الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العقاد وروزاليوسف وصدقى باشا!

العقاد وروزاليوسف وصدقى باشا!

الشاطر «أبوالسباع» هو اللقب الذى أطلقته السيدة روزاليوسف على إسماعيل صدقى باشا رئيس  الحكومة.



وتعترف السيدة روزاليوسف فى ذكرياتها الصحفية قائلة: بلغ « صدقى باشا» أوج مجده فى السير بنظامه الجديد بعد أن عادت الحياة النيابية طبقًا لأصول الدستور المعدل - دستور سنة 1930 - كما أن صحف المعارضة انتهت إلى أقصى مدى فى المعارضة!

أما خطتى فى المعارضة فكانت ترمى إلى تصوير صدقى باشا فى صورة الرجل  الجبار المخيف، وكنت أحاول جهدى ألا أخلع عليه مسوح البهلوان وألا ألبسه طرطور المهرج خشية أن تبعث أعماله فكاهة الناس فحسب بدل أن تثير غضبهم واشمئزازهم، وقد راعيت ذلك بقدر المستطاع، وفى نطاق أسلوب مجلتى وهو أسلوب لحمته الفكاهة اللاذعة، الفكاهة التى لا يملك الإنسان سواها أحيانًا ليقابل بها استبداد المستبدين!

وتضيف روزاليوسف: حكى لى الأستاذ الكبير «عباس محمود العقاد» يومًا أنه سمع المرحوم «سعد زغلول» يقول عن «أحمد زيور باشا»، وذلك أيام كان «زيور»، متربعًا بجسمه الكبير فى دست الوزارة يحمل فى إحدى يديه مقاليد الحكم، وفى الأخرى مقرعة البلهوان سمعه يقول عنه: إن زيور باشا فى الوزارة أخطر من  المرحوم «عبدالخالق ثروت باشا» ومن هم على شاكلته من رجال الجد، لأن زيور باشا بما هو عليه من طباع وأفعال تثير الضحك، لا يبعث بأعماله فى الوزارة غضب المصريين بل يزكى فيهم ملكة الفكاهة، كما أنه يقلب جلائل الأمور إلى تفاهات يحلو فيها المزاح والناس لا يكرهون المزاح!!

وأضيف على هذا - ما زال الكلام على لسان روزاليوسف - إن المصريين خاصة قد ألفوا منذ القدم بحكم ما لاقوا من عنف المستبدين وظلم الظالمين أن يقابلوا ظلم الحكام بألذع الفكاهات وأفحش السخرية، هذا والخطر الداهم فى أن يقبل الناس على يدى الحاكم البهلوان ما لا يقبلونه من الرجل الجبار الخطير الشأن!

وصدقى باشا فى صميمه رجل قادر نابغ كله خطر وكله جد وعبوس، ولولا أن الطبيعة مسحت وجهه بكثير من الظرف وزودته بتشكيلة غنية من الابتسامات الوادعة لاستوى له منظر مخيف!

ومما هو جدير بالتأمل أن بدت ظاهرة جديدة فى الصحف المعارضة بعد أن استقر «صدقى باشا» بكامل جرمه فى كرسى الوزارة، بدأت هذه الصحف تعنى بما يجرى فى البرلمان، وأخذت تعلق على أهم ما يجرى فيه، بعد أن مضى وقت أمسكت فيه مجتمعة عن الإشارة إلى هذا البرلمان إغفالًا لأمره وانكارًا لذاته!

كذلك بدت أمارات الاهتمام بما يقوم به صدقى باشا فى ميدان الاقتصاد، وذلك من جانب المزارعين وأصحاب العقار، والواقع الذى لا شك فيه أن «صدقى باشا» وفق بعض التوفيق فى رفع غائلة الكارثة الاقتصادية بواسطة بنك التسليف الزراعى وبغيره من الوسائل أثر فى تحسين الحال، وهذا ولما يمضى على تسلمه زمام الحكم وفرضه النظام الجديد أكثر من عامين!

أما الطلبة فقد أخلدوا إلى السكينة بعد أن أصدر «صدقى باشا» قانونه المعروف الذى يقضى على الطالب الذى يضرب أو يفصل من المدرسة لإثارة الشغب والغوغاء أن يعيد دفع المصاريف من جديد إذا أراد أن يستأنف الدراسة! وهذا قانون عجيب من حيث مبناه وأغراضه وكأن بمصدره عرف من أين تؤكل الكتف وتعض الأنوف فى ذلك الوقت الذى كان يمشى فيه «القرش الأبيض» وليس الجنيه مختالًا يقابله الناس، ولا سيما الفلاحون برفع اليد بالسلام الميري».

وللذكريات بقية