![من ذاكرة التاريخ الجيش المصرى عبر العصور (3)](/Userfiles/Writers/2495.jpg)
أ.د. رضا عوض
من ذاكرة التاريخ الجيش المصرى عبر العصور (3)
سجل المصريون القدماء صورا ورسومات تدل على قيامهم بحملات عسكرية على أعدائهم ولكن لم نعرف كيف كان نظام ومنهاج عمل الجيش المصرى إلى أن تم العثور على السيرة الذاتية لأحد كبار الموظفين فى عصر الأسرة السادسة وفى عهد الملك بيبى الأول واسمه (ونى) على جدران مقبرته بالصعيد فى “أبيدوس” التى تحدث فيها عن نفسه وأنه كان قائدا للجيش فى حملته فى فلسطين ضد البدو الآسيويين لردعهم وقدعرفنا من خلاله الكثيرعن نظام ومنهاج عمل الجيش المصرى فى ذلك الوقت وهذا هو نص الحملة «عندما قام جلالته بحملة ضد الآسيويين، جعلنى جلالته على رأس جيش من عشرات آلاف من كل مصر العليا والسفلى ويضم حملة الأختام الملكيين، ومرافقى القصر، ورؤساء وأمراء مدن مصر العليا والسفلى، وكبار كهنة مصر، وكبار الموظفين رؤساء فرق مصر العليا والسفلى، من القرى والمدن التى يحكمونها، بينما كان منصبى مشرفًا على الأعمال الملكية وذلك بسبب صلاحى واستقامتى لذلك لا أحد هاجم زميله ولا أحد سرق رغيفًا أو نعلاً من مسافر، كذلك لا أحد أخذ رداءً من أى مدينة، ولا أحد أخذ ماعز من أى شخص وقمت بتحديد واستعراض عدد هذه الفرق العسكرية وهذا لم يحدث أبدًا بواسطة خادم قبلى ويتضمن أيضا نص أنشودة النصر التى كانت ترددها الجيوش المصرية، وهى عائدة إلى أرض الوطن منتصرة:
عاد هذا الجيش فى سلام، وقد مزق ساكنى الرمال
عاد هذا الجيش فى سلام، وقد دمر حصون الأعداء
عاد هذا الجيش فى سلام، وقد أشعل النار فى أرض عدوه
عاد هذا الجيش فى سلام، وقد قتل عشرات الآلاف من جنود الأعداء
عاد هذا الجيش فى سلام، وقد أسر آلاف الجنود»
من خلال ما ذكر عرفنا العديد من قواعد العسكرية المصرية فى ذلك الوقت
- وهى كان الجيش المصرى ينقسم إلى فرق عسكرية.
- أدى اختيار قائد الجيش حسب أخلاقه إلى تمسك رجال الجيش بالقيم والأخلاق حيث إنه لم يحدث أن اعتدى أحد رجال الجيش على أحد أو سرق متاعا.
- عدم تفكير رجال الجيش فى نهب أى شيء من متاع البلدان التى مروا بها يدل دلالة واضحة على أن قائد الجيش كان يوفر لرجال الجيش كل احتياجاتهم بحيث لا يحتاجون إلى الاستيلاء على شيء من متاع غيرهم.
من خلال ذلك يتضح لنا أن المصريين القدماء هم أول من أنشأوا جيشًا نظاميًا ومؤسسة عسكرية بكل ما تحمل الكلمة من معنى وأنهم فى ذلك سبقوا كل شعوب الأرض فى تلك الحقبة السحيقة من تاريخهم.