أم الشهيد.. «خنساء» الجمهورية الجديدة
«أعظم تكريم ليا هو لقب «أم الشهيد»، وولادنا وأرواحنا معاهم مش هيغلوا على مصر»، كانت تلك الجملة من إحدى الأمهات التى استشهد ابنها فى سيناء خلال الحرب على الإرهاب، قالتها لى وهى تحمل على وجهها ابتسامة رضا بما كتبه الله، حيث كشفت لى أن فقدان الابن أصعب شىء على قلب آبائهم، إلا أن الوطن أغلى بكثير من حب الأبناء، الأمر الذى جعلنى أسأل عن هذه القوة التى تملكت تلك الأم لتقول مثل تلك الجملة، حتى أدركت أن تلك الجملة نابعة من إيمانها وحبها لوطنها، وتذكرت قول الصحابية الجليلة تماضر بنت عمرو الملقبة بـ»الخنساء» عندما بلغها خبر استشهاد أولادها الأربعة فهى لم تجزع ولم تصرخ، وإنما قالت بثقة وعزيمة وثبات:»الحمد لله الذى شرفنى باستشهادهم، وإنى أسأل الله أن يجمعنى معهم فى مستقر رحمته» ليطلق عليها لقب « أم الشهدء»، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «ومن يتصبر يصبره الله».
فكم «خنساء» فقدت ابن لها خلال العشر سنوات الماضية، خلال مواجهات القوات المسلحة والشرطة مع العناصر الإرهابية، وكم من أم لها أبناء يقمن بتأدية واجبهم فى الدفاع عن الوطن ضد الإرهاب، هؤلاء الأمهات يدركن أن حماية الوطن شرف لا يدانيه شرف، حتى لو كان الثمن حياة فلذة كبدها، لإدراكها أن الموت فى سبيل الله والدفاع عن الأرض والعرض أسمى معانى الفداء والبطولة، تؤمن بعقيدة واحدة، عقيدة مغروسة فى نفوس كل المصريين وليس الجيش فقط ، وهى فى الدفاع عن الوطن إما النصر أو الشهادة.
ويتزامن الاحتفال بعيد الأم مع الاحتفال بيوم الشهيد، فتحية لكل أم فقدت ابنها فى سبيل الدفاع عن الوطن، تحية تقدير يملؤها الفخر والاعتزاز بما قدموه لوطنهن، ولا بد أن نتعلم من هؤلاء الأمهات كيف نغرس فى نفوس أبنائنا حب الوطن والتضحية فى سبيل عزته، وأن الاستشهاد دفاعًا عن الأرض شرف لا يستحقه إلا العظماء من أبناء هذا الوطن.
وإيمانًا من تقدير الدولة لهؤلاء الشهداء، يحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى أى مناسبة أو احتفال على تكريم ودعم أسر الشهداء وتوفير سبل الرعاية الصحية لهم لما قدمه هؤلاء الشهداء من تضحيات فى سبيل حفظ الأمن والأمان وصون مقدرات الدولة، حيث منح قانون رقم 16 لسنة 2018 بشأن إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية، مزايا عديدة لأسر الضحايا والشهداء، ما يؤكد اهتمام الدولة بأبنائها الذين فقدوا حياتهم فى سبيل الوطن، جراء العمليات الإرهابية الغاشمة.
وفى النهاية، تحية تقدير لكل أم مصرية فهن معلمات الأجيال وحراس الهوية الوطنية، وأقول لكل أم شهيد لا تحزني، وارفعى رأسك للسماء فخرًا بما قدمه فلذة كبدك، وتغنّى بابنك الشهيد الذى قدّم روحه فداءً للأرض والعِرض، واشهدى أن المصريين جميعا يقدرون ما قدمه الشهيد للوطن..
تحيا مصر بأبنائها ..تحيا مصر بجيشها..