الأحد 1 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

راس الحكمة 8 ملايين سائح سنويًا وفرص عمل للمصريين وتشغيل المصانع الوطنية

إعداد - رضا داود وهانى الروبى



فى صفقة غير مسبوقة فى التاريخ المصرى أحدث توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» صدى اقتصاديا هائلا على المستوى المحلى والعالمى ليعيد الثقة من جديد فى قدرة الاقتصاد المصرى على تجاوز الأزمات والتحديات العالمية.. الصفقة الأضخم تقدر حجم استثماراتها بـ 150 مليار دولار وتدر للدولة سيولة نقدية بـ 35 مليار دولار بالإضافة إلى 35% من أرباح المشروع ستدخل خزانة الدولة طوال فترة تنفيذه لتؤكد للعالم على رسالة ثقة كبيرة فى مناخ الاستثمار المصرى وتفتح باب الأمل أمام تجاوز الأزمات الراهنة.

وضعت الدولة عام 2014 مخططًا لتنمية الساحل الشمالى الغربى، لتصبح محور تنمية جديدا، ويقوم المخطط على إنشاء العديد من مدن الجديدة المستدامة والذكية من الجيل الرابع لاستقطاب ملايين من السكان، وخلق أنشطة اقتصادية متميزة توفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب خلال العقود القادمة، والقطاع الزراعى الذى شهد تدشين مشروعى المليون ونصف المليون فدان والصوب الزراعية، مرورًا بالقطاع الصناعى الذى شهد تشييد عدد كبير من المصانع بالإضافة إلى ترسانة الإسكندرية، وإنشاء عدد كبير من الطرق التى تربطها بكل أنحاء الجمهورية.

يعتبر تنمية الساحل الشمالى هو المشروع القومى الثالث من سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية التى حددها المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية ٢٠٥٢، وقد أخذت الحكومة فيها خطوات جادة فى الفترة الأخيرة، وأولها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ثم المثلث الذهبى للتعدين فى الصحراء الشرقية.. ويتزامن المشروع مع الخطة التى تنفذها الحكومة لترسيم الحدود المستقبلية لمحافظات الجمهورية وما يحمله من توفير فرص تنموية واستثمارية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية المتوقعة فى العقود القادمة.

يمتد نطاق الساحل الشمالى الغربى من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو ٥٠٠ كم، بنطاق وظهير صحراوى يمتد فى العمق لأكثر من ٢٨٠ كم، ليشغل مسطح نحو ١٦٠ ألف كم٢ تقريبًا.

وتعود أهمية هذا النطاق التنموى إلى تفرده وتميزه فى أنه يحظى بكافة موارد ومقومات التنمية الموزعة بكافة أنحاء الجمهورية، لتتركز فى مكان واحد هو الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى.

وتعتبر منطقة الساحل الشمالى الغربى، بما تمتلكه من موارد مختلفة، أمل مصر لاستيعاب الزيادة السكانية خلال الأربعين عامًا المقبلة، وتُقدَّر بحوالى ٣٤ مليون نسمة، كما ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو ١١ مليون فرصة عمل حتى سنة الهدف ٢٠٥٢.

تهدف تنمية الساحل الشمالى الغربى إلى تحقيق النمو الاقتصادى الذى يُعَد الهدف الرئيسى لكافة المشروعات التى تتبناها الدولة من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

إن من أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للساحل الشمالى الغربى تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع لا يقل عن ١٢٪ فى السنة، وتوطين ما لا يقل عن ٥ ملايين نسمة وتوفير نحو ١,٥ مليون فرصة عمل، بالإضافة إلى دمج المنطقة فى الاقتصاد القومى والعالمى عن طريق زيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى من أقل ٥٪ حاليًا إلى ٧٪ .

أن هذا المشروع يهدف أيضًا إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن ٧٧٪ وكذلك تطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين منطقة الدراسة وباقى الأقاليم المحيطة.

يعتمد الفكر التنموى المقترح لهذا المشروع على الاستخدام الأمثل لكافة الموارد والمقومات فى هذا النطاق، ويتمثل ذلك فى استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلى بدءًا من العلمين إلى السلوم فى استصلاح الأراضى بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسية مع إنشاء مراكز سياحية عالمية، إضافة إلى استغلال ظهير الاستصلاح الزراعى فى إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية، وأنشطة التصنيع الزراعى والتعدين، فضلًا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة لخدمة أنشطة سياحة السفاري، وإمكانية استصلاح ملايين الأفدنة على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعى المعالجة، لاستزراع نباتات الوقود الحيوى والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة فى التنمية المتكاملة.

يعد وجود شبكة طرق هو أهم مقومات النجاح لهذا المشروع القومى الثالث فالطرق هى شرايين التنمية، وهو ما أكده وزير الإسكان، موضحًا أنه تم البدء فى تنفيذ مجموعة من المحاور العرضية التى تدعم الاتصالية بين المراكز العمرانية بهذا النطاق التنموى وبين باقى أنحاء الجمهورية، خاصة مناطق الصعيد، وذلك ضمن الخطة القومية للطرق، التى أعلنت الحكومة بدء تنفيذها.

ويأتى فى مقدمة هذه المحاور محور منخفض القطارة من طريق القاهرة – الإسكندرية، شرقًا بطول ٢٢٠ كم وصولًا إلى رأس الحكمة، ووصلاته الفرعية إلى البرقان، الحمام، العلمين، الضبعة وفوكة، بالإضافة إلى ربط المنطقة بمحافظات الصعيد من خلال شبكة جديدة من المحاور العرضية، وهى محور البهنسا (المنيا) – الواحات البحرية - سيوة - جغبوب عند الحدود الليبية، أسيوط – الفرافرة – عين دلة – سيوة».. ويمثل مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى المدخل نحو آليات تنفيذية جديدة للتصدى لقضيتى ندرة المياه والطاقة، من خلال العديد من التوجهات والأفكار، والأدوات التنفيذية، وذلك من خلال استخدام موارد طاقة جديدة ومتجددة من الطاقة الشمسية التى سيتم توليدها بهذا النطاق، الذى يعد ثانى أكبر مناطق سطوع شمسى على مستوى الجمهورية، وكذا من خلال الطاقة النووية، خاصة بعد البدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء المفاعل النووى فى الضبعة، كما سيتم توجيه مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلى تحلية مياه البحر، لاستخدامات التنمية المختلفة، وبالتالى تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذا المورد لتنفيذ هذا المشروع، ويمثل وجود هذين المقومين لأساس لتفعيل باقى مقومات التنمية بالمنطقة.

وبالنسبة لمقومات استصلاح الأراضى والتنمية الزراعية، تزخر المنطقة بموارد المياه الجوفية فى الظهير الصحراوي، مع نطاقات ساحلية تتجمع بها مياه الأمطار، مع توافر مصدر للرى من نهر النيل من خلال ترعة الحمام المقرر استصلاح وزراعة نحو ١٤٨ ألف فدان، حول مسارها فور إعادة الترعة إلى التشغيل وإزالة المعوقات أمامها.

ومن المقرر زراعة ١٥٠ ألف فدان فى منطقة المغرة، ونحو٥٠ ألف فدان جنوب منخفض القطارة، و٣٠ ألف فدان فى سيوة، بما يتيح رقعة زراعية موزعة على أنحاء الظهير الصحراوى بالمنطقة اعتمادًا على موارد المياه الجوفية ومصار الرى المؤكدة. وبالنسبة لمقومات التنمية السياحية، تحتوى المنطقة على العديد من الموارد الاستخراجية التى تكفل إقامة العديد من الصناعات التى تقوم عليها، بشكل أساسى أو ثانوى، ومن أهم تلك الموارد: الحجر الجيرى متوسط وعالى النقاء، الطفلة، البتونايت، الدولومايت، الجبس، رمال الكوارتز، وهى كلها من مقومات صناعة مواد البناء، هذا بالإضافة إلى الملح الصخرى شديد النقاء ذى القيمة الاقتصادية العالية فى التصدير فى منخفض القطارة، فضلًا عن وجود نطاقات استكشاف واستخراج البترول عند حافة منخفض القطارة، مع استكشافات للزيت الخام والغاز الطبيعى.