الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معارك الوعى.. الفن «حائط صد» فى مواجهة الأفكار «المتشددة»

سميحة أيوب
سميحة أيوب

كان الفن ولا يزال أحد أهم أسلحة الدولة المصرية وقوتها الناعمة فى معركة «الوعى»، فالحروب تدور رحاها داخل العقول، ما استوجب عمل القوة الناعمة على زراعة الانتماء والتصدى للشائعات والأفكار المتطرفة، من خلال أعمال فنية شكلت وعى المواطن، مثل «الاختيار والممر وهجمة مرتدة» وصولًا لـ«الحشاشين»، حيث قدمت هذه الأعمال رسائل مهمة فضحت أكاذيب كان يتم الترويج لها، حيث تمنى عدد من صناع الفن الاستمرار فى تقديم هذه النوعية من الأعمال مع الاحتفاظ بجودة المحتوى حتى تكمل رسالتها فى تعزيز القيم الوطنية خاصة لدى الأجيال الجديدة.



 

 

قالت الفنانة الكبيرة وسيدة المسرح العربى سميحة أيوب: «أنا سعيدة بالأعمال الفنية التى قدمت فى السنوات الأخيرة، والتى تنتمى فعلًا لدراما بناء الوعى وهى الرسالة الأساسية التى قام عليها الفن، فمثلًا الأعمال التاريخية والوطنية اختفت منذ سنوات طويلة وحل محلها أعمال بعيدة عن طبيعتناـ واللغة العربية فيها اندثرت، ولا أقصد هنا لغة نشرة الأخبار، لكن اللغة البسيطة الخالية من العشوائية والسوقية فعندما كنت أشاهد مسلسلًا أو فيلمًا أجد فيه كلامًا ومصطلحات غريبة لا نعرف مصدرها»، متابعة: «فكرة الفن ليست التسلية وتضييع الوقت، فهو مثل العلاج الواقى من أى جهل وأتعجب جدًا من الذى يقول: إن الفن ليس مطلوبًا منه تعليم الناس أو تغيير سلوكهم، فالفن طول عمره رسالة ويعلم ما لم تقم به مدارس وجامعات».

 

 

وتابعت «أيوب»: «الشباب معزور لأنه خرج ولم يجد أعمالًا تعزز القيم الوطنية لذلك أنا سعيدة أن هناك أعمالًا ظهرت فى السنوات الأخيرة تؤكد فكرة الانتماء للوطن والتضحية من أجله وتوضح الثمن الذى يدفعه الأبطال حتى يحافظوا على استقراره مثل «الاختيار والممر والسرب»، ومسلسل «الحشاشين» الذى يعتبر من الأعمال العظيمة التى قدمت مؤخرًا، فنحن بحاجة لمثل هذه الأعمال حتى تزرع فى الشباب قيمًا افتقدناها فى أعمالنا الفنية والتى قد غلب عليها لغة غريبة لم نعتد عليها كما ذكرت،  فكيف ينتمى شاب أو طفل وهو لا يعرف شيئًا عن تاريخ بلده» .

 

 

الاستفادة من الفرص

ويرى السيناريست باهر دويدار صاحب ملحمة «الاختيار» أنه يجب على صناع الفن الاستفادة من الفرصة التى أتيحت فى السنوات الأخيرة وقادتها الشركة المتحدة لتقديم أعمال لتنمية الوعى وتعزيز قيم اختفت منذ سنوات، متمنيًا أن يكون هناك تنوع فى الأعمال التى يتم تقديمها بحيث لا تقتصر فقط على الدراما الحربية أو الأكشن وغيرهما فنحن بحاجة لأعمال تخاطب كل فئات المجتمع وتحمل قدرًا كبيرًا من الجودة بحيث لا تكون معتمدة فقط على المحتوى، مشيرًا إلى أن تقديم أعمال كبيرة تتبنى قضايا الوطن وتعزز قيمًا معينة يحتاج لخطة خمسية حتى نكمل ما بدأناه خلال السنوات الماضية.

 

 

وتابع: «كما نعلم أن المعركة التى تخوضها مصر فى السنوات الأخيرة هى فى الأساس معركة وعى والأجيال الجديدة التى تخرج للحياة كان هناك خطورة عليهم، خاصة أن حجم المعروض من الأعمال كبير وبعيد عن أى سيطرة، وأعتقد أن الأعمال التى تم تقديمها فى السنوات الأخيرة خلقت حالة من التوازن وعنصر صد، فالمعركة صعبة ومستمرة لذلك علينا أن نظل مهتمين بتقديم أعمال تتسم بالجودة» .

واستطرد: «الأعمال الفنية التى تحمل قيمة كسرت فكرة «الجمهور عايز كده»، حيث كان يتم تقديم أعمال دون المستوى وفقًا لهذا المبرر وفكرة الفن الذى يحمل رسالة هادفة ليست اختراعًا مصريًا، لكنها موجودة فى العالم كله حتى فى السينما الأمريكية التى تقوم أعمال كثيرة منها على الصبغة التجارية والمعيار فى نجاح العمل الفنى هو الجودة فمن الممكن أن نقدم متعة وتسلية وفى نفس الوقت نقدم محتوى جيدًا».

عفاف طبالة
عفاف طبالة

 

وشدد دويدار على أنه كان يراهن على وعى الجمهور فى نجاح الأعمال الوطنية التى قدمت فى السنوات الماضية مثل «الاختيار والممر» وغيرهما، مضيفًا: «الحمد لله الجمهور لم يخيب ظنى والحقيقة أن نجاح عمل مثل الاختيار السبب الرئيسى فيه هو الشهيد أحمد المنسى ورفاقه الذى ندين بفضل كبير لهم، وأتمنى أن أكمل ما بدأته، والحقيقه أنا أسير بخطة معينة وهى تقديم أعمال خلال العشر سنوات القادمة، يكون هدفها الجيل القادم من أولادنا لأنهم هم المستقبل، وليس بالضرورة أن تكون دراما حربية أو مخابراتية، وأتمنى أن أضع ولو لبنة بسيطة فى حائط الصد لمعركة الوعى».

وتتفق مع الرأى السابق الدكتورة عفاف طبالة المتخصصة فى أدب الطفل ورئيس قناة النيل للدراما الأسبق، حيث أشارت إلى أن الاهتمام بالنشء والشباب، أحد أهم الأولويات التى يجب الاهتمام بها فى الفترة الحالية، ليس فقط فى الأعمال الفنية التى تقدم على الشاشة، لكن أيضًا فى الكتب التى يتم إصدارها، وأن نعلم  الفئة التى نستهدفها الأطفال والشباب فأنا أتمنى أن تنتقى الدولة الأعمال والكتب التى توجه للجيل القادم وتدعمه بمشاركة المؤسسات المختلفة والقطاع الخاص فى مجال نشر كتب الأطفال.

باهر دويدار
باهر دويدار

 

من جانبها قالت الناقدة ماجدة خير الله: إن كم الأعمال التى تناولت دور الفن فى تعزيز القيم الوطنية ومكافحة الإرهاب قليلة، ولا تكفى ومن الضرورى محاربة الفكرة نفسها لأنها فى النهاية ستظل مستمرة، ولا تقل عن التفكير السلفى الذى يعارض أى إنجازات المجتمع، مشيرة إلى أن الفن يجب أن يكون أكثر انفتاحًا فنحن نقدم جميع أنماط المجتمع، ليس فقط الأنماط الجيدة والسلوك الحسن، لأن الإنسان يحمل فى داخله الخير والشر والانحراف والعودة إلى الطريق الصحيح، وهذا مذكور فى القرآن الكريم، بمعنى  أن الإنسان لديه هذه الاتجاهات.

وعن رأيها فى اتجاهات الدولة فى تعزيز الأعمال الوطنية قالت خيرالله: «من المفترض أن يكون الدور الوطنى من الجميع، ويجب علينا أن نذكر الناس بالإنجازات التى تحدث بشكل مستمر، وعلى الحكومة أن تدرك أن الفن والآداب سلاحان من المفترض استخدامهما بذكاء وبقدر من الحرية».