أصول التعلم
الصلح بين الأوس والخزرج كانت أحد أول الأمور التى تناولها سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - فى المدينة، هذا ما درسناه فى كتب الدين ولكن للأسف لم نعرف عن الأمر أكثر من العبارة السابقة ضمن عدد آخر من العبارات التى توضح أمورًا أخرى تمت بعد الهجرة لم يذكر أحد ما الأوس وما الخزرج ولِمَ كانت الحروب بينهما ومن الذى أشعلها واستمر ينفخ فى جذوتها لتظل مستعرة ولم يذكر أحد أيضًا أنها استمرت 120 أو140 عامًا.
حديث شريف تعلمناه فى الفترة نفسها هو «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده» ومرة أخرى وللأسف لم يذكر لنا أحد لِمَ ذكر داود بالذات لم يذكر أحد أنه كان ذا ملك عظيم وأن هذا لم يمنعه عن العمل، وحتى فى اللغة الإنجليزية كانت هناك فقرة بعنوان Special Difficulties يتم فيها ذكر كلمات أو تعابير متشابهة ذات معانٍ مختلفة، أمر مشابه حدث فى تعلم اللغة الفرنسية حيث كان يتم البدء بالأفعال والتصريفات الشاذة قبل الحديث عن الأفعال الطبيعية.
الأمثلة السابقة توضح مشكلتين كبيرتين فى أساليب التعليم القديمة أولهما أنها كانت تعتمد على تقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات للطالب فى خلال السنة وبالطبع الكثرة تأتى على حساب الجودة والجودة هنا تعنى الفهم للمعلومة وما وراءها وأسبابها والمنطق والحكمة منها.
الأمر الثانى هو الولع أو فلنقل الحذر من عدم الاهتمام بالأمور الاستثنائية- أو الشاذة- وهو ما جعلها أحيانًا تسبق الأمور الطبيعية إلى أذهان الطلبة.
أعتقد أن الأمر اختلف كثيرًا فى ظل تطوير أساليب التعليم والتعلم ليس فى مصر فقط ولكن فى كل بلدان العالم، فالاتجاه إلى الفهم وتفضيله على الحفظ يحتم أن تكون المعلومات قليلة ومركزة مع الكثير من الشرح لأسبابها والغرض منها وتأثيرها والمردود منها هذا بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للطالب للاطلاع على مصادر المعلومات المختلفة بنفسه، فالإنترنت متاح والمعلومات موجودة كما يقولون «بكبسة زر» وذلك على مدار الساعة فى صور متعددة منها المكتوب ومنها المسموع ومنها المرأى فلا حجة لعدم العلم وحين يكون الجهل اختيارًا وليس إجبارًا أو نتيجة لظروف ما.