«إن فاتك الميرى أنت الكسبان» تسلح بـ«ريادة الأعمال»
ناهد إمام وسلوى عثمان
«إن فاتك الميرى تسلح بـ «ريادة الأعمال»، إذ لم تعد الوظائف الحكومية تحقق طموحات الكثير من الشباب بعد تخرجهم فى الجامعات، خاصة بعد التغيير الكبير فى متطلبات سوق العمل، حيث سعى الكثير منهم إلى اقتحام «ريادة الأعمال»، ونجحوا فى تأسيس شركاتهم الخاصة، ليتحولوا من «موظفين» إلى «رجال أعمال»، فإذا كانت إرادة النجاح مهمة، فالأهم منها هى إرادة التحضير للنجاح، لذلك تحول هؤلاء الأشخاص لنماذج مضيئة لقدرتهم على الابتكار، وباتوا «رواد أعمال متميزين»، «روزاليوسف» ترصد قصص نجاح عدد من رواد الأعمال.
«الصبر» مفتاح النجاح
فى البداية، قالت «هبة بركات» إحدى رائدات الأعمال، متخصصة فى صناعة الأثاث الخشبى، إن العمل الخاص كان يمثل تحديًا كبيرًا، حيث تخرجت فى جامعة الأزهر، وكان هناك رفض شديد من الأسرة للعمل الخاص، بسبب مصاعبه وتحدياته، لكن تمكنت من تخطى تلك المشكلة، وأقنعت أسرتى، فى ظل عدم تعيينى بالحكومة، ما يعنى جلوسى فى المنزل، مضيفة أن التحدى الآخر كان بعد قيامها بفتح ورشة صغيرة لإنتاج الأثاث الخشبى، حيث كانت تتعامل مع الحرفيين، ما جعل الأسرة تعترض ثانية، لكن بفضل عزيمتها تمكنت من تجاوز التحدى، ونجحت فى إدارة المشروع «يدها بيدهم».
وتابعت: واصلت الورشة الصغيرة عملها، ثم جاء تحد آخر وهو التسويق، خاصة فى البداية، فلم يكن هناك إقبال على شراء المنتجات، لكن «بفضل الله» ثم بالصبر والاجتهاد، بدأ المنتج ينتشر فى السوق المحلية، ثم بدأت فى فتح أسواق خارجية، عبر الاشتراك فى المعارض منخفضة التكلفة، ونجحت بالفعل فى الانتشار، موضحة أن ريادة الأعمال «رحلة» بها الكثير من العراقيل وتتطلب الصمود وقبول التحدى.. موجهة، نصيحة للمقبلين على إنشاء مشروع، حيث نصحتهم بضرورة التحلى بالصبر، فى مواجهة التحديات وعدم الاستسلام، مع الاستعداد لتحمل المخاطر لتحقيق الأفكار المنشودة.
الحلم يتحقق
وأوضحت «هدى تاهيو»، إحدى رواد الأعمال بمجال الملاحة واللوجستيات، أنه قبل تخرجها عام 2001 فى كلية إدارة أعمال قسم إنجليزى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، كانت تحلم بالعمل الخاص ولم تفكر فى الالتحاق بالعمل الحكومى، حيث كانت تؤمن بأن الدنيا لا تمطر ذهبًا، ولتحقيق حلم التفرد وريادة الأعمال، عليها التفكير جيدًا قبل البدء فى أى مجال تعمل فيه، ثم تحدد الوسيلة لتحقيق أهدافها، وبعد تبلور فكرة العمل فى مجال الملاحة، لأنه تخصص جدها ووالدها وتملك الخبرات فيه.
وتابعت: «واجهت تحديًا كبيرًا، رغم دراستى الأكاديمية، لم أتمكن من النجاح فى البداية، فحصلت على كورسات فى الحاسبات والتكنولوجيا المتطورة تتلاءم مع طبيعة العمل، وأكملت الدراسات العليا للحصول على ماجستير فى إدارة الأعمال والآخر فى اللوجستيات، مما أسهم فى خوض التجربة والتحدى، وأكون عند حسن ظن الوالد ويمكن الاعتماد على فى استكمال مسيرة العمل»، مستطردة: «تجربة العمل علمتنى ضرورة تطوير طالب الجامعة لنفسه والتوجه نحو التكنولوجيا والبرمجة وعدم الانحصار فى مجال الدراسة فقط، وعدم الاعتماد على الأسرة باعتبارها مفتاح النجاح كرائد أعمال، لكن لا بد من صقل الدراسة النظرية بالدراسات العملية المكملة، وعدم التكبر على العلم فى نواحٍ مختلفة، والتعلم من ذوى الخبرة، مع إضافة الفكر الابداعى الحديث للعمل، علاوة على اكتساب خبرات أخرى.
امتلاك الثقة
وأشار د.محمد زين، أحد رواد الأعمال فى مجال الكيماويات، وخريج كلية التجارة جامعة عين شمس عام 2010، إلى أنه منذ الدراسة وقبل التخرج، كان أمامه حلم العمل الخاص، إيمانًا بأن القاعدة الحتمية من وجهة نظره تجاه العمل الحكومى، أن الشخص سيعيش موظفًا وهيموت وهو موظف»، مضيفا: « الموظف دائمًا مطيع لأوامر رؤسائه، وهذا طبيعي، لكن ذلك يجعله شخصية غير مبدعة ونمطية، ومن الصعوبة أن يكون الموظف الحكومى فى يوم ما رائد أعمال».
وتابع زين: «فى المقابل كنت أنظر إلى مزايا العمل الخاص، فى تحقيق حلمى أن أكون صاحب مؤسسة ورائد أعمال مميزًا فى أحد القطاعات سواء كانت إنتاجية أو تجارية أو خدمية»، موضحًا أن تجربته منذ البداية اعتمدت على الإصرار، وأن يكون نموذجًا مصغرًا من كبار رواد الأعمال ذات الشهرة، وأن يستلهم من قصص نجاحهم الطاقة الإيجابية لتعزيز مداركه وأعماله»، مؤكدًا حرصه على استكمال دراسته العليا حتى يكون جديرًا بإقامة مشروع خاص، حيث حصل على الدكتوراه فى إدارة الأعمال كلية التجارة - جامعة عين شمس ونجحت فى تحقيق حلمى.
من النجارة لرئاسة الشعبة
«بدأت نجارة، حتى وصلت لمنصب رئيسة شعبة الأثاث بالغرفة التجارية بالإسكندرية»، هكذا بدأت شاهندة سرور رئيس شعبة الأثاث بالغرفة التجارية بالإسكندرية حديثها، حيث أوضحت أنها منذ الصغر كانت تتمنى أن تصبح مهندسة فى مجال الفنون الجميلة والديكور، إذ أن والدها يعمل فى مجال الهندسة، لكن لسوء الحظ قابلت صعوبات فى الثانوية العامة حيث كان يطلق على دفعتها الدفعة المزدوجة، وكانت أعداد الطلبة كبيرة وحدث خطأ كبير فى التصحيح، ولم تتمكن من تحقيق حلم الهندسة فالتحقت بتجارة إنجليزى ومع ذلك تفوقت وتحديت الصعاب.
وأشارت إلى أنها بعد تخرجها فى الكلية كان سوق العمل مفتوحًا، فالتحقت بإحدى المدارس وقامت بتدريس مادة المحاسبة لطلبة الدبلومة الأمريكية والثانوية العامة، ثم عملت كمديرة لإحدى المدارس، رغم صغر سنها، لكنها لم تشعر بالارتياح حيث كان حلمها عالقًا بذهنها، وهو العلم فى مجال الديكور والأثاث، وكان ذلك يتطلب خطة عمل لتترك بصمة فى هذا المجال، وكانت أولى الخطوات، هى عمل كورسات فى فن الديكور، علاوة على دبلومات من كلية الفنون الجميلة، ثم سافرت لعدة أشهر للمنصورة ودمياط كأكبر المحافظات العاملة بمجال الدمياط.
واستطردت: «تحقيق الحلم يبدأ بخطوة، حيث أرادت التعرف على ذلك المجال عن قرب، فسافرت لعدة دول منها ايطاليا والمانيا والهند لجلب التصميمات الحديثة العالمية، وبدأت فى التفكير خارج الصندوق ووضعت نصب عينى الانفراد وعدم تقليد الغير، باعتبار ذلك أول خطوات النجاح، وبدأت فى استيراد آلات ومعدات حديثة، بعد أن كنت أستعين بورش صغيرة أنفذ فيها تصميماتى،وقمت بإقامة ورشة صغيرة وتحولت بعدذلك لمصنع يضم كل أنواع العمالة فى هذا المجال.
ورق مصرى
أكد المهندس مصطفى عبد الجواد، أحد رواد الأعمال بمجال الورق، أن لم يفكر أن يكون موظفًا لأن من يلتحق بالعمل الحكومى من وجهة نظره إنسان غير طموح، متابعًا: «قصة نجاحى بدأت بعد تخرجى فى الجامعة، وكنت من الأوائل، وبدأت بالتدريب بشركة بتروجت للبترول، ثم التحقت بالجيش، وعقب الانتهاء من التجنيد، حصل الركود الذى سيطر على الاقتصاد العالمى، وبدأت معظم الشركات فى تصفية العمالة، ورغم وجود فرصة للعمل الأكاديمي، إلا أننى رفضته، حيث بدأت أنا واثنين من زملائى فى مشروع، حيث فتحنا خط إنتاج لصناعة ورق مصرى 100 %، وتم تصدير جزء من الإنتاج للسعودية».
وأضاف: «سافرت للصين للحصول على دورات تدريبية وفتح خط إنتاج هناك نظرًا لقلة التكلفة، ثم أقمت شراكة لإنشاء مصنع للورق فى الفيوم وكان إنتاجه يغطى الصعيد بالكامل، ثم حدثت توسعات ليكون لدينا أول خط إنتاج ورق بأيدٍ مصرية»، لافتًا إلى أن مصر تستورد 60% من من الورق، لذا لا يوجد اكتفاء ذاتى، علاوة على أن حجم استثمارات قطاع التعبئة والتغليف ارتفع لـ 3 مليارات جنيه، بالإضافة إلى أن صناعة الورق من الصناعات التى تستوعب عددًا كبيرًا من العمالة نظرًا لتنوعها.
وتابع: «صناعة الورق أسهمت فى إعادة التدوير باعتبارها أحد أهم مجالات الصناعات الخضراء، حيث يتم تدوير المخلفات»، موجهًا نصيحة لطلاب الثانوية: «تحقيق الذات ليس فى كليات القمة، فالإنسان ممكن أن يتفوق فى أى عمل بشرط أن يحبه، ويخلص فيه».