى قد تكتفى بمجرد الإبتسام حيث تمت صياغة أغلب مشاهد الضحك صياغة كلاسيكية ربما كانت لا تتناسب أحيانا مع القضية المعاصرة التى يتناولها العرض، لكن فى كل الأحوال لم تغب المتعة واكتشاف المواهب الجديدة رغم بعض عيوب الكتابة والصياغة الفنية لفكرة العمل الرئيسية.

نجح المخرج الشاب عمرو حسان فى استعراض مهاراته الإخراجية بأكثر من مشهد، مثل مشهد تصفح الجد الأكبر لمواقع التواصل الاجتماعى والتيك توك تم توزيع الممثلين وقيادتهم فى ذلك المشهد مثل الأوركسترا فى محاكاة الشكل الحالى والمعتاد لرواد موقع «التيك توك» مزج ساخر متقن بين نوع وشكل الفن القديم والشكل العشوائى الحديث فى طرق محاكاته واللعب بعناصر نجاحه من خلال الصوت وتركيب تعبيرات وجه المستخدم على أصحاب الأعمال الأصلية، استطاع حسان بمهارة واحتراف أن يدمج بين عناصر هذا المشهد على تنوعها واختلافها وتعدد الممثلين فيه وبين مشهد جلسة حزن وعجز هذا الجد الأكبر وهو يتابع بأسى ما شهده العصر الحالى من تشويه متقن الصنع ثم فى لحظة يتوقف فيها ذهنه يدخل مقطع من إحدى أغانى أم كلثوم مع تحول الوضع الحالى للفن بذكاء كبير نفذ حسان هذا المشهد، كذلك المشاهد التى قام بتأديتها الممثلون لفيلمى النمر والأنثى وأغلى من حياتى ثم مشاهد الإستعراض المختلفة.

شارك فى بطولة العرض الفنان مصطفى منصور والذى يطرح نفسه بشكل مختلف فى أداء مهارات تمثيلية وحركية بأكثر من مشهد مشاهد التقمص والاستعراض الذى اتضحت فيه مهارته فى خفة الحركة والأداء، وكذلك هايدى رفعت وسلوى عزب التى نجحت فى أداء دور الجدة ومجدى البحيرى وشريهان الشاذلى فى دور الجد والجدة الأكبر شكلا معا دويتو فنى شديد التميز والانسجام، ثم ياسر الرفاعى والذى يطرح نفسه ككوميديان بمواصفات مختلفة معتمدا على هيئته الجسدية وأسلوبه السلس فى القاء الإفيهات دون تعمد انتزاع الضحك من الجمهور، وآية خلف فى دور الجارة المتطفلة استطاعت أن تفرض وجودها بين أبطال العمل بذكاء واحتراف، شارك أيضا فى بطولة العرض مازن المونتي، مريم عبدالمطلب، مصطفى شيتوس، أحمد هيثم، محمد بحيري، ياسين فوزى، بسملة محمود، بسنت محمود، العرض تأليف وأشعار أيمن النمر، موسقى وألحان حازم الكفراوى، تصميم ديكور محمد فتحى، تصميم ملابس مها عبد الرحمن وإضاءة عز حلمى، فكرة وإخراج عمرو حسان.