أيمن عبد المجيد
فرص العمل الحديثة تبحث عن خريجين
ثانوية عامة بلا رُهاب
حالة طوارئ منزلية تعيشها قرابة 750 ألف أسرة مصرية وتبلغ ذروتها خلال الأسابيع المقبلة، مع بدء العد التنازلى لامتحانات الثانوية العامة فى 10 يونيو المقبل.
هناك فارق كبير وخطير بين القلق الطبيعى المشروع، والرُهاب، الذى يمثل حالة خوف غير عقلانى وقلقًا مبالغًا فيه.. فالأول: دافع للاستعداد بالتحصيل الجيد، بينما الرُهاب اضطرابات نفسية تأتى بنتائج عكسية وكوارث إنسانية فى بعض الأحيان.
«الرُهاب» لدى بعض طلاب الثانوية العامة وأسرهم ثمرة مرة لمفاهيم خاطئة وصور مضللة رسخت فى الأذهان على مدار عقود وسنوات ماضية، أسهم فى صناعتها وبقائها الأسر ذاتها والمجتمع والنظرة القاصرة للمستقبل وقصور مطالعة مستجدات سوق العمل.
فبات الخوف غير العقلانى من الإخفاق فى تحقيق الهدف، ضاغطًا نفسيًا على الطلاب، لدرجة فقدان بعضهم الأمل فى الحياة حال عدم بلوغه.
أخطر المفاهيم المغلوطة حصر القمة فى كليات بعينها، يتسابق الطلاب للالتحاق بها، تصيبهم وأسرهم الصدمة حال عدم التوفيق فى بلوغها، فيتحول يوم إعلان النتيجة إلى مأتم وحزن ويأس وإحباط للطلاب فى بعض الأسر.
الحقيقة أن القمة فى كل كلية، بل فى كل مهنة وحرفة، قاع يسكنه المتكاسلون وقمة يصعد إليها من يجتهد ويعمل ويُبدع.
لست فى حاجة لأن أقدم لك النماذج والأمثلة، فقط انظر حولك ستجد آلافًا من قصص النجاح التى تحققت كثمرة للاجتهاد، وستجد من خريجى -من ترونها كليات قمة- فاشلين، ومن خريجى الكليات التى ترونها أقل أهمية من هم ملء السمع والبصر والعكس.
ستجد من التحق بكلية تحت إجبار سيف التنسيق، فاجتهد بها بات ناجحًا فى عمله، ومن لم يلتحق بالطب بات أستاذًا جامعيًا فى كلية العلوم أو التجارة وعلوم الحاسب وغيرها، من تخرج وبات رائدًا للأعمال، ومن خلق فى قدراته قيمة مضافة تؤهله لأحدث التخصصات فى سوق العمل.
العلم يشهد ثورة غير مسبوقة فى عالم التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعى وطوفانًا معرفيًا، جعل سوق العمل تشهد تغيرات متسارعة، أنجبت تخصصات حديثة وفرص عمل تبحث هى عن خريجين لشغلها.
الدولة سعت لملاحقة متطلبات سوق العمل الحديث محليًا وعالميًا، عبر إنشاء 10 جامعات تكنولوجية تضم أقسامًا حديثة توفر منتجًا تعليميًا مؤهلًا لمستجدات التطور التكنولوجى ومتطلباته.
فى ظل الثورة الرقمية والتكنولوجية باتت لدينا تخصصات بالغة الأهمية تمثل فرصًا ذهبية من البرمجة إلى الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته وتكنولوجيا المعلومات والصناعة نفرد لها - بإذن الله - مقالًا خاصًا فى حينه.
ثانوية عامة بلا خوف.. لماذا هذا الملف الآن؟
الإجابة لتحقيق عدة أهداف ورسائل:
١- مساعدة الأسر والطلاب على الاستعداد الإيجابى للامتحانات والدعم النفسى للطلاب، لتحقيق أعلى مستويات التحصيل.. داخل الملف نصائح الخبراء للأسر للتعامل النفسى والغذائى وللطلاب لتعزيز قدراتهم على التحصيل.
٢- طمأنة الأسر والطلاب بإطلاعهم على إجراءات التأمين، وما يضمن تكافؤ الفرص والعدالة وطرح مطالبهم من القائمين على منظومة الثانوية العامة، بامتحانات عادلة خالية من الصدمات، إلى إجراءات الوزارة والدولة للتأمين ومنع حالات الغش ورحلة ورقة الأسئلة من المطبعة السرية حتى إعلان النتيجة.
٣- هدم الصورة الذهنية الخاطئة التى تسببت فى تنامى قلق الأسر والطلاب، ومن ثم الإحباط لدى البعض عند إعلان النتيجة والذى وصل ذروته لدى حالات - وإن كانت نادرة- للانتحار فى السنوات الماضية، ومن ثم نجاحنا فى تقديم الدعم النفسى والتوعوى لحماية حالة واحدة من مجرد اليأس هو نجاح لدورنا المهنى المجتمعى والوطنى.
٤- تقديم نماذج عملية تقبلت النتيجة ونجحت فى بلوغ أهداف بديلة، فوصلت إلى القمة فى مهن عدة، وريادة الأعمال فى سوق العمل الحر.
٥- سنواصل - بإذن الله - كل خميس، هذا الملف لتعزيز قدرات الطلاب على التحصيل، وطمأنتهم وأسرهم، وطرح خيارات التخصصات الجامعية أمامهم وبدائل سوق العمل الحديث وفق مقتضيات كل مرحلة من الاستعداد للامتحانات.
الخلاصة:
لا تنظروا للمستقبل من ثقب إبرة، فرص المستقبل أوسع من صنم «كليات القمة» الذى صنعتموه فى خيالكم لتعبدوه، وتقدموا أبناءكم له قرابين حال إخفاقهم فى بلوغ درجاته.
النجاح ليس مجموعًا يسمح لك بالالتحاق بكلية كنت تحلم بها، بل فى اجتياز عتبة الثانوية العامة، وأن تضع لنفسك أهدافًا بديلة تسعى لبلوغها فى المستقبل إن لم يحالفك الحظ فى بلوغ هدفك الأول.
تستطيع أن تكون حيثما تُبدع وتجتهد وتتميز، الصانع المبدع نجم وعملة نادرة بين أبناء مهنته، والمزارع الناجح مستشار جيرانه، والطبيب والمهندس والمحامى والفنان والمحاسب، والمبرمج ورائد الأعمال، فى كل مهنة مئات الآلاف، النماذج البارعة منهم معدودة يتربعون على قمتها.
هل أدلكم على سر النجاح؟ فقط العمل الدءوب والمستمر، والتفكير الدائم فى بدائل وحلول لكل ما تفرضه عليك الحياة من تحديات، أن تلغى من قاموسك المبررات، وتتحدى اليأس، وتعمل بضمير وتجتهد، وتؤمن بأن الله يُقدر لك الأفضل، فلا تنظر لمستقبلك بعلمك المحدود ونظرتك القاصرة.
من يعتزم النجاح فى الحياة عليه أن يبحث عن البدائل والحلول، ومن يرد الفشل سيبحث دائمًا عن المبررات.
الفشل والنجاح إرادة، أنت من تختار، لا تخدع نفسك وتبحث عن شماعات تعلق عليها ما تعتقده إخفاقًا، بل اجتهد والله الموفق.. اطمئن الفرصة أوسع مما تتخيل.
ونحن - بعون الله- سنقدم لحضراتكم كل ما يمكن من دعم وإرشاد ونماذج للنجاح وخيارات لمستقبل أفضل.
وفق الله أبناءنا الطلاب الأعزاء لما فيه الخير لمستقبلهم وأسرهم ومصرنا الحبيبة.