النواب: صياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية المقدم من الحكومة
فريدة محمد
يناقش مجلس النواب خلال جلساته المقبلة تعديلات قانون الإجراءات الجنائية بعد أن أقرته اللجنة الفرعية المشكلة لصياغة المراجعة مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وتضمنت التعديلات تخفيض مدة الحبس الاحتياطى حيث وافقت اللجنة على تخفيض مدد الحبس الاحتياطى لتكون فى الجنح ٤ أشهربدلاً من 6 أشهر، وفى الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من سنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أوالإعدام، وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطى من محكمة جنايات الدرجة الثانية أو محكمة النقض فى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أوالسجن المؤبد ليصبح سنتين بحد أقصى بدلاً من عدم التقيد بمدد، وانتهت اللجنة من إعداد مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد بتوافق من جميع ممثلى الجهات والوزارات الممثلين فى اللجنة، تمهيداً لعرضه على لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومن ثم عرضه على مجلس النواب بجلساته العامة.
وشملت أبرز ملامح القانون :ترسيخ سلطة النيابة العامة فى تحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية؛ باعتبارها الأمينة عليها، وصاحبة الاختصاص الأصيل فى ذلك؛ كونها ممثلة للمجتمع المصرى.
والامتثال للضمانات الدستورية المنظمة لحقوق وحريات الأفراد، وخاصة فى أحوال القبض، وتفتيش الأشخاص، ودخول المنازل وتفتيشها،وسلطات مأمورى الضبط القضائى فى هذا الصدد، وأهمها ضرورة الحصول على أمر قضائى مسبب لاتخاذ هذه الإجراءات؛ وكل ذلك فى حدود ما تقتضيه الضرورة الإجرائية.
وتخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ووضع حد أقصى لها، وتنظيم حالات التعويض عنه؛ تحقيقاً للغاية من كونه تدبيراً احترازياً وليس عقوبة،فضلاً عن إقرار بدائل الحبس الاحتياطي.
بالإضافة إلى إعادة تنظيم أحكام الإعلان بما يتفق والتطور التقنى والتكنولوجى الذى يشهده العالم الحديث، بإضافة وسائل الإعلان الإلكترونية سواء البريد الإلكترونى أو الهاتف المحمول، مع الإبقاء على وسائل الإعلان التقليدية كضمانة لحقوق الأفراد، وبما يضمن تحقق علمهم اليقيني.
وتنظيم المنع من السفر والمنع من التصرف؛ بنصوص محكمة تراعى كافة الضمانات الدستورية، التى تحقق الغاية منهما، دون أن تنال في ذات الوقت من حق الأفراد فى حرية التنقل أو الإقامة أو حماية الملكية الخاصة؛ باعتبارها حقوقا دستورية لا ينبغى تقييدها إلا فى إطارالضرورة، وبضوابط محددة.
وتضمن تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة من خلال الوسائل الإلكترونية؛ بما من شأنه إحداث نقلة نوعية فى هذا الإطار؛ وبما يضمن مواكبة التطور التقني.
وتوفير حماية فعالة لكل من المتهمين والمبلغين والشهود؛ بما يضمن حسن سير إجراءات التقاضي، وتمكين أجهزة الدولة من مكافحة الجريمة.
وتضمنت إقرار وترسيخ مبدأ (لا محاكمة دون محام)؛ بما يتيح أن يكون لكل متهم محام حاضر معه، سواء كان موكلًا منه أو تندبه سلطة التحقيق أو المحاكمة بحسب الأحوال بالتنسيق مع نقابة المحامين؛ ترسيخًا للحق فى الدفاع.
بالإضافة إلى تفعيل حق المتهم فى الصمت كضمانة من الضمانات التى قررها الدستور المصرى، إعادة تنظيم حق الطعن فى الأحكام الغيابية عن طريق المعارضة؛ بالشكل الذى يحقق التوازن بين كفالة الحق فى التقاضى وضمانات حق الدفاع؛ وبين كفالة تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا فى آن واحد.
وشملت تنظيم الحق فى استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، وذلك فى إطار تعزيز وتدعيم حق التقاضى والحق فى الدفاع كضمانات دستورية راسخة.
وحماية حقوق ذوى الهمم؛ فى مراحل التحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة؛ من خلال توفير المساعدات الفنية، ووسائل الإتاحة اللازمة والمناسبة لهم خلال هذه المراحل.
وضمان حقوق وحريات المحكوم عليهم أثناء تنفيذ العقوبات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن الاحتجاز؛ عبر إخضاعها للإشراف القضائى وتهيئتها بشكل مناسب من الناحيتين الصحية والاجتماعية، وإلزام القائمين عليها باحترام حقوق وحريات المحكوم عليهم.
وتنظيم ورعاية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم المصابين بأمراض عقلية أو نفسية؛ سواء أثناء التحقيق أو المحاكمة أو حتى أثناء تنفيذ العقوبة؛ وذلك بتنظيم أحوال وإجراءات إيداعهم منشآت الصحة النفسية خلال أى مرحلة من هذه المراحل.
وضمان حقوق المرأة والطفل؛ وذلك بتأجيل تنفيذ بعض العقوبات على المرأة الحامل؛ بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية.
وإلغاء الإكراه البدنى كوسيلة لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المحكوم بها لصالح الدولة؛ واستبداله بإلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال للمنفعة العامة؛ بالضوابط والإجراءات اللازمة لذلك.
بإلاضافة إلى تنظيم أحكام التعاون القضائى فى المسائل الجنائية بين مصر وغيرها من الدول؛ سواء فى مجال تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم أو الأشياء والأموال المتحصلة من الجرائم أو عائداتها أو التحفظ عليها أو مجال المساعدة والإنابة القضائية من خلال سماع الشهودأو فحص الأشياء والأماكن المتعلقة بالجرائم.
وكان مجلس النواب قد شكل لجنة فرعية لصياغة وإعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية؛ مستعينة بعديد من الخبرات القضائية والقانونية؛ وذلك إدراكًا منها بأهمية هذا القانون وخطورته البالغة؛ كونه من القوانين ذات الطبيعة المزدوجة، فهو ركيزة التنظيم القضائى فيالشق الجنائى والظهير التشريعى لتفعيل حقوق وحريات المواطنين.
وعطفا على ذلك؛ باشرت اللجنة أعمالها على مدار أربعة عشر شهرًا، واضعة نصب أعينها أحكام الدستور، وتعهدات مصر الدولية فى مجالحقوق الإنسان، ومبدأ الشرعية الإجرائية، والذى هو مبدأ أصيل وأساسى وحاكم للإجراءات الجنائية، لا يجوز الخروج عنه، يقوم بالأساسعلى إقامة توازن عادل بين حماية الحرية وحماية المجتمع؛ من خلال رسم نطاق قانونى لحرية الفرد، والتى يجب الحفاظ عليها وعدم التضحيةبها مهما كانت الأسباب، بما لا يتعارض مع مصلحة المجتمع بل يسهم فى تحقيقها.
وقد عكفت اللجنة على مناقشة كافة الآراء والمقترحات، والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، ولم تنغلق على أعضائها؛ بل حرصت علىالتواصل مع جميع الجهات ذات الصلة، والاطلاع على التجارب التشريعية المماثلة فى المحيطين العربى والدولي؛ سعيا نحو تقديم مشروعقانون متكامل، يليق بالدولة المصرية، ويلبى كافة التطلعات بما يتوافق مع التطور السريع فى أنواع الجرائم وطرق وأساليب ارتكابها ومايقتضيه ذلك من إحداث ثورة شاملة فى تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة، وصولاً إلى تحقيق العدالة الناجزة وبما لا يخل فى ذات الوقت بضمانات التقاضى.