بعد حصولها على جائزة التفوق فى الآداب
د.عزة بدر: تقدير الدولة للكاتب حافز لمزيد من الإبداع
حوار - مروة مظلوم
قلم المرأة يقطر حبًا لكل ما تلامسه عيناها.. يقطر ألمًا ومعاناة ويقطر عشقًا للحياة. فلب المرأة لا ينضب مداده. حتى وإن تفاخر الرجال بأقلامهم الجريئة إلا أن حياء الأقلام النسائية لم يمنعها من منافستهم شعرًا ونثرًا وأدبًا. خاضت المرأة العربية منذ قرون خلت فى هذه المجالات فكانت لها قضايا عادلة لم تصفها أو تنصفها أقلام الرجال ولها لغة خاصة بها وبصمة أثرت بها المكتبة العربية. وتاريخ لا يقل عن تاريخ نوابغ العرب فى علم الكلام والسرد. فلم يكن غريبًا أن تتصدر اليوم المشهد واحدة من أهم الكاتبات المبدعات على الساحة الأدبية المصرية والعربية وهى د. عزة بدر التى حصلت مؤخرًا على جائزة الدولة للتفوق فى مجال الآداب عن مجمل أعمالها.. فكان لنا حوار معها نقلب فيه صفحات من حياتها الصحفية والأدبية.
■ فى البداية.. حدثينا عن نشأتك؟
أنا من مواليد شبرا عام 1961، كان والدى موظفًا فى الدولة، فكان ينتقل بطبيعة عمله من محافظة لأخرى حتى وصلنا إلى دمياط وحصلت على الثانوية العامة من هناك، أما دراستى بكلية الإعلام فكانت فى جامعة القاهرة ومنها حصلت على درجتى الماجستير والدكتوراه.
■ من كان له الأثر الأكبر فى اتجاهك للكتابة والشعر؟
والدى كان فنانًا تشكيليًا يعشق الرسم والألوان وزخرفة السجاد، حبه للفن ومساحات النقاش والحوار التى أوجدها بيننا حفزنى وأخى، فاتجهت للكتابة والشعر وأصبح أخى أستاذًا فى كلية الفنون الجميلة، أما أمى فحسها الفنى لامس كل ركن من أركان البيت حتى صار أشبه بمتحف فنى، فوضع اللبنة الأولى لشخصية كل منا منذ الصغر.
■ قصة، رواية، شعر.. ألم تكن مغامرة منك خوض مجال يستأثر به الرجال؟
غير صحيح، المرأة لها دور بارز فى صناعة الأدب على مر العصور ولكن لم يُسلط على عطائها الأدبى الضوء. الشاعرات العربيات مشهورات قبل وبعد الإسلام مثل الخنساء وزرقاء اليمامة وهند بنت عتبة، فى العصر الحديث كان لهن دور فى أدب الثورات والحركة الوطنية وقضايا المرأة مثل عائشة التيمورية، ومنهن من أجادت الكتابة العربية والتركية وترجموا من وإلى لغات أخرى مثل جليلة رضا. من المعاصرات الكاتبة فوزية مهران والكاتبة سعاد زهير وغيرهما ممن حملن شعلة الكتابة والتنوير.
■ وعلى الجانب الآخر، هل هناك شعراء رجال عبروا بكلماتهم عن مشاعر المرأة الحقيقية وقضاياها؟
نزار قبانى سار شعره فى اتجاهين: الأول تغزل فى المرأة ومفاتنها، والآخر عبر عن قضايا المرأة وإنصافها، إلا أن محمود درويش فى “سرير الغريبة” خطى خطوة متقدمة فى النظر إلى القضية الإنسانية للمرأة حيث التفت إلى الجانب الروحى للمرأة وكان ذلك شديد العذوبة. وقد أوضحت ذلك فى كتابى «محمود درويش وطن فى شاعر» إذ عقدت مقارنة بين ما كتب درويش عن المرأة وبين ما كتبه نزار قبانى عنها.
■ ضم كتابك «الحب فى الرواية العربية» العديد من المقارنات أيضًا.. حدثينا عنها؟
«الحب فى الرواية العربية» كان استرسالًا لرحلتى النقدية حيث ضم 26 دراسة لروايات الحب سواء كان الكاتب رجلًا أو امرأة، منها روايات لأحلام مستغانمى وفوزية مهران وزينب صادق، الكتاب صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
■ على ذكر الأقلام النسائية، أيهن كانت الأقرب لقلبك؟
أكثر من أثر فى نفسى فى مطلع حياتى هى الرومانسية الحالمة فى كتابات فدوى طوقان وقد حالفنى الحظ أن قابلتها فى مهرجان جرش عام 2001. فى القصة والرواية هناك أسماء لامعة مثل هالة البدرى وسلوى بكر وميرال الطحاوى ومى التلمساني.
■ العمل الصحفى لـ عزة بدر، هل أثقل الروائية والشاعرة فيك؟
نعم، عملى فى الصحافة بمجلة صباح الخير بعد تخرجى وأثناء الدراسة مهد لى لقاء عمالقة الكتاب فى أجيال مختلفة وبالطبع أثقل موهبتي، فقد حاورت نجيب محفوظ والتقيت يحيى حقى وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل وغيرهم. عملى الصحفى جعلنى أطلع على الحركة الأدبية منذ الستينيات وحتى اليوم. حصلت على درجة الماجستير فى الإعلام من جامعة القاهرة عام 1990، والدكتوراه فى الإعلام عام 1995.
■ ماذا عن قصص نجيب محفوظ المجهولة؟
عملى الصحفى ودراستى للمجلات الأدبية جعلنى أصل إلى قصص نجيب محفوظ المجهولة التى أهملها النقاد، قدمت قراءة لقصصه المجهولة التى لم تُجمع ولم تُنشر ضمن مؤلفاته المطبوعة. بعض القصص التى كتبها فى أربعينيات القرن الماضى ونشرتها فى كتابى «قصص نجيب محفوظ المجهولة - سحر المنابع الأولى».
■ لديك شغف بدراسة تاريخ الصحافة والإعلام واقتفاء الأثر الأدبي.. من أين بدأ؟
نعم، اهتممت بالالتحاق بمدرسة المتحف المصرى القديم للكبار والتى أشرف عليها د. زاهى حواس. ساعدنى ذلك على إنجاز مشروعات ثقافية خاصة بى تضمنت مجموعة من الدراسات والمقالات عن المكان، صدر لى «القاهرة الساحرة» و«رمضان الذى نعشقه» الذى نشر لى فى كتاب الجمهورية.
■..حدثينا عن أدب الرحلات فى كتاباتك؟
صدر لى كتاب «أم الدنيا- صورة قلمية للقاهرة والناس»، وقد حصلت عنه على جائزة الدولة التشجيعية عن أدب الرحلات عام 2002، وكتاب «القاهرة الساحرة»، وكتاب «رحلات بنت قطقوطة» الذى ضم رحلاتى خارج مصر.
■ سبق وأن فزت بجائزة الدولة التشجيعية عام 2002، فماذا كان وقع خبر حصولك على جائزة التفوق هذا العام؟
سعيدة لأنها تكريم من الدولة عن مجمل أعمالى فلها طابع خاص، تكريم الدولة لأبنائها حافز يدفعهم لمزيد من الإبداع. أسعى جاهدة لتطوير ما أقدمه فى كتاباتى وأحمل فى قلبى كل الشكر والتقدير للنخبة التى رشحتنى للجائزة.