السبت 24 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصرخة تودع القراء وعودة «روزاليوسف»!

الصرخة تودع القراء وعودة «روزاليوسف»!

كان العدد رقم 53 من مجلة «الصرخة» الذى صدر يوم الأحد 16 أغسطس سنة 1931 هو العدد الأخير الذى تصدره السيدة روزاليوسف تمهيدًا واستعدادًا لعودة المجلة إلى الصدور.



جاءت افتتاحية العدد التى كتبها «د.سعيد عبده» بعنوان «تسليم وتسلم بين الصرخة وروزاليوسف» قال فيها ما يلى: حينما ينتقل الإنسان من بيت إلى بيت تتداول صدره عاطفتان، عاطفة الشجن الغامض على فراق بيته المألوف وساعاته الحلوة وأحلامه التى استحالت إلى ذكريات وعاطفة الأمل فى حياة البيت الجديد وعما تنجاب عنه هى الأخرى من ساعات وأحلام.

أما نحن فحينما نسلم الصرخة إلى صاحبها الأديب ونستأنف فى خلال الأسبوعين المقبلين أيامنا الماضية فى «روزاليوسف» فقد نحس بالشجن وقد نحس بالأمل، وقد نتلمس فى هذا التبديل بشرى من بشريات الخلاص، لكن مع ذلك تغطى على هذه العواطف كلها فى صدورنا عاطفة عميقة واحدة، عاطفة اللعنة صريحة ومكتومة على ذكريات هذا العام المشئوم!!

وتمضى افتتاحية د.سعيد عبده الزجال قائلة: تستأنف «روزاليوسف» حياتها فى خلال الأسبوعين المقبلين، ولطالما صودرت، ولطالما عُطلت، ولطالما نبشت لها القبور ولفت من حولها الأكفان، لكن «روزاليوسف» لم تمت، لأن الحق قد يخفق صوته زمنا ولكن هيهات أن يفنى ولأن الحرية قد توأد تحت الحجر والحديد ولكن هيهات أن تموت.

تستأنف «روزاليوسف»  حياتها الماضية خلال الأسبوعين المقبلين لترى مصر العزيزة وقد بخل نيلها السخى، وجف زرعها الأخضر وذهبت أموالها فى كل وجه إلا وجه العمل الصالح لإنقاذ أبنائها من مخالب الإفلاس والخراب.

تستأنف «روزاليوسف» حياتها الماضية لترى دستورًا غير الدستور، وبرلمانًا غير البرلمان، ونوابًا غير النواب، ولغة جديدة تتكلم بها القوانين، ولسانًا جديدًا يتفاهم به الحاكم والمحكوم.

تستأنف «روزاليوسف» حياتها الماضية فتطالع وجوهًا غير الوجوه التى عرفتها، وعيونًا غير العيون، وأفواهًا غير الأفواه، وجوهًا تعلوها غبرة الذل والفقر، وعيونًا جمدت فيها الدموع من مصابرة البؤس والضيق، وأفواهًا لم تعد تستطيع أن تهمس حتى بالشكاة لله!

وستزور «روزاليوسف» فى خلال الأسبوعين المقبلين ريف مصر وصعيدها وبدوها وحضرها، فتسأل الفلاح المصرى ماذا أفدت من عبقرية صاحب الدولة رئيس الوزراء - صدقى باشا - فى السياسة والاقتصاد وتسأل التاجر المصرى ماذا أجدى عليك نبوغ دولته فى السياسة والاقتصاد، وتسأل السياسى المصرى بماذا انتفعت من ذكاء دولته فى السياسة والاقتصاد وستسمع دائمًا نفس الجواب، تنهيدة طويلة وضحكة طويلة، وكلمة إشفاق من ألا يجد الرجل فى عامه المقبل ثمن الكفن الذى يدرج فيه إن مات من الجوع، ومن أن يموت الرجل قبل أن يرى توقيع صاحب الدولة على معاهدة الاتفاق بين المصريين والإنجليز ولو عاش عمر «نوح» ولو عمّر فى الأرض ما تعمر النسور!

وما آلمها من صدمة تستيقظ على صداها المحزن «روزاليوسف» وما أشده بعثًا فى هذا العالم الزاخر بألف آية من آيات البؤس والشقاء، ما أتعسه ميراثًا تتركه «الصرخة» لأختها فى بضعة شهور، ميراثًا لا حظ فيه إلا لرجال الإدارة وللشركات ولأصحاب الدولة والمعالى والوزراء بارك الله فيهم وزادهم نعمة على نعمة وفضلًا على فضل وذكاء على ذكاء!

ووداعًا «للصرخة» فى آخر أيامها معنا، ولعله وداع للعهد الحاضر كله، ولعله ودع للبؤس والتعاسة والشقاء.

انتهت الافتتاحية لكن ماذا كانت ظروف عودة مجلة «روزاليوسف»؟!

وللذكريات بقية!