سوق القناديل بمدينة الفسطاط.. أشهر أسواق وسائل الإضاءة فى العالم
حكاوى أثرية
يكتبها- علاء الدين ظاهر
برع المسلمون فى الاستفادة من ضوء الشمس، وظهر ذلك بوضوح فى توظيف عناصر الإضاءة الطبيعية بالمنشآت المعمارية كالشبابيك والصحون المكشوفة وغيرها، ولم تقل براعتهم كذلك فى ابتكار وتطوير أشكال متنوعة من وسائل الإضاءة الصناعية، التى كانت تراعى بصفة أساسية الفوارق المادية بين الأغنياء والفقراء، حيث صنعوها من المواد الأرخص ثمنا كالمسارح الفخارية، وحتى المواد باهظة الثمن المزينة بخيوط من الذهب والفضة أو ما عرف وقتها بالتكفيت، وظهر ذلك على التنانير والثريات المعدنية والقناديل.
ذكر الرحالة ناصر خسرو الذى زار مصر فى العصر الفاطمى أن مدينة الفسطاط كان بها سوق تسمى بسوق القناديل لا يعرف سوق مثله فى أى بلد، وفيه كل ما فى العالم من طرائف،وقد ظل هذا الاهتمام بصناعة وسائل الإضاءة حتى العصر المملوكى الذى اشتهر بما وصلنا منه من مسارح ومشكاوات وشماعد،هذا إلى جانب الثريات والفوانيس والتنانير، وهى التحف التى يمكن أن تشاهدها بقاعات المتحف الإسلامى بالقاهرة،وكلها تدل على عظمة أجدادنا ومدى ما قدموه من إبداع للإنسانية فى هذا المجال. وليس أدل على سيرنا على خطى أجدادنا فى اهتمامهم بالإضاءة من اعتيادنا اليوم ربط احتفالاتنا وأفراحنا بإيقاد ما نستطع من وسائل الإضاءة،وقد كانت تتم عملية الإضاءة فى السابق باستخدام الشموع، أو الزيوت الطبيعية النقية كزيت الزيتون واللوز وبذور الفجل واللفت، وخصص لذلك أشخاص فى المنشآت العامة أطلق عليهم الوقادون، أسند إليهم إيقاد المصابيح وصيانتها وتنظيفها نظير رواتب يتقاضونها لهذا الغرض. ومن أروع معروضات المتحف الإسلامى فى هذا المجال مشكاة من الزجاج المموه بالمينا باسم الأمير شيخو الناصرى «العصر المملوكي.القرن 9هـ/ 15م»،ويُزين بدن هذه المشكاة كتابات عربية بخط النسخ تحتوى على آيات قرآنية وألقاب الأمير شيخو الناصرى وشعاره الخاص،وايضا تنور من النحاس باسم السلطان حسن»العصر المملوكي..القرن 8هـ/ 14م»،وتعتبر هذه التنانير من أضخم منتجات الإضاءة المعروفة والمصنعة فى عصر المماليك، ودامت حتى القرن السادس عشر.